العجلاوي: سياق دولي يتجه نحو إنهاء ملف نزاع الصحراء المغربية ومستقبل غامض ينتظر مخيمات تندوف

في ظل تنامي الاعتراف وتأييد مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، بدأت العديد من الأسئلة تتبادر إلى الأذهان، وأولها ما مصير مخيمات تندوف بعد طي ملف الصحراء المغربية الذي صنعته الجزائر وتبنته وسهرت على إطالة عمره، لكن يبدو أن أيام النزاع باتت معدودا بعد تنامي الوعي الدولي بأنه لا فائدة من إطالة هذا النزاع المفتعل، وأن الحل يكمن في مبادرة المغرب الخلاقة التي تقتضي إقامة حكم ذاتي في الصحراء المغربية تحت السيادة الوطنية.

وهذا ما حاول المحلل السياسي و الخبير المتخصص في قضية الصحراء المغربية، الموساوي العجلاوي، الإحاطة ببعض جوانبه، في “وجهة نظر” على دوزيم، حينما تطرق إلى ماضي النزاع المفتعل وظروف النشأة، إلى أن وصل إلى السؤال الأهم، ماذا بعد إقرار الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، وما مستقبل مخيمات تندوف على الأراضي الجزائرية.

 ويقول العجلاوي في هذا الصدد: “من خلال ما يجري الحديث حالا عن مصير مخيمات تندوف في سياق دولي لتوجه ملف نزاع الصحراء، وبصفة قطعية، إلى الحل السياسي من باب مبادرة الحكم الذاتي، موازاة مع ذلك يجري نقاش حاد داخل المخيمات، ومن خلال منصات التواصل الاجتماعي، حول أصول السكان، ومن منهم يحمل صفة الصحراوي”.

وعاد العجلاوي إلى أصل الحكاية: حيث قال: “قصة مخيمات تندوف قصة طويلة اجتمع فيها المناخ وظاهرة القحوط في شمال مالي والنيجر، ومشروع لنظام بومدين بتآمر مع حكومة فرانكو في 1975 في إيجاد ” دولة صحراوية ” فيما كان يعرف بالصحراء الاسبانية. والمتتبع لرواية الرئيس الموريتاني وما نقله عن الرئيس الجزائري في زيارات صيف وخريف 1975، أن بومدين اعتقد أن مشروعه في إقامة كيان في الصحراء، يلزمه وقت قصير فقط. عبر الاجتماعات الوزارية والقمم المغاربية و الإفريقية و العربية، كانت تصريحات بومدين وبوتفليقة، أن الجزائر مع المغرب وموريتانيا قبل أن يكشف تقرير بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء، في زيارتها للمنطقة شهري ماي ويونيو 1975، المشروع الخفي للنظام الجزائري و يكشف التقرير كيف ولماذا نمت المخيمات في الحمادات”.

وعن علاقة مخيمات تندوف بظاهرة الجفاف والقحوط التي ضربت منطقة الصحراء الكبرى، قال العجلاوي: “عرفت منطقة الساحل والصحراء من المحيط الأطلسي إلى القرن الإفريقي ظاهرة الجفاف والقحوط في بداية السبعينات ( 1972 – 1975 ) ومع استقطاب البوليزاريو من لدن نظام بومدين ابتداء من صيف 1974، ومع بداية التآمر بين النظام الجزائري وحكومة فرانكو على قيام ” دولة في الصحراء”، تحركت القيادة الميدانية الجزائرية في تندوف لتضخيم عدد اللاجئين قبيل حلول بعثة الأمم المتحدة، حيث كان التوجه العام أن تخرج البعثة بفكرة أن البوليزاريو لها حضور في الصحراء، وفي مخيمات حمادات تندوف”.

وأضاف: ” هذا ما ورد صراحة في حديث بومدين مع بعثة الأمم المتحدة، كما ورد في عدد من فقرات تقريرها. يضاف إلى ذلك ما ورد على لسان الرئيس الموريتاني ولد داداه في مذكراته حول هذه الفترة، اذ يتذكر ولد داداه استقباله من لدن الرئيس الجزائري في بشار يوم 10 نوفمبر 1975، حينها كان ولد مكناس يفاوض في مدريد مع المغرب واسبانيا بشان اتفاقية مدريد التي ستوقع يوم 14 نوفمير 1975″.

ويؤكد العجلاوي، انه “في هذا اللقاء تحدث بومدين كثيرا عن ” التوسع المغربي في المنطقة”، وقال لضيفه، “يبدو أن موريتانيا ستوقع في مدريد اتفاقا لتقاسم الصحراء مع المغاربة”، لكن ولد داداه ذكر بومدين بان الاتفاق الذي تجري المحادثات حوله، ما هو إلا تطبيق وترسيم ما صادق عليه الرئيس الجزائري مرتين في قمتي الرباط في يونيو 1972 و أكتوبر 1972 و في  القمة العربية في أكتوبر 1974، وطلب بومدين من الرئيس الموريتاني وبلغة تهديد الانسحاب من مفاوضات مدريد، وإلا ستكون هناك انعكاسات خطيرة على موريتانيا وخيره بين “المغرب الفيودالي التوسعي” و”الجزائر الثورية”، وحذر الرئيس الجزائري ضيفه قائلا، أنه مهما وقع الجزائر لن تترك المغرب يحقق مخطط الحسن الثاني، ولن تقبل الجزائر وضعها أمام الأمر الواقع، وأنها لن تتخلى “عن مصير الشعب الصحراوي”، وأنها تضع أمام “هذا الشعب” كل الوسائل المادية والإنسانية، وإذا لم يكف الأمر ستطلب الدعم الدولي، الذي يمكن شحذ 50 ألف أو 60 ألف وحتى 100000 ألف مقاتل”.

وربط العجلاوي ما وقع سابقا بما حدث أخيرا مع اسبانيا وموريتانيا، حيث قال: “هذا الانفعال الجزائري تجاه المغرب وموريتانيا واسبانيا في نوفمبر 1975 يشابه إلى حد ما ردود فعل الواجهة الجديدة للنظام الجزائري تجاه اسبانيا بعد اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء من خلال تبني مبادرة الحكم الذاتي”.

لكن السؤال العريض، الذي ما يزال مطروحا، إلى متى ستضل المنطقة رهينة بانفعالات نظام العسكر ورغباته التوسعية وتهديد الجيران سواء في الشمال أو في الغرب؟، لتبقى السنوات المقبل هي الكفيلة بالجواب عن هذا الأمر، في ظل تسارع التحولات الإستراتيجية في عالم متغير وفي منطقة تعيش على ايقاع التنافس المحموم بين الغرب والشرق، أي بين المعسكر الأمريكي- الأوربي وبين التحالف الصيني- الروسي.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar