لبنان .. انتكاسات متتالية تدخل البلاد منعطفا سياسيا خطيرا

انتكاسات متتالية ومآسي كثيرة يعيشها اللبنانيون ، في ظل أسوأ أزمات سياسية واقتصادية وأمنية مرت بها البلاد منذ عقود ، بسبب فراغ حكومي ، وخلافات سياسية وتراجع الدولة عن تأمين الخدمات الأساسية ، وهو ما أدخل لبنان في منعطف سياسي خطير يصعب التكهن بما سيؤول إليه في المستقبل. وزاد من حدة التوترات السياسية والانهيار الاقتصادي والمعيشي ، أزمة الوقود التي تسببت في كارثة جديدة بعدما انفجر أمس ، خزان وقود شمال لبنان ، ما أدى إلى سقوط 28 قتيلا على الأقل ، وإصابة نحو 100 شخص بحروق بالغة.

 

وأدت هذه الكارثة إلى زيادة الضغط على المستشفيات التي حذرت من أن نقص الوقود قد يجبرها على الإغلاق في الأيام المقبلة إلى جانب ضعف الإمدادات الطبية.

وأثار قرار مصرف لبنان رفع الدعم ، جدلا واسعا في البلاد ، وأدى إلى سلسلة من الاحتجاجات عبر قطع الطرقات واعتبره مسؤولون لبنانيون مخالفا للقانون ، لكن المصرف أصدر بيانا أعلن فيه أنه “دفع ما يفوق 800 مليون دولار للمحروقات في يوليوز الماضي”، وأن هذه المواد لا تزال “مفقودة من السوق ، وتباع بأسعار تفوق قيمتها”.

وكانت بوادر أزمة الوقود قد لاحت قبل أسابيع بسبب عدم فتح خطوط ائتمان لاستيراده في ضوء شح الدولار في البلاد وتراجع احتياطي المصرف المركزي في وقت تتجاوز فيه قيمة دعم الوقود 3 مليارات دولار سنويا في وقت يعاني فيه لبنان من أزمات مالية واقتصادية غير مسبوقة.

وأزمة الوقود جزء من انهيار مالي أوسع في لبنان ، وقد بلغت مرحلة بالغة السوء مع اضطرار المستشفيات والمخابز وكثير من الأنشطة التجارية لتقليص أعمالها أو حتى الاغلاق التام في ظل النقص الحاد في مادة الوقود.

وأمام الفوضى المخيمة خلال اليومين الماضيين ، تدخل الجيش اللبناني لفتح محطات الوقود المغلقة ومصادرة المحروقات المخزنة، وبينها الصهريج الذي انفجر أمس.

ووسط غليان الشارع على وقع تفاقم الأزمات ، تعزز الانقسام بين القوى السياسية التي أجمعت على ضرورة ملء الفراغ في السلطة التنفيذية لوضع الأمور على سكة المعالجة ، واتخذ الملف جانبا دستوريا ، في ضوء الخلاف بين رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء على انعقاد جلسة للحكومة المستقيلة ، كان رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب رفض انعقادها ، وانتقده “التيار الوطني الحر”.

ووفق محللين لبنانيين ، في ظل حالة “فوضى الفراغ “، التي شهدت خلال الساعات الماضية تجدد النزاع الدستوري داخل السلطة التنفيذية حول دستورية انعقاد مجلس وزراء في ظل حكومة تصريف الأعمال ، فان البلد بحاجة لحكومة تعيد لملمة الواقع المختل ، لتخفف من حدة الانقسامات والخلافات من خلال جلوس القوى السياسية إلى طاولة مجلس وزراء واحدة، وهذا مرتبط بطبيعة لبنان الذي اعتاد اجراء الانتخابات، بعد العام 2005، على وقع التسويات.

واستنادا إلى تقرير نشره مرصد الأزمة في الجامعة الأمريكية في لبنان ، فإن الأسوأ لم يأت بعد ، وأن لبنان على شفا انهيار شامل لن يطال الاقتصاد وحده . ويشير التقرير إلى أن السبب الرئيسي للأزمة هو عدم وجود سياسة متكاملة لمواجهة الأزمة الاقتصادية ، إلى جانب غياب الإرادة السياسية الحقيقية للحل والمواجهة.

وتراجع احتياطي الدولار في مصرف لبنان من 32 مليار دولار مع بدء الأزمة إلى ما بين 14 و15 مليار دولار، وفق أرقام صادرة عن مسؤولين.

ويعاني لبنان منذ صيف 2019 من تدهور اقتصادي هو الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر بحسب البنك الدولي ، وبات أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر ، في حين فقدت الليرة البنانية أكثر من 90 في المائة من قيمتها أمام الدولار.

وعلى الرغم من الانهيار الاقتصادي المتواصل ، لم تتمكن القوى السياسية اللبنانية من تشكيل حكومة منذ استقالة حكومة حسان دياب في غشت الماضي إثر انفجار مرفأ بيروت. وبعد تسعة أشهر من تعيينه ، اعتذر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري شهر يوليوز الماضي عن عدم تشكيل حكومة جديدة جراء الخلافات السياسة الحادة. وفشلت حتى الآن ، كل الضغوط الدولية لا سيما الفرنسية ، في تبديد الخلافات السياسية الحادة ودفع الأطراف إلى التوافق على صيغة حكومية.

ويحمل اللبنانيون الطبقة الحاكمة مسؤولية الإنهيار الاقتصادي والأزمات المتتالية التي نجمت عنه وعلى رأسها انفجار مرفأ بيروت الذي خلف خسائر في الأرواح ودمارا كاملا لمناطق مهمة في العاصمة بيروت ، والذي تبين أنه ناتج عن احتراق كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم مخزنة لسبع سنوات في المرفأ بعلم مسؤولين سياسيين وأمنيين وعسكريين عديدين ، إلا أنهم لم يحركوا ساكنا.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar