عليك أن تصمت أيها السفير فأنت مجرد ضيف في بلد اسمه المملكة المغربية

بوحدو التودغي

لا يفرق بعض الدبلوماسيين بين مهامهم، التي تقتضي مراعاة مواقف دولهم في ما يخص العلاقات الدولية والالتزام بما تفرضه القواعد والأعراف الدبلوماسية، وبين أفكارهم وآرائهم الشخصية والتي قد تخلق مشاكل وأزمات لبلدانهم مع باقي الدول.

هذا الأمر ينطبق على سفير فنلندا في المغرب وموريتانيا، بيكا هيفونن، المقيم بالرباط، والذي تفاعل بشكل غير موفق مع حياد المغرب، أمس الخميس، خلال جلسة التصويت على قرار يطالب روسيا بوقف حربها على أوكرانيا بشكل فوري، والذي تقدمت به كييف وقادت المفاوضات حوله المكسيك وفرنسا، وحصل على تأييد 140 دولة.

واختار المغرب عدم المشاركة من خلال ترك الحيز المخصص للتصويت فارغا، وهو نفس الموقف الذي اتخذته المملكة عندما تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في بداية هذا الشهر، قرارا يطالب روسيا بـ”التوقف فورا عن استخدام القوة ضد أوكرانيا”، بأغلبية أصوات 141 دولة..

ويبدو ان سفير فنلندا لم يعجبه موقف المغرب المتميز دوليا، حيث كتب على حسابه بموقع تويتر تغريدة جاء فيها “بينما صوتت موريتانيا لصالح القرار الإنساني.. غاب المغرب عن التصويت الذي أدان الغزو الروسي.. سيظهر التاريخ أن العدالة سوف تتحقق”.

هذه التغريدة غير الموفقة تحمل بين طياتها موقفا متحاملا على المغرب، وتدخلا سافرا في شؤون المملكة التي يمارس فوق أراضيها سعادة السفير مهامه كممثل للدبلوماسية الفنلندية بكل من المغرب وموريتانيا..

سعادة السفير، الذي اختلطت عليه الأمور، ولم يعد يفرق بين مهامه الدبلوماسية التي تقتضي الرزانة والكياسة وتوخي الحذر، وبين أفكاره وآرائه التي لا يمكن بحال من الأحوال أن تتناقض مع المواقف الرسمية للدولة التي يمثلها..

بيكا هيفونن، من خلال تغريدته تلك، يستوي مع الذباب الالكتروني ولا فرق بينه وبين بعض كائنات العالم الافتراضي، التي تؤثث فضاء الانترنيت ولا شغل لها سوى خدمة أجندات أطراف خارجية مشبوهة لضرب مصالح المغرب وتشويه صورته.

الدبلوماسي الفنلندي غاضه، كما هو الشأن بالنسبة لبعض الجهات المعادية للمغرب، موقف المملكة المتميز منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وهو موقف يعبر عن  توجه دبلوماسي متميز على الصعيد الدولي، يتجاوز القطبية الدولية المصطنعة، ويشير إلى أن المغرب لا يمكن أن يكون حطب وقود في هذه الأزمة، بل دوره دور مستند إلى المبادئ الدولية التي من خلالها يتحقق السلم والأمن في العالم”، وفق تعبيره.

ومنذ تفجر الأزمة الروسية الأوكرانية، عبر المغرب كبلد سيادي، عن ضرورة احترام سيادة ووحدة الدول تماشيا مع القانون الدولي، كما عبر عن ضرورة الامتناع عن استعمال القوة أو التهديد في العلاقات الدولية؛ وهذه العناصر سبق أن أشار إليها، من خلال بلاغ لوزارة الخارجية المغربية، وهي مقتضيات أساسية في القانون الدولي تدعم أمن الدول وتحقيق السلام…

ولا نعتقد أن هذه الأشياء غابت عن الدبلوماسي الفنلندي، لأن منصب السفير لا يمكن أن يُسند إلى من يجهل أبجديات السياسة والقانون الدولييْن ولا يعرف الأعراف التي تحكم العلاقات بين الدول…

hpSans titre 6 min

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar