نظام العسكر الجزائري..عداء ثابت للمغرب وإرسال مبعوث إلى المملكة لا يغير شيئا

واهم من يعتقد أن نظام العسكر الجزائري قد غير عقيدته العدائية من المغرب، وأن تكليف وزير عدله وحافظ اختامه، عبد الرشيد طبـي، حاملا دعوة للمغرب لحضور القمة العربية المزمع عقدها في 1 و2 نونبر المقبل، هو دليل على أن الطغمة العسكرية ترغب في تغيير سلوكها المرضي تجاه المملكة.

ومن الخطأ وسوء التقدير نشر بعض التحاليل والأخبار في وسائل الإعلام المغربية، التي تمنح الحدث أكثر من حجمه وتحاول تضخيمه معتقدة انها بذلك تدافع عن الموقف والدبلوماسية المغربية، والحال أن ما أقدم عليه النظام العسكري الجزائري لا يعدو أن يكون تحت الضغط العربي وليس اقتناعا ولا تغييرا في المواقف، ودليلنا على ذلك تصريحات البوق العسكري عمار بلاني الذي هاجم ناصر بوريطة لا لشيء سوى أن كلمته خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة كانت واضحة وأشارت بدقة إلى الداء الذي ينخر هذا الفضاء الممتد من المحيط إلى الخليج.

وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، قال إن القمة العربية المقبلة يجب أن تنعقد على أساس الالتزام بالمسؤولية، بعيدا عن أية حسابات ضيقة أو منطق متجاوز، مؤكدا أن “السياق الدولي والعربي يسائل القمة المقبلة لتنعقد على أساس الالتزام بالمسؤولية، بعيدا عن أية حسابات ضيقة أو منطق متجاوز، وتوطيد الثقة اللازمة، والتقيد بالأدوار الخاصة بكل طرف”…

بوريطة لم يخرج علن الآداب الدبلوماسية المتعارف عليها دوليا، ولم يشر إلى الجزائر بل تحدث عن واقع يعرف تفاصيله كل من له ذرة عقل، ودعا إلى  “قراءة موضوعية لواقع العالم العربي، المشحون بشتى الخلافات والنزاعات البينية، والمخططات الخارجية والداخلية الهادفة الى التقسيم ودعم نزعات الانفصال وإشعال الصراعات الحدودية والعرقية والطائفية والقبلية، واستنزاف المنطقة وتبديد ثرواتها”، مذكرا بان المغرب كان ولايزال وسيظل، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مدافعا عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967، تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل في سلم وأمان.

هذه الحقائق لم تعجب نظام العسكر الجزائري، وليس جناحا دون آخر كما يروّج لذلك بعض الإعلام الذي يحاول تغليط الرأي العام بالحديث عن صراع الأجنحة، لذلك كلف بوقه الصغير عمار بلاني للهجوم على ناصر بوريطة واتهامه بمحاولة إفشال القمة العربية، وذلك عبر قناة الشرور(ق)، البوق الإعلامي المكلف بهذه المهمات القذرة، كما تكلفت مباشرة بعد ذلك وكالة الأنباء العسكرية(وأج) بنشر تصاريح أخرى لنفس البيدق ردّد فيها مجموعة من المغالطات والأكاذيب وهاجم فيها الإعلام المغربي الذي تطرق إلى مجمل ما حققته الديلموماسية المغربية خلال قمة وزراء الخارجية العرب بالقاهرة…

نظام العسكر، وفي محاولة لتهدئة الوضع وعدم إغضاب الدول العربية، أمر بوقه الدبلوماسي رمطان لعمامرة بالسكوت وعدم الرّد أو حتى الكلام خلال قمة القاهرة لكي تمر الأمور بسلام ويقبل الحاضرون بانعقاد القمة العربية في الجزائر، وبموازاة ذلك جيش أبواقه الدعائية في الداخل وأمرها بنشر التصريحات البذيئة للمبعوث الخاص المكلف بالنباح ضد المغرب، المدعو عمار بلاني.

إن إرسال مبعوث جزائري إلى المغرب، في شخص وزير العدل وحافظ الأختام عبد الرشيد طبـي، هو إجراء عادي وبروتوكولي ملزم لكل دولة محتضنة للقمة العربية، ولا يجب تحميله ما لا يطاق، باستثناء كونه جاء بعد ضغط من الدول العربية على نظام العسكر الذي كان يسعى إلى عزل المغرب وعقد قمة على مقاس كابرانات فرنسا في غياب المغرب لتمرير أجنداته الخبيثة، وتلميع صورته، إلا ان قوة المغرب ووزنه وعلاقاته مع الدول العربية جعل كل مخططات العسكر تفشل لينبطح صاغرا ويقبل على مضض توجيه استدعاء رسمي للمغرب..

ويكفي أن نشير بهذا الصدد، أن هذه الدعوة لم ترسل للمغرب إلا بضغط عربي، بحيث أن دول عربية شقيقة رهنت حضورها للقمة بحضور المغرب للقمة وهو ما تسبب في تأجيل انعقادها لمرتين، ولم تنعقد الآن إلا بعد خضوع النظام الجزائري لهذا الشرط، بالإضافة طبعا إلى استبعاد نظام الأسد والحديث عن عودة سوريا وما يشكله ذلك من خطر وإقحام لإيران بالمنطقة…

النظام الجزائري لم يوقف مناوراته وتحركاته العدائية اتجاه الوحدة الترابية، بل مازال في نفس موقفه العدائي من المغرب، وما حدث في قمة تيكاد إلا نموذج من هذه النماذج، بل أن ما أقدمت عليه تونس في قمة القاهرة يدل بكل وضوح أن نظام العسكر الجزائري هو من أوحى لها بذلك حيث قدم وزير خارجية الولاية الجزائرية 59 تقريرا امام وزراء خارجية الدول العربية اقحم فيه جمهورية الوهم الصحراوي حيث جاء فيه أن عدد الدول الافريقية هو 55 وهو ما تصدى له الوفد المغربي، وحتم على وزير خارجية قيس السعيد يحذف هذه الفقرة تحت ضغط من المغرب وباقي الدول العربية..

ولتأكيد ما نقول، يمكن الرجوع إلى بلاغ وزارة الشؤون الخارجية المغربية، الذي جاء فيه أنه في “إطار التحضير للقمة العربية المقبلة، المقرر عقدها بالجزائر العاصمة في فاتح نونبر 2022، قررت السلطات الجزائرية إيفاد عدد من المبعوثين إلى العواصم العربية، حاملين دعوات لجميع قادة الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية”.

وأبرز البلاغ أنه سيتم إيفاد وزير العدل الجزائري إلى المغرب، بعد المملكة العربية السعودية والأردن، في حين سيسلم وزير الداخلية الدعوة نفسها إلى القمة لتونس وموريتانيا.

وذكرت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج إلى أنه في هذا السياق سيتم استقبال وزير العدل الجزائري بالمغرب.

هذا البلاغ جاء عاديا ولم يضخم الأمور، بل أعطى الحدث حجمه الطبيعي وأوضح طابعه من خلال القول بأن الأمر يدخل في إطار التحضير للقمة العربية، وليس تقاربا  بين المغرب والجزائر ولا تغييرا في العلاقات الثنائية بينهما، وهو ما أكدته جريدة الشرور(ق) التي كشفت، يوم الثلاثاء 6 شتنبر الجاري، أن الجزائر ستقوم بإرسال مبعوث خاص إلى المغرب مؤكدة أنه “وفق التقاليد المعتمدة في مثل هذه المواعيد، ستقوم الجزائر بإرسال مبعوثين خاصين باسم الرئيس عبد المجيد تبون، إلى كل الدول الأعضاء من أجل تسليم الدعوات إلى جميع الملوك، ورؤساء الدول والأمراء”..

وأوضحت الجريدة الجزائرية، لمزيد من رفع اللبس وحتى لا تؤول الأمور وتُحمل ما لا طاقة لها به،  “أنه وفق القاعدة المعمول بها، سترسل الجزائر مبعوثا خاصا للمملكة المغربية وهو ما يعتبر واجبا أخلاقيا وسياسيا يستلزم معاملة جميع الدول الأعضاء على قدم المساواة، لأن الأمر لا يتعلق بالعلاقات الثنائية بل بعلاقات متعددة الأطراف”.

وشددت الصحيفة على أن الجزائر “شرعت في إرسال دعوات الحضور إلى الدول الأعضاء بداية برئيس دولة فلسطين محمود عباس ورئيس الجمهورية المصرية عبد الفتاح السيسي، اللذان تسلما دعوة الرئيس الجزائري من وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة وأكدا حضورهما القمة”، خلال مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته العادية 158، المنعقد يوم الثلاثاء بالقاهرة.

هكذا ينظر نظام العسكر إلى الأمور، ورغم أنه حاول إخفاء فشله وعدم إظهار انبطاحه وانصياعه لضغوط الدول العربية لقبول دعوة المغرب وحضوره، إلا أنه أكد بالملموس أن عقيدته المرضية ضد المملكة لاتزال قائمة وانه لا يزال مستمرا في معاداة المغرب ومصالحه، وهو ما تؤكدة الفقرة التي تقول بأن إرسال مبعوث إلى المغرب يدخل في إطار  القاعدة المعمول بها وأن الجزائر  سترسل “مبعوثا خاصا للمملكة المغربية وهو ما يعتبر واجبا أخلاقيا وسياسيا يستلزم معاملة جميع الدول الأعضاء على قدم المساواة، لأن الأمر لا يتعلق بالعلاقات الثنائية بل بعلاقات متعددة الأطراف”.

دامت لكم الواجبات الأخلاقية والسياسية وبه وجب الإعلام والسلام.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar