الحسيني: الجزائر تمارس الضغط على موريتانيا حتى لا تغير موقفها من الصحراء المغربية

قال تاج الدين الحسيني، محلل سياسي وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة الرباط، إن خلفيات الموقف الرسمي لموريتانيا من الصحراء المغربية، مرتبط بالتطور التاريخي الذي عرفته نواكشوط في علاقاتها بملف الصحراء المغربية، فقد انتقل هذا الموقف من التحالف المطلق مع المغرب، عند عرض الملف أمام محكمة العدل الدولية، وأثناء توقيع اتفاقية مدريد، إلى نوع من التراجع بعد تهديد الجزائر والبوليساريو بغزو موريتانيا، وانسحابها من أقاليم جنوبية بشكل مطلق، بحيث عرفت عدة تذبذبات في مواقف موريتانيا منذ ذلك التاريخ.

وأكد تاج الدين الحسيني، في تصريح ل”الأيام 24″ أن “هذا التطور التاريخي له أهميته، لكن كذلك الوضع الخاص بموريتانيا، فهي دولة ضعيفة ومفتوحة بشكل كبير على دول المنطقة، ولا تتوفر على الإمكانيات الكبيرة للريادة الخارجية، وبالتالي هذا الضعف الذي تعاني منه موريتانيا جعلها تقع ضحية تجاذبات إقليمية خاصة بين محورين قويين ومركزين في المنطقة، وهما المغرب والجزائر، هذه التجاذبات كان لها أثرها على السياسات الخارجية لموريتانيا، وبالتالي مصطلح الحياد الإيجابي في قضية الصحراء، له ما يفيد مواقف نواكشوط في مختلف المراحل”.

موريتانيا min
دي ميستورا في موريتانيا

وأضاف الدكتور تاج الدين الحسيني، أن “موريتانيا تعتبر نفسها محايدة، ولكن في نفس الوقت إذا كانت هناك إمكانية للتدخل بشكل إيجابي بتسوية النزاع المفتعل حول قضية الصحراء، فهي لن تتراجع على ذلك بشكل واضح في عدة مواقف بما فيه تلك المعبر عنها أثناء زيارة المبعوث الأممي إلى الصحراء، ستيفان دي ميستورا إلى المنطقة، بخصوص المفاوضات حول الصحراء، دون أن ننسى أن موريتانيا طرف أساسي في الموائد المستديرة التي سينظمها دي مسيتورا، وبالتالي هي تحاول أن تأخذ العصا من الوسط في العلاقات بين المغرب والجزائر بشكل كبير”.

وأوضح الحسيني، أنه “بطبيعة الحال ما تم تداوله من كون موريتانيا ستدعم موقف المغرب في الصحراء، فربما أن الرباط تفهم أن هذا النوع من الحياد الموريتاني غير كافي، والدليل على ذلك هو أن نواكشوط لا تزال تعترف بجبهة البوليساريو، والمغرب يعتبر أن الموقف الحيادي كان ينبغي أن يكون في إزالة هذا النوع من الاعتراف، وإلغاء هذا الاعتراف، على أساس أن “البوليساريو”، لم يعترف لها إلا الاتحاد الأفريقي حاليا، والمجتمع الدولي لا يعترف بذلك، ويعتبر المغرب أن الحياد الموريتاني ينبغي أن يتبلور من خلال نزع وإزالة هذا الاعتراف”.

ديميستورا في الجزائر min
دي ميستورا في الجزائر

واسترسل تاج الدين بالقول: “بطبيعة الحال، الجزائر، سوف لم تقبل بذلك إطلاقا، وربما سيصل التهديد إلى ما هو مادي دون أن يقتصر على القول، وهذا ما يهدد الكيان الموريتاني بالأساس، لأن الجزائر تتوفر على وسائل جد محرجة بالنسبة لموريتانيا في هذا الإطار، ثم أن نواكشوط تريد أن تحصل على نوع من التعاون المجدي مع الطرفين، فهناك لجنة عليا مشتركة بين موريتانيا والمغرب، ومئات الطلبة الموريتانيين الذي يدرسون في المغرب، وعدة مساعدات وتعاون اقتصادي، خاصة على مستوى نقل الخضروات والمواد الغذائية إلى موريتانيا، وربما هذه الأخيرة اتخذت موقف إيجابي عندما قامت القوات المسلحة الملكية بعملية طرد عناصر “البوليساريو” من معبر الكركرات، فهي انضمت ضمنيا إلى الموقف المغربي”.

وأشار الحسيني في التصريح نفسه، إلى أن “الجزائر تعد موريتانيا كثيرا بتوجيه مساعدات ودعم عبر الطريق التي قامت بتعبيدها على مئات الكيلومترات، بينها وبين نواذيبو، هي كذلك تحصل على هذا النوع من المساعدات بشكل قوي وكبير من طرف المغرب، وبالتالي هي الحلقة الضعيفة في موقف إقليمي صعب، دائما تريد الحصول على امتيازات من الطرفين المتصارعين، وهذا ما تقوم به موريتانيا بالذات، وهي تعول على مواقع أخرى، ستعمل على تسوية النزاع المفتعل حول قضية الصحراء، في إطار الأمم المتحدة، أو عبر ضغوط تقوم بها القوى الكبرى وفق إمكانياتها، قد ترتاح مبدئيا لموقف إسبانيا الداعم للمقترح المغربي بالصحراء، وقد تتماهى مع مثل هذه المواقف في المستقبل القريب، ولكنها تحاول دائما أن تأخذ جانب الحيطة والحذر تفاديا للوقوع في قطع للعلاقات مع الطرفين”.

ديميستورا في الوبليساريو 1
دي ميستورا في مخيمات تندوف في الجزائر

وعلاقة بتطورات ملف الصحراء المغربية، فمن المنتظر أن يقوم المبعوث الخاص للامين العام للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، بجولة جديدة في المنطقة، تقوده إلى المغرب ثم موريتانيا والجزائر ومخيمات تندوف على التراب الجزائري، في محاولة جديدة منه إلى دفع الأطراف في نزاع الصحراء المغربية إلى العودة إلى الموائد المستديرة بهدف إيجاد حل لهذا الملف الذي عمر طويلا وتتحمل الجزائر كامل المسؤولية في صنعه واستدامته.

ديمستورا في الرباط
دي ميستورا في الرباط

كما أن حياد نواكشوط فيما يخص قضية الصحراء المغربية، لم يعد مقبولا ولا ينفع فى تقريب وجهات النظر، لذلك عليها الانخراط الفعلي في إيجاد حل والمشاركة في الموائد المستديرة بفعالية وبنية صادقة.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar