كيف تتحرر من ظلال الماضي؟

يمضي معظم الناس حياتهم وهم غارقون في غياهب الماضي، بعيدا عن الحاضر الذي يعيشونه، ثم تجد الواحد فيهم بعد ضياع سنوات طويلة من عمره يتساءل متعجبا “لماذا أعيش اليوم حياة لا تليق بأحلامي؟!”.

عام 1970، صدر فيلم “سكروج” (Scrooge) المقتبس عن قصة “أنشودة عيد الميلاد” التي ألفها تشارلز ديكنز سنة 1843. يروي الفيلم حكاية 3 أرواح (أشباح الماضي والحاضر والمستقبل) قدمت لزيارة إبنيزر سكروج، حيث كشف شبح له المستقبل عن حقيقة مصيره النهائي، الأمر الذي كان كافيا لدفعه إلى تغيير حياته، انطلاقا من إدراك مدى أهمية الحاضر.

حين أدرك سكروج أن الحياة البشرية أقصر من أن يقضيها أسيرا لماض فات وانتهى، أو مستقبل مجهول لم يأت بعد؛ اكتشف بهجة الحياة الحقيقية، فترك الماضي وراء ظهره، وشرع في جعل الحاضر -لنفسه وللمحيطين به- تجربة رائعة، فضمن بذلك بناء مستقبل أفضل.

إن الماضي ليس إلا تاريخا، والمستقبل يكتنفه الغموض، لكن الحاضر منحة إلهية لنا جميعا، لهذا يسمى “حاضرا”. وبالتالي، فإن حياتنا يمكن أن تتغير حين نبذل الجهد اللازم لتغيير طريقة تفكيرنا، عن طريق التخلي عن الأفكار المحبطة والتحرر من عبودية الماضي، وفتح الأبواب على مصراعيها لكل فكرة وشعور إيجابي مثمر.

حياتك حتى هذه اللحظة هي حصيلة كل الأفكار والمعتقدات التي اعتنقتها على مدار الأعوام السابقة، أما أفكارك ومعتقداتك الحالية، فهي التي تصنع مستقبلك. ربما تأمل مثلما يأمل كثيرون لو كانت هناك آلة للسفر عبر الزمن، حتى تعود إلى الأيام الغابرة فتصلح أخطاءك، وتعيد تشكيل حياتك من جديد؛ لكن الحقيقة هي أن كل يوم يمر من عمرك لن يعود إلى الأبد، ولن تستفيد شيئا من الحسرة والندم والوقوف على الأطلال، سوى استنزاف طاقتك الذهنية والنفسية من دون جدوى.

لا يمكننا تغيير ماضينا، لكن بوسعنا تغيير مستقبلنا إذا تعلمنا من تجاربنا وعشنا الوقت الحالي بكل جوارحنا، فهو أولا وأخيرا كل ما نملكه. وما الحياة سوى بحيرة ماء إذا ألقينا بداخلها حجرا تسبب في حدوث موجات تؤثر على سطح الماء بأكمله؛ وكذلك نحن -عبر تغيير طريقة تفكيرنا- نستطيع تغيير تجارب الحياة ومواقفها بإدراكنا مدى قوة الأفكار في صناعة الواقع الذي نعيشه.

حان الوقت إذن لتودع الماضي، وتتعلم منه الدروس القيمة من دون أن تغرق في ثناياه، ثم تضع كامل تركيزك على اللحظة الراهنة بانسجام تام وحضور كلي، مستغلا كل فرصة للتقدم والنمو وتطوير الذات، حتى تصل إلى حيث ترنو وتطمح. يقول المؤلف زيغ زيغلر: “ما أنت عليه والمكان الذي أنت فيه نتاج تفكيرك.. ولكي تغير ما أنت عليه والمكان الذي أنت فيه، عليك أن تغير طريقة تفكيرك”.

عن موقع الجظيرة

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar