المفكر المغربي إدريس هاني يكتب عن خيانة السعودية للمغرب في المونديال

سنوات والمغرب يكدح لاستقبال مونديال 2026م، وقد فشل مرات عديدة لكنه هذه المرة لم يفشل فقط بل أصيب بخيبة أمل وإحساس شعبي واسع بالخيانة، بعد ان كان محمّلا بأمل أن يستقبل المونديال حيث كان ميل رئيس الفيفا إلى أن تحظى دولة ثالثية بهذا الاستقبال باعتباره يساهم في التنمية وأيضا لتمكين أفريقيا من هذا الامتياز..

نجاح المغرب فيما لو تمّ كان سيكون مكسبا هامّا للعرب، فما الذي جعل بعض الأشقاء العرب يصوتون ضدّ المغرب، إلا إذا فهمنا أن الأمر له علاقة بسياسة ثأرية تتجاوز مبدأ التضامن العربي..

اليوم يتلقى المغرب إهانة من حليفه الكبير..فالمغرب في نظر الرياض يجب أن لا يخطئ ولا يكون له قرار مستقل وسيادة، أحيانا ينسون أنّهم يتعاملون مع بلد عريق في التّاريخ والجغرافيا..قد يكون ذلك مهماّ جدّا لأنّ الأمر لا يتعلق بخيانة الأشقاء العرب، فالذي خان المغرب هم حلفاؤه الخليجيون، بينما الأشقاء العرب الحقيقيون صوتوا للمغرب..سيكون من المفارقة أنّ الرياض والامارات والبحرين والكويت و20 دولة حرضتها الرياض للتصويت ضد المغرب، هؤلاء الذين كان بعض أفراس النّهر من المتملّقين من الصحافة الصفراء في بلادنا يكررون عبارة أنهم حلفاؤنا الاستراتيجيون، هم من تآمر وخان وأهان..

ساهم المغرب في إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية لبعض من تلك الدول وخاض حربا لا ناقة له فيها ولا جمل ضدّ اليمن وساهم في تحرير الكويت من احتلال صدّام ضمن التحالف العربي يومها، وخسر علاقاته مع إيران بسبب البحرين التي سبق وكتب لها دستورا سرعان ما انتهكته ورجعت للأحكام العرفية..المغرب الذي اقترح عليه الحليف إيّاه أن يصبح عضوا في مجلس التعاون الخليجي..ومع كل ذلك جاءت الخيانة والإهانة من الصديق الاستراتيجي، بينما الذين صوتوا لصالح المغرب هم: سوريا الصامدة واليمن الجريج والشقيقة الجزائر ودول أخرى..

تعتقد الرياض أنها ثأرت من المغرب، وبأن مسؤولها الرياضي استطاع في تغريداته إهانة المغاربة، وتلك هي الخطيئة الكبرى: المغربي لا يهان..فليقرؤوا عند هنسار مدشن التحليل النفسي في فرنسا حين يقول بأن هناك شعبين من أكثر الشعوب ثأرا في العالم: الصينيون والمغاربة..

الكرة المغربية لها صيت في العالم..والمحترفون في الأندية في العالم من أصل مغربي هم من الكثرة بمكان..الكرة المغربية مستمرة، ونتيجة التصويت كانت متوقعه لكن المشكلة تكمن في الغدر وقلّة الوفاء..ولكن ماذا ربحت الرياض من كل هذه الخيانة؟ المستضعفون في الأرض صوتوا للمغرب: فلسطين، اليمن، سوريا، وكثير من العرب والأفارقة..

فلسطين الجريحة صوتت للمغاربة الذين لم ينسوا فلسطين ولن ينسوا فلسطين على الرغم من كلّ محاولات التطبيع ..صوتت عليه سوريا أيضا لأنها تصرفت وفق مبدأ التضامن العربي وليس بمنطق الثأر ..اليمن الجريح أيضا أكد على أنّ المغرب أقرب إليه من أمريكا والسعودية..بتعبير آخر الحوثي يصوت للمونديال في المغرب..الأشقاء الجزائريون وقفوا موقفا رجوليّا واستشاطوا غضبا من الخيانة..كذلك الأشقاء في تونس وموريتانيا..وكذلك مصر التي وقفت موقفا مشرفا مع المغرب..

أمام المغرب الكثير من الخيارات..إذا كانت الرياض جعلت من الكرة امتدادا للسياسة فإنّ على المغرب أن يجعل من السياسة امتدادا للكرة..فهو مطالب بأن يراجع مواقفه حيال الكثير من الملفات لا سيما بخصوص موقفه من سوريا الشقيقة أوّلها إعادة العلاقات الرسمية مع هذا القطر الشقيق..مراجعة موقفها من اليمن نهائيا باعتبار الروابط التّاريخية والسّلالية التي تربط بين البلدين..عدم الإنجرار للمشاريع الخليجية الخاصّة باسم التضامن والتحالف..هؤلاء يهينوننا، يتطاولون علينا، ينسون أنهم يهينون أسود الأطلس..لقد راكم هؤلاء الكثير من الأخطاء..إنّ الكرة فضحت السياسات..وكما قلت دائما: على المغرب أن يغيّر حلفاءه، فهذا المعسكر بائس، ولا مصلحة معه فضلا أنّه لا وفاء له

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar