الفضائح الجنسية داخل الإسلام السياسي … لماذا تتكرر بهذا الشكل … ؟

الجنس هو الغريزة الوحيدة التي لا يمكنك قمعها والسيطرة عليها، لا بالأحكام  النصوص الدينية، ولا بالمفاهيم الأخلاقية، ولا بالأعراف والتقاليد، وأية محاولة فعلية لقمعها وإغراقها تحت كل الترسبات التي تنتجها هاته المفاهيم، سوف تنتهي بعودة هذه الغريزة للسطح بكل قوتها، لتنفجر في وجهك ووجه من يحيطون بك بأبشع الأشكال وأكثرها كارثية، قد يكون أدناها تعبيرا عن التأثير السلبي لهذا القمع هو ظاهرة التحرش الجنسي المقرفة التي تعاني منها مجتمعاتنا بشكل فظيع، وأكثرها تعبيرا قد يكون هو هاته الحالات السيكوباثية المريعة التي تخرج للعلن بشكل صادم بين فترة زمنية وأخرى مثل قضية المهووس توفيق بوعشرين، أو قضية كوميسير الإستعلامات العامة ثابت.

 ولعل جزءا كبيرا من الشكوك التي تحوم حول هاته القضية بالتحديد، وخارج المعركة الإيديولوجية المعروفة، راجع بالتحديد إلى الصدمة الكبيرة التي أثارتها التفاصيل الغريبة التي تسربت من الفيديوهات المعروضة حاليا على أنظار المحكمة، ففي بداية إنفجار القصة قبل ثلاثة أشهر ورغم الهزة التي خلفها خروج الخبر للعلن، كان الجميع يتوقع حتى في حالة صحة الفيديوهات، أن يتعلق الأمر بعلاقات جنسية طبيعية كالتي يعرفها جل المغاربة، لكن ظهور تفاصيل الإستيهامات الجنسية الغريبة للمتهم بهذا الشكل وخروجها للعلن، قد أثار موجة كبيرة من الإستهجان السلبي، الذي تحول عند شريحة كبيرة من المتابعين إلى إنكار هستيري، يمكن تفسيره بكون تفاصيل القصة الحقيقية التي خرجت للعلن، تعتبر شاذة جدا ومنافية للطبيعة بالنسبة للوعي الجمعي العام، بل لعلها لا تظهر حتى في مخيال الإستيهامات الجنسية، إلا لدى قلة قليلة جدا من الناس، الذين يحرصون هم أيضا على عدم ظهورها على أرض الواقع، وهذا راجع بالدرجة الأولى إلى الثقافة العامة السائدة وسط المجتمع في ما يخص الجنس، والتي تتفق على صورة شبه طبيعية للعملية الجنسية بين الرجل والمرأة، وما ينبغي أن تكون عليه، وأي خروج عن إطار هذا التصور، يعتبر بالضرورة شذوذا وغرابة مستهجنة، يتفق غالبية الناس على رفضها.

وتكرار ظاهرة هذه الفضائح الجنسية المشينة في الوسط الإجتماعي والإعلامي والفكري والسياسي المتحرك داخل نسق الإسلام السياسي (قضية طارق رمضان، قضية الشيخ والشيخة في حركة التوحيد والإصلاح، الشائعات المحيطة بمقتل وزير بشكل غريب مسحوقا تحت عجلات قطار، الإشاعات حول الوزير والنائبة البرلمانية، إشاعات حول جرائم البيدوفيليا فيما يخص الوزير المعروف، القضايا المتعددة في جماعة العدل والإحسان، بل حتى في قيادتها … )، أقول هذا التكرار يمكن تفسيره بكم الضغوطات الهائلة التي تمارس على غريزة الجنس داخل المجال الفكري والدعوي والأخلاقي في هذه الجماعات، حيث يعتبر الجنس بكل تمظهراته، حتى تلك الصغيرة والتافهة منها التي قد تحصل بشكل عرضي، عدوا قائما بذاته، يجب التربص به والحذر منه، وتوقع حضوره في أية لحظة مهما بدت بسيطة، وبالتالي يصبح الإنسان في حرب حقيقية دائمة ومفتوحة مع هذا العدو الذي يجهل عنه هو كل شيء، بينما يشكل العدو جزءا أساسيا وحيويا من البنية النفسية والفيزيولوجية للإنسان، والنتيجة في هذه الحالة تكون حتما حالة مركبة من الكبت السلبي والعنف المتربص المتغلغل وسط شخصية الإنسان، وما إن تتوفر الظروف المواتية لهذا الشخص الذي يضطهد نفسه بإستمرار وبشكل مناف للمنطق، حتى تنفجر مكبوتاته المرعبة والمترسبة طيلة فترة وعيه في نفسية تعيش حالة دائمة من الفصام على المستوى الغريزي، حيث يتجمد الفكر المنطقي الذي يمكنه أن يسيطر على الغريزة، وفي حالات كثير من هذه الإنفجارات، تكون الصورة الكبرى مشابهة جدا لما يحصل حاليا مع قضية بوعشرين، حالة متواصلة من الشكوك والإنكار الهستيري الذي يتنافى مع أبسط اشكال المنطق مصحوبة بكم هائل من الجدال السخيف، لأن هذه الصورة على غرابتها وشذوذها الصادمين للوهلة الأولى، تبقى مفهومة تماما بدرجة بديهية حتى، لو تمت قراءتها في إطارها المنطقي الصحيح، بتجرد و بدون عواطف، وأعني بذلك قراءة في إطار علم النفس وعلم الإجتماع.

لو أردنا أخذ الرؤية الشاملة بعين الإعتبار، فهذه الفضائح المشينة هي مجرد ردود أفعال طبيعية من أناس تم وضع جزء أساسي من نفسيتهم ووعيهم كبشر، تحت كم ضخم وثقيل من الضغوطات المنافية للمنطق وللفطرة السليمة، ومن الطبيعي جدا أن يكون رد الفعل بهذا الشكل الصادم من العنف والغرابة.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar