الجزائر تنتقل من مرحلة “الردع الدبلوماسي” إلى الاندحار الشامل

بإعلان التعليق الفوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون مع اسبانيا، التي أبرمت سنة 2002، يكون النظام الجزائري العسكري قد خطا خطوة أخرى نحو الاندحار الشامل.

ففي محاولة للضغط على اسبانيا لم يفلح نظام العسكر في استعمال ورقة الغاز لثني مدريد على التراجع على قرار تأييد مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، إذ مباشرة بعد تأكيد بيدرو ساشنيز أمس الأربعاء 8 يونيو 2022، أمام “الكورتيس الاسباني”، أن موقف بلاده من الصحراء المغربية هو “قرار دولة” لا تراجع عنه، سارع إلى تعليق العمل بالاتفاقية التي طالما طبل وروج لها ضدا في المغرب، عندما كانت علاقته مع اسبانيا “سمن على عسل” بسبب توافق مواقفهما بخصوص النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

عندما استفاقت اسبانيا من سباتها العميق وقررت أخيرا التخلي عن موقفها العتيق بخصوص الصحراء المغربية، التي كانت تستعمرها، فقد جنرالات الجزائر ما تبقى لهم من المادة الرمادية، حيث سارعوا، إلى استعمال ورقة الغاز للضغط على مدريد، التي استشعرت خطورة هذه المناورة، واستبقتها بإبرام عقود مع أطراف أخرى، خاصة أمريكا وقطر ونيجيريا، لتأمين حاجياتها من الغاز الطبيعي، والانسلاخ من التبعية الطاقية لكابرانات فرنسا.

وعند فشل ورقة الضغط بالغاز الطبيعي، مر الكابرانات إلى مرحلة قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية في مجاراة بئيسة لسياسة المغرب الذي طبقها ضد كل من اسبانيا وألمانيا، والتي نجحت في ثني الدولتين ودفعهما إلى تأييد مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية.

إلا أن كابرانات فرنسا، وفي محاولة لتقليد المغرب بشكل أعمى، يجهلون أن وراء السياسة المغربية الخارجية قيادة قوية متبصرة تستند على استراتيجية محكمة ومدروسة بعناية فائقة، وتعتمد على تاريخ عريق للمملكة في هذا المجال، عكس كوريا الشرقية التي تحكمها طغمة عسكرية، لا تفقه شيئا في السياسة والدبلوماسية، وتقود البلاد نحو الاندحار الشامل والعزلة القاتلة، لا لشيء سوى لإرضاء نزوات الجنرالات والحفاظ على مصالحهم ومصالح الشرذمة التي تدور في فلكهم، ولو على حساب مصالح الشعب الجزائري المغلوب على أمره، الذي خرج منذ فبراير 2019 في مسيرات شعبية تطالب برحيل نظام العسكر، وكل رموزه الفاسدة وبناء دولة مدنية ديمقراطية بعيدة عن إملاءات وأوامر مؤسسة الجيش التي تتحكم في رقاب العباد منذ انسحاب فرنسا وترك كبراناتها لإتمام مهمة الاستعمار في المنطقة.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar