شعر بعض مناضلي اليسار بالغبن وهم يرون جماعة العدل والإحسان تركب المسيرة التي دعت إليها مكونات يسارية للمطالبة بإطلاق سراح معتقلي أحداث الحسيمة، وتبين منذ الصباح الباكر أن الجماعة تسعى للهيمنة على المشهد، حيث شرعت قناة الشاهد التابعة لها ببث مباشر على صفحتها بفيسبوك لوقائع المسيرة، مركزة على "الإخوان والأخوات"، مستبعدة تصوير مناضلات اليسار بل لم تول اهتماما حتى لعائلات المعتقلين.
وكانت بعض التنظيمات اليسارية "الميكروسكوبية" وعائلات معتقلي أحداث الحسيمة، دعت إلى تنظيم مسيرة بالرباط للمطالبة بإطلاق سراحهم، رغم ثبوت جرائم التخريب والتآمر في حقهم، لكن ما وقع اليوم في الرباط مضحك للغاية، فالداعون للمسيرة وجدوا أنفسهم كالطفل الذي اختطفوا لعبته، حيث جاءت الجماعة وسيطرت على المشهد من أوله لآخره، لاغية كل دعوات التعاون السابقة.
رسالة الجماعة اليوم كانت واضحة لكل القوى السياسية والحقوقية، التي ما زالت تؤمن بأن العدل والإحسان جماعة ديمقراطية، حيث وجهت رسالة مفادها أنها القوة الوحيدة في المشهد السياسي وعلى الباقي أن يتبعها وإلا سوف تبتلعه، حيث لم تترك هامشا ولو صغيرا لباقي التنظيمات للتعبير في الشارع، بل غلفت المسيرة بلباسها بإخوانها وأخواتها وشعاراتها.
ووجهت الجماعة التصريحات للإعلام وفرضت من يدلي بالحديث هنا ومن يتكلم هناك، وبشكل حديدي أخرست الجميع، وتراجع إلى الخلف كل من تنظيمات اليسار وعائلات المعتقلين، وبقيت العدل والإحسان تستعرض عضلاتها في الشارع العام، وهي التي لم تكن لا في العير ولا في النفير ولا علاقة لها بأحداث الحسيمة ولا بالمعتقلين، غير أنها وجدتها فرصة مواتية لتقول إنها موجودة في المشهد السياسي وينبغي أن يحسب لها الجميع ألف حساب.
الجماعة غير معنية بمن هو معتقل ولا يهمها أن يتم إطلاق سراحه ولا يهمها أن يتم تنفيذ بعض المشاريع في الحسيمة ونواحيها، ولكن يهمها أن يبقى الشارع متوترا وتعم الفوضى حيث يتسنى لها في مثل هاته الأجواء ممارسة هوايتها في الخروج للشارع واستعراض ما تملك من مقومات جسدية لأبنائها وبناتها وأن عددها في تزايد لا تناقص.
خلفت ممارسات الجماعة صباح اليوم استياء الجميع بمن فيهم من يظنون أنفسهم شركاءها من اليسار وخصوصا حزب النهج الديمقراطي، إذ رفضت التنسيق مع أي جهة وفرضت شعاراتها ومسار المسيرة وتوقفها ونهايتها ولم يكن للآخرين أي دخل في ذلك، وبالكاد سمحوا لعبد الحميد أمين بالظهور في مقدمة المسيرة.
لا يوجد كلمات دلالية لهذا الموضوع