قانون المالية 2023… هل تلتزم الحكومة بتنفيذ المشاريع المبرمجة؟

حددت الحكومة أربعة أولويات لمشروع قانون المالية للسنة المالية 2023. وجاء في المذكرة التأطيرية للمشروع أن الحكومة ستعمل غلى تعزيز أسس الدولة الاجتماعية وإنعاش الاقتصاد الوطني عبر دعم الاستثمار وتكريس العدالة الاجتماعية واستعادة الهوامش المالية لضمان استدامة الإصلاحات، غير أن السؤال العريض، هل ستنجح الحكومة في إخراج وتنفيذ المشاريع المبرمجة في السنوات المقبلة؟.

وفيما يتعلق بالأولوية الأولى التي سطرتها الحكومة في قانون المالية المقبلة، خاصة في الجانب الاجتماعي، فقد أوضحت الحكومة أنها ستعمل خلال الأشهر المقبلة من السنة الجارية على استكمال ورش تعميم الحماية الاجتماعية من خلال اتخاذ الإجراءات اللازمة على المستوى القانوني، والمالي، والتقني من أجل ضمان انتقال المستفيدين حاليا من نظام راميد إلى نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، وذلك نهاية سنة 2022، تجسيدا للتعليمات الملكية السامية.

كما ستعمل الحكومة على توفير الموارد الضرورية لضمان تنزيل هذا الورش، واتخاذ ما يلزم من تدابير لضمان التوازن المالي لمختلف الأنظمة، واستفادة المواطنات والمواطنين من مختلف خدمات التغطية الصحية، بالإضافة إلى تنزيل تعميم التعويضات العائلية وفق برنامجها المحدد، والتي سيستفيد منها حوالي 7 ملايين طفل من العائلات الهشة والفقيرة على الخصوص، وثلاثة ملايين أسرة بدون طفل في سن التمدرس، وذلك وفق مقاربة جديدة تقوم على الدعم المباشر، عبر استهداف الفئات المعوزة والمستحقة لهذه التعويضات، بدل المنطق الذي كان معتمدا في البرامج الاجتماعية سابقا، والذي يحد من نجاعتها.

وفي هذا الإطار، وتنفيذا للتوجيهات الملكية، ستعمل الحكومة على الإسراع بإخراج السجل الاجتماعي الموحد، باعتباره الآلية الأساسية لمنح الدعم، وضمان نجاعته، ومواصلة تأهيل القطاع الصحي، عبر تنزيل مقتضيات مشروع القانون الإطار المتعلق بالمنظومة الصحية.

ونظرا للدور المحوري الذي يلعبه العنصر البشري في إصلاح المنظومة الصحية، ستعمل الحكومة على إخراج قانون الوظيفة الصحية العمومية وتفعيل مخرجات الحوار الاجتماعي فيما يتعلق بتحسين الوضعية المادية للأطر الصحية الذي سيكلف غلافا ماليا يقدر بـ2,2 مليار درهم على مدى سنتين، وذلك ابتداء من فاتح يناير 2023.

من جانب آخر، يتضمن مخطط عمل الحكومة التزاما بالجدولة الزمنية التي حددها صاحب الجلالة، فيما يتعلق بالمحورين المتعلقين بتوسيع الانخراط في أنظمة التقاعد، لتشمل الأشخاص الذين يمارسون عملا ولا يستفيدون من أي معاش، وتعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل لتشمل كل شخص متوفر على شغل قار، وذلك في أفق سنة 2025. وموازاة مع ذلك، ستحرص الحكومة على الشروع في تنزيل إصلاح منظومة التقاعد، ابتداء من سنة 2023، وفق مقاربة تشاركية مع مختلف الفاعلين المعنيين.

وفيما يتعلق بإنعاش الاقتصاد الوطني عبر دعم الاستثمار، تعتزم الحكومة الانكباب على تنزيل مقتضيات القانون الإطار بمثابة ميثاق الاستثمار، لا سيما تفعيل آليات دعم المشاريع الاستراتيجية، ودعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، وكذا دعم المقاولات المغربية التي تسعى لتطوير قدراتها على المستوى الدولي، كما ستعمل على تفعيل التوجيهات الملكية بتسهيل جلب الاستثمارات الأجنبية وإزالة العراقيل أمامها.

كما ستواصل الحكومة مجهوداتها في مجال تحسين جاذبية الاقتصاد الوطني وتحفيز القدرة التنافسية للنسيج الإنتاجي الوطني، من خلال تعزيز الاستقرار والعدالة الضريبية عبر تنزيل مقتضيات القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي، وضمان نظام ضريبي مبسط وشفاف يستجيب للممارسات الدولية الفضلى في المجال الجبائي. بالإضافة لذلك، ستقوم الحكومة بتسريع الأوراش المتعلقة بإصلاح الإدارة وتبسيط المساطر، عبر إطلاق استراتيجية جديدة للتحول الرقمي في أفق سنة 2030، تهدف إلى رقمنة الخدمات العمومية، ووضع أسس انبثاق اقتصاد رقمي يخلق فرص الشغل.

وفيما يتعلق بتكريس العدالة الاجتماعية، ستسعى الحكومة إلى توطيد الجهوية، لا كخبار دستوري وديمقراطي فقط، بل باعتمادها كبديل تنمويل أيضا، وذلك للرفع من نجاعة السياسات العمومية والتقائيتها على المستوى الترابي، والتقليص من التفاوتات المجالية فيما يخص الاستثمارات، والولوج إلى الخدمات العمومية الأساسية، وبالتالي انعكاس ذلك على التوزيع العادل للثروة بين الجهات.

أما الأولوية الرابعة المتعلقة باستعادة الهوامش المالية من أجل ضمان استدامة الإصلاحات، أكدت الحكومة أنه يحتاج لبذل مجهود مالي أكبر ومستدام، مشيرة إلى أنها حرصت منذ تشكيلها على إيجاد التوازن، بين مواجهة الإكراهات الظرفية الراهنة من جهة، وتنزيل هذه الأوراش مع الحفاظ على التوازنات المالية من جهة أخرى، وهو ما ظهر جليا من خلال تقليص عجز الميزانية ب 1.6 نقطة سنة 2021 مقارنة مع سنة 2020، مع الحفاظ على ميزانية الاستثمار العمومي، التي من المنتظر أن تبلغ نسبة إنجازها 80 بالمئة.

وأكدت الحكومة أن المديونية العمومية لبلادنا تبقى أيضا متحكما فيها، رغم النفقات الإضافية التي تحملتها ميزانية الدولة، كما أن حفاظ بلادنا على تصنيفها الائتماني من طرف وكالة التنقيط الدولية ستانرد اند بورز، الذي أكد الآفاق المستقرة للتوازنات المالية للمملكة، يعزز الثقة في استدامة هذه التوازنات، في ظل هذه الظرفية الصعبة.

ومن هذا المنطلق، ستعمل الحكومة على ترشيد النفقات العمومية وعقلنتها من جهة، وتعزيز موارد الدولة لتمويل السياسات العمومية من جهة أخرى، خصوصا ما يتعلق منها بتنزيل الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية، ومواصلة تطوير التمويلات المبتكرة، وعقلنة تدبير المحفظة العمومية، وإصلاح المرسوم المنظم للصفقات العمومية، والتدبير الفعال للمديونية العمومية ومواصلة إصلاح النظام الضريبي، خصوصا ما يتعلق بمنظومة الجبايات المحلية والرسوم شبه الضريبية.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar