حل أزمة المناخ..عملية خفية في أعماق الأرض تبتلع كمية كبيرة من الكربون

لدينا حاليا فهم جيد نسبيا للخزانات السطحية للكربون والتدفقات بينها، لكننا نعرف القليل عن مخازن الكربون الداخلية للأرض، والتي تعمل على إعادة تدوير الكربون على مدى ملايين السنين.

توصل فريق من الباحثين من جامعة كامبردج (Cambridge University) وجامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة (NTU Singapore) إلى أن الأرض تبتلع المزيد من الكربون من غلافها الجوي أكثر مما اعتقد العلماء سابقا.

وقد يغير هذا الاكتشاف بعض المعادلات والتوازنات حول توقعاتنا لتغير المناخ، ولكن هذا لا يعني أنه يمكننا أن نتنفس الصعداء بخصوص مسألة الاحترار العالمي.

وأظهرت الدراسة الجديدة المنشورة في دورية “نيتشر كوميونيكيشنز” (Nature Communications) في 14 يوليو الجاري أن الاصطدامات البطيئة للصفائح التكتونية تسحب المزيد من الكربون إلى باطن الأرض على عكس ما كان يُعتقد سابقا بأنه يعود إلى السطح غالبا.

وتشير نتائج الدراسة إلى أن نحو ثلث الكربون المعاد تدويره تحت السلاسل البركانية يعود إلى السطح عبر إعادة التدوير، وأن الكربون المسحوب إلى باطن الأرض في مناطق الاندساس التي تصطدم بها الصفائح التكتونية وتغوص في باطن الأرض يميل إلى البقاء بعيدا عن العمق بدلا من الظهور في شكل انبعاثات بركانية.

دورة الكربون العميقة

ودورة الكربون العميقة هي حركة الكربون عبر غلاف الأرض ونواتها، وترتبط ارتباطا وثيقا بحركة الكربون على سطح الأرض وفي الغلاف الجوي.

وبدون الوصول إلى عمق الأرض يتراكم الكربون في الغلاف الجوي ليصل إلى تركيز عال للغاية على مدى فترات زمنية طويلة، ومن خلال عملية إعادة الكربون إلى أعماق الأرض فإنها تلعب دورا مهما في الحفاظ على الظروف الأرضية اللازمة لوجود الحياة.

وتظهر الدراسات حول تكوين الصهارة البازلتية وتدفق ثاني أكسيد الكربون البركاني أن محتوى الكربون في الوشاح (طبقة داخل جسم كوكبي يحده من الأسفل نواة وفوقها قشرة) أكبر ألف مرة من محتوى الكربون على سطح الأرض.

وتشير بعض الأدلة التي يأتي الكثير منها من المحاكاة المختبرية لظروف التربة العميقة إلى الآلية التي تتحرك بها العناصر إلى القاع، وأعطت تقنيات مثل علم الزلازل الناس فهما أعمق للكربون المحتمل في قلب الأرض.

ونظرا لأن مخازن الكربون العميقة هي المكان الذي يوجد فيه معظم الكربون الموجود على كوكبنا فإن معرفة المزيد عن كيفية عمل هذه المخازن وتطورها سيساعدنا في اكتشاف التأثيرات غير المباشرة لثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وإمكانية العيش بأمان على سطح الأرض.

نتائج مهمة

وأجرى الفريق البحثي سلسلة من التجارب في المرفق الأوروبي للإشعاع السنكروتروني “إي إس آر إف” (ESRF)، ويمكن للمنشأة قياس تركيزات منخفضة جدا من هذه المعادن في ظروف الضغط العالي، كما تستطيع قياس كمية العناصر في صخور الكربونات بدقة حتى لو كان لها نفس التركيب الكيميائي.

وكان أعضاء الفريق يبحثون في استخدام طرق التقاط الكربون، والتي تنقل ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي إلى التخزين في الصخور والمحيطات، وتدعم نتائجهم الأدلة المتزايدة على أن صخور الكربونات التي لها نفس التركيب الكيميائي مثل الطباشير تصبح أقل غنى بالكالسيوم وأكثر غنى بالمغنيسيوم عند توجيهها أعمق في الوشاح.

ويجعل هذا التحول الكيميائي الكربونات أقل قابلية للذوبان، مما يعني أنها لا تنجذب إلى السوائل التي تزود البراكين، وبدلا من ذلك تغوص أغلبية الكربونات في عمق الوشاح حيث قد تصبح في النهاية ماسا.

هذه النتائج مهمة لفهم دور تكوين الكربونات في نظامنا المناخي بشكل عام، وقال المؤلف المشارك سيمون ريدفيرن عميد كلية العلوم في جامعة نانيانغ التكنولوجية بسنغافورة في بيان صحفي صادر عن جامعة كامبردج إن “نتائجنا تظهر أن هذه المعادن مستقرة للغاية، ويمكنها بالتأكيد حجز (ثاني أكسيد الكربون) من الغلاف الجوي إلى أشكال معدنية صلبة يمكن أن تؤدي إلى انبعاثات سلبية”.

حل أزمة المناخ

وأشار ريدفيرن إلى أن “هذه النتائج ستساعدنا أيضا على فهم طرق أفضل لحبس الكربون في الأرض الصلبة خارج الغلاف الجوي، وإذا تمكنا من تسريع هذه العملية أكثر مما تتعامل معه الطبيعة فقد نجد طريقا للمساعدة في حل أزمة المناخ”.

وفي نفس البيان قال المؤلف الرئيسي ستيفان فارسانغ -وهو طالب دكتوراه في قسم علوم الأرض بجامعة كامبردج- إن “لدينا حاليا فهما جيدا نسبيا للخزانات السطحية للكربون والتدفقات بينها، لكننا نعرف القليل عن مخازن الكربون الداخلية للأرض، والتي تعمل على إعادة تدوير الكربون على مدى ملايين السنين”.

وأضاف فارسانغ “لا يزال هناك الكثير من البحث الذي يتعين القيام به في هذا المجال، وفي المستقبل نهدف إلى تحسين تقديراتنا من خلال دراسة قابلية ذوبان الكربونات في درجات حرارة أوسع، ونطاق ضغط وفي العديد من تركيبات السوائل”.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar