ما وراء زيارة وزيرة داخلية إسرائيل الى المملكة المغربية

تعتبر زيارة وزيرة داخلية إسرائيل للمملكة المغربية، أمس الثلاثاء، الرابعة من نوعها لمسؤول إسرائيلي كبير منذ الإعلان الثلاثي المشترك بين المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، وذلك عقب زيارة وزير الخارجية يائير لبيد في غشت 2021، وزيارة وزير الدفاع بيني غانتس في نوفمبر من نفس السنة وزيارة وزيرة الاقتصاد أورنا باربفاي في فبراير الماضي.

زيارة وزيرة الداخلية الإسرائيلية أيليت شاكيد، رفقة وفد رفيع المستوى إلى المغرب، عززت العلاقات الثنائية بين المغرب وإسرائيل، بعد إجراء لقاءات ومباحثات ثنائية مع كل من وزير الخارجية ناصر بوريطة ووزير الداخلية عبد الوافي لفتيت. ويرتقب أن تجتمع مع عدد من الوزراء والمسؤولين ضمن زيارة من المقرر أن تستمر إلى يوم غد الخميس 23 يونيو الجاري.

تعاون ثنائي ودعم ملف النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية

وكان بلاغ لوزارة الداخلية أفاد، عقب مباحثات لفتيت وشاكيد التي حضرها عدد من كبار مسؤولي وزارتي الداخلية في البلدين، أن اللقاء يندرج في سياق الإعلان المشترك بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل الموقع في دجنبر 2020.

ووفق البلاغ الرسمي، يعكس لقاء وزيري داخليتي المغرب وإسرائيل “التزام البلدين باستئناف الاتصالات الرسمية الكاملة بين النظراء المغاربة والإسرائيليين”.

وتبادل المسؤولان معاً وجهات النظر بشأن “قضايا تدخل ضمن اختصاصات قطاعيهما على التوالي والآفاق الواعدة للتعاون الثنائي”، يضيف المصدر ذاته، مبرزاً “أهمية تطوير آليات للتشاور بشأن مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك”.

إلى ذلك، تركزت مباحثات الوزيرة الإسرائيلية مع رئيس الدبلوماسية المغربية، ناصر بوريطة، على ملفات ذات الاهتمام المشترك، على رأسها بحث السبل الكفيلة بتطوير العلاقات بين البلدين، وكذا “إقامة تمثيليات دبلوماسية كاملة عوض الاكتفاء بمكاتب الاتصالات”، وفق ما أوردته بعض المصادر الإعلامية.

وصرحت شاكيد للصحافة عقب هذا اللقاء عن دعم إسرائيل سيادة المغرب على صحرائه، كما أبرزت أن المباحثات تناولت كذلك “العلاقات الثنائية الوثيقة والمشاريع المشتركة التي سينجزها البلدان”.

وكان لبيد قد كشف قبل أيام قليلة عن قرب افتتاح السفارة المغربية في إسرائيل، خلال زيارة مرتقبة لوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، متوقعاً أن تتم الزيارة في غضون شهر أو شهرين، وفق ما نقلته هيئة الإذاعة الإسرائيلية الرسمية.

تقوية العلاقات المغربية الإسرائيلية 

ويرى مراقبون أن زيارة وزيرة داخلية إسرائيل إلى المغرب خلال أربعة أيام كاملة لا تقتصر فقط على ما سبق الإعلان عنه من قبل، أي جلب يد عاملة مغربية إلى إسرائيل للعمل في قطاعات البناء والتمريض.

وكان مكتب وزيرة الداخلية الإسرائيلية قد كشف قبل بدء الزيارة الرسمية أنه سيتم “تشغيل عمال مغاربة بطريقة خاضعة للإشراف والمراقبة، بهدف تعزيز سوق البناء في إسرائيل”، كما سيسهم الاتفاق في “دعم ممرضين مغاربة لفئة المسنين بإسرائيل”.

ووفق مراقبين، فإن أهداف زيارة المسؤولة الإسرائيلية هي أكبر من مجرد اتفاق ثنائي لجلب العمالة المغربية، لأن هذا الملف يمكن أن يتكلف به مسؤولون إداريون أو وزاريون عاديون، ولا يستدعي تنقل وزيرة الداخلية بنفسها.

وتفيد معطيات خاصة، حسب موقع “اندبندنت عربية” الذي أورد الخبر ضمن تقرير له اليوم، بأن هذه الزيارة تأتي لتنفيذ ومواكبة اتفاق سابق بين المغرب وإسرائيل، بموجبه تحصل الرباط على معدات إسرائيلية تكنولوجية.

ويرى الباحث المهتم بالشأن الإسرائيلي، عبد الرحيم شهيبي، في تصريحات للموقع ذاته، أن الزيارة التي تقوم بها شاكيد إلى المغرب تدخل في نطاق تقوية العلاقات المغربية الإسرائيلية ما بعد “اتفاقات أبراهام”.

وأبرز شهيبي، أن “هذه العلاقات بين المغرب وإسرائيل ليست تقليدية كسابقتها التي انحصرت عند مكاتب الاتصالات التي توقفت عند أول اختبار في بداية الألفية الثالثة”، مضيفاً أن “توالي زيارات المسؤولين الإسرائيليين إلى المغرب تأكيد على الرغبة الإسرائيلية في تطوير العلاقات الدبلوماسية التي لا يجب أن تبقى فقط على مستوى مكاتب الاتصالات وإنما تمثيلية دبلوماسية كاملة”.

وتوقع المحلل، يضيف موقع “اندبندنت عربية”، أن يتم هذا الأمر في المستقبل القريب، خصوصاً إحداث سفارة إسرائيلية في الرباط وتمثيليات قنصلية إسرائيلية في العديد من المدن، وفي المقابل يتم إحداث سفارة مغربية في تل أبيب وتمثيلية دبلوماسية في القدس.

مكافحة “التغول” الإيراني في المنطقة

وأوضح شهيبي بأن هناك ملفين أساسيين مطروحان على الطاولة، يدخلان معاً في الجانب الأمني: الملف الأول هو التعاون في مجال مكافحة الإرهاب الذي يهدد البلدين معاً، بما يعنيه ذلك من الاتفاق على استفادة المغرب من التقنيات الإسرائيلية وتبادل الخبرات والمعلومات الاستخباراتية في هذا الجانب بين البلدين، إضافة إلى الاتفاق على العمل المشترك بين الأجهزة الاستخباراتية والأمنية في البلدين على ملفات مكافحة الإرهاب.

وأما الملف الثاني، يقول المتحدث حسب ذات الموقع، فيتمثل في الملف الإيراني وبخاصة جانبه الأمني، فإيران حالياً توجد على الحدود مع المغرب من خلال علاقتها مع الجزائر وجبهة “بوليساريو” الانفصالية، كما أنها توجد على الحدود مع إسرائيل في لبنان وفي قطاع غزة. وبالتالي، يضيف المحلل ذاته، فإن ملف التعاون المغربي- الإسرائيلي حول سبل مكافحة “التغول الإيراني”، سيكون مطروحاً بقوة في اللقاءات الرسمية والهامشية لهذه الزيارة.

ولفت شهيبي إلى جانب آخر له أهميته في تقوية العلاقات المغربية الإسرائيلية وهو تسهيل العمليات بين البلدين. فالمغرب مدعو إلى تسهيل الإجراءات للإسرائيليين الراغبين في الاستثمار في المغرب وضمان حرية التنقل لهم، كما أن إسرائيل بإمكانها أن تكون بلد استقطاب لليد العاملة المغربية، خصوصاً في مجال البناء وبعض المهن التمريضية.

يشار إلى أن المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، وقعوا في 22 ديسمبر 2020 على إعلان ثلاثي مشترك في العاصمة الرباط، على هامش الزيارة الرسمية التي قام بها وفدان أميركي وإسرائيلي، يتضمن تأسيس علاقات دبلوماسية كاملة بين الرباط وتل أبيب، علاوة على إبرام اتفاقيات تجارية بملايين الدولارات.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar