قصة علي غديري..من جنرال يحلم برئاسة الجزائر إلى غياهب السجن

من جنرال متقاعد طامع في رئاسة الجمهورية الجزائرية  إلى مجرد سجين “يستجدي” السلطات القضائية في بلاده من أجل معالجة ملفه بطريقة عادلة..

 

هذه هي قصة الجنرال المتقاعد، علي غديري،  الذي سيمثل غدا الأربعاء أمام محكمة الجنايات لدى مجلس قضاء العاصمة الجزائرية، بعد أزيد من عامين قضاهما في الحبس المؤقت.

وعادت قضية الجنرال التقاعد ومدير الموارد البشرية في وزارة الدفاع الجزائرية لتطفو إلى السطح مجددا، في وقت أكدت فيه وسائل إعلام محلية أن القضاء الجزائري قرر أخيرا النظر في ملفه غدا الأربعاء.

وتم إيداع الجنرال غديري، المترشح لرئاسيات أبريل 2019 المُلغاة،  الحبس المؤقت شهر يونيو 2019 بعدما وجهت له تهمة  “المساهمة في وقت السلم في مشروع لإحباط الروح المعنوية للجيش”، في حين كانت غرفة الاتهام لدى مجلس قضاء العاصمة قد أسقطت عنه تهمة “الخيانة”.

وأثارت قضية الجنرال غديري تساؤلات عديدة في الساحة السياسية وحتى على مستوى القضاء بالنظر إلى طول المدة التي قضاها في الحبس المؤقت، خاصة وأن القضاء الجزائري سبق له معالجة ملفات أخرى تتعلق بشخصيات عسكرية أخرى بدت الاتهامات الموجهة إليها أثقل من تلك التي توبع لأجلها علي غديري، كما هو الأمر بالنسبة لقضية “التآمر على  الدولة”.

وفي شهر مارس الماضي راسل محامي اللواء المتقاعد علي غديري الرئيس عبد المجيد تبون، وتساءل عن خلفيات التأخير المتواصل لمحاكمة موكله أمام الجهات القضائية.

وأكد المحامي، يزيد ريبوح، وقتها، أن “موكله يتواجد في الحبس المؤقت منذ 655 يوما ويبقى ينتظر إحالة ملفه على العدالة”.

وأضاف المصدر ذاته بأن “قرار المحكمة العليا الصادر يوم 16 ديسمبر 2020 أكد عدم وجود أي عنصر في ملفه من شأنه إضعاف معنويات الجيش”، وهو القرار الذي نقضته غرفة الاتهام لدى مجلس قضاء العاصمة، قبل أن يتقرر تحويله على محكمة الجنايات بنفس التهمة.

غديري وقايد صالح.. بداية الصراع

وطفا اسم الجنرال غديري إلى المشهد السياسي في الجزائر، لأول مرة، بداية من سنة 2018، عندما أبدى رغبته في الترشح للانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في أبريل 2019، وذلك بعد سنوات عديدة قضاها في المؤسسة العسكرية تقلد خلالها العديد من المسؤوليات، كان آخرها منصب مدير الموارد البشرية بوزارة الدفاع الجزائرية.

وقد تزامن تقاعده عام 2015 مع أوضاع سياسية استثنائية بالبلاد، خاصة بعد تعقد الوضعية الصحية للرئيس عبد العزيز بوتفيلقة وحدوث تغييرات كبيرة على مستوى القيادة العسكرية انتهت بعزل الجنرال محمد مدين (المعروف باسم توفيق) من على رأس جهاز المخابرات وصعود نجم قائد الأركان السابق أحمد قايد صالح الذي أصبح نائبا لوزير الدفاع.

وقبل موعد رئاسيات أبريل 2019 بأشهر قليلة، انتهز  غديري المكانة التي أصبح يحتلها زمليه السابق في مؤسسة الجيش، الفريق أحمد قايد صالح ليطالبه عبر رسالة وجهها له عن طريق الإعلام، بضرورة التدخل لـ “إنقاذ الجزائر من عصبة حاكمة تريد الاستحواذ على الوطن و خيراته من خلال تجديد العهدة الرئاسية لعبد العزيز بوتفليقة”.

لكن هذه الرسالة كان لها صدى سلبي داخل قيادة المؤسسة العسكرية، حيث اعتبرها أحمد قايد صالح “محاولة لجر الجيش للتدخل في الحياة السياسية”.

بعدها بأيام أصدرت وزارة الدفاع  بيانا أمرت من خلاله متقاعدي الجيش بـ “التحلي بالتحفظ التام وعدم الزج بالجيش في المسائل السياسية”. كما اتهمت الوزارة هؤلاء الضباط المتقاعدين بـ”العمل من أجل أجندات خاصة وهدّدتهم باستعمال قوة القانون لردعهم”.

الحراك.. والطريق إلى السجن

ظل التوتر قائما بين أحمد قايد صالح  وعلي غديري، خاصة عندما أصر الأخير على الترشح في الانتخابات الرئاسية لشهر أبريل 2019 ومنافسة الرئيس المترشح وقتها، عبد العزيز بوتفيلقة.

لكن الحراك الشعبي الذي انطلق شهر فبراير 2019 أبطل مشروع الرئاسيات المذكورة وأجبر بوتفليقة على التنحي من الحكم بأمر مباشر من قيادة الجيش، تنفيذا للمادة 102 من الدستور التي تنص على حالة الشغور في منصب رئيس الجمهورية بسبب العجز الصحي.

هذا الإجراء ساهم في تعزيز وتقوية نفوذ قائد أركان الجيش الجزائري، وقتها، أحمد قايد صالح، فأصبح هو الحاكم الفعلي وأمر بفتح العديد من الملفات القضائية المتعلقة بالفساد المالي والإداري، وفي عهده أيضا تمت محاكمة العديد من الضباط النافذين في المؤسسة العسكرية، كان من بينهم اللواء المتقاعد علي غديري الذي حلم برئاسة الجزائر.. فوجد نفسه في السجن.

عن موقع “اصوات مغاربية” بتصرف

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar