من المسؤول عن النفخ في بنكيران وتصويره أردوغان المغرب المحاط بالمناورات ؟

محمد الفيلالي

 

يعقد مجلس النواب يوم الأحد المقبل جلسة علنية لانتخاب رئيس مجلس النواب، بعد مضي أزيد من ثلاثة أشهر على الإعلان عن نتائج انتخابات 7 أكتوبر 2016، لتنتهي بذلك حالة الحجز المفروضة على هذه المؤسسة بسبب عجز رئيس الحكومة المعين عن إيجاد صيغة توافقية مع الأحزاب الأخرى لتشكيل أغلبية نيابية، مادامت الانتخابات، التي بوأت حزبه المرتبة الأولى، لم تعطه أغلبية تمكنه من التعامل بما يظهره من نزوع هيمني وإفراط  في استعمال  منطق "القبول المشروط"  مع مختلف القوى السياسية.

 

وكان الذكاء السياسي يقضي بأن لا يعطل رئيس الحكومة المكلف انتخاب رئيس مجلس النواب، مادام حزبه غير مرشح لتوليها وكذلك حزب الأصالة والمعاصرة ومادام عارفا بأن تقديمه لمرشح لن يحوز الأغلبية، وأن لا يؤخر وضع هياكل المجلس التي تخضع للقسمة العددية بين الفرق وتعطيه حصته غير منقوصة، وربما كان من شأن ذلك تسهيل مأموريته وتجنيبه حوادث الطريق التي تسبب فيها هو نفسه، أو بعض من تولوا النطق باسمه وحتى أكل الثوم بفمه أحيانا، لكن إحساسه بامتلاك القوة والقدرة على تكوين وتفكيك جميع المعادلات السياسية لوحده جعله يتوجس من الجميع ويعرقل جراء ذلك مؤسسة لا ترتبط هيكلتها بـ"انبثاق الأغلبية" إلا عرفيا وفي الشروط التي تكون فيها الأغلبية الحكومية واضحة المعالم تقريبا في ضوء الخريطة السياسية المترتبة عن الانتخابات وكذلك، وهذا عنصر بالغ الأهمية، في ظل المقتضيات الدستورية.

 

ويبدو أن بعض المتخصصين في الإفتاء في الدمياطي الدستوري و"التنبار" السياسي و"التنوعير الخاوي"،  قد أوحوا لرئيس الحكومة أنه أوردوغان  المغرب المستهدف وأنه إذا ترك مجلس النواب يختار رئيسه وهياكله ستفلت منه رئاسة الحكومة وترسو على غيره كما لو أن المغرب هو تركيا، وذلك رغم أن الملك محمد السادس عينه وكلفه بتشكيل الحكومة وفقا للفصل 47 من الدستور مباشرة بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات العامة لمجلس النواب.  وبذلك ورطوه في موقف الربط الأوتوماتيكي بين هيكلة مجلس النواب وتشكيل الأغلبية الحكومية ومنعوه من جعل هذا المجلس مجالا يمكن أن ينضج مشاوراته ويجنبه توترات خلقها بانكفائه في بيته الخاص وتحويله إلى مزار.

إن انتخاب رئيس البرلمان ومكتبه ووضع هياكله من الأمور المستعجلة اليوم بالنظر لضرورة المصادقة على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي في مدة تقل عن 15 يوما، ليكون المغرب جاهزا لمواجهة مناورات أعداء الوحدة الترابية وجعل الالتحاق بالاتحاد القاري يتم من موقع قوة، خصوصا وأن أغلبية كبيرة من الدول الإفريقية تساند هذا الالتحاق، لكنه أيضا ضرورة مستعجلة وفي نفس النطاق كي يحوز البرلمان المغربي مكانه ومكانته في البرلمان الإفريقي بدون تأخير ويكون بإمكان البرلمانيين المغاربة الحصول على التمثيلية اللازمة في هياكله والمشاركة في صنع قراراته والتصدي للخصوم الذين لن يدخروا جهدا لاستغلاله منصة للتعويض عما باتوا يشعرون به من تآكل لأوهام بات زمن نهايتها غير بعيد.

 

فالمغرب مطالب بأن يكون جاهزا جاهزية كاملة لتسجيل حضور قوي وفعال في كل مؤسسات الاتحاد الإفريقي يعطيه إشعاعا أكبر وقدرة على إقناع من يعادونه اليوم في  جنوب القارة على الخصوص أنهم مخطئين في حقه وأنه يجب أن يراجعوا مواقفهم في ضوء الحقائق الميدانية والسياسية وغيرها كي يكون الحل السياسي ممكنا لنزاع مفتعل يستعمله ويستغله النظام الجزائري لأهدافه الجيوسياسية ولخدمة أهداف سياسته الداخلية أيضا. ولعل البرلمان الأفريقي من الواجهات الأساسية لتطوير ذلك الإشعاع، بالنظر إلى توفر المغرب على عدد الميزات الكفيلة بتبويئه مكانة مميزة في هذه المؤسسة.

 

وعدا ذلك، فهيكلة مجلس النواب تسمح له بلعب عدد من الأدوار، مادام سيد نفسه وليس تابعا للحكومة، في انتظار تشكل الأغلبية البرلمانية والحكومة وانطلاق مسلسل التشريع والمراقبة بشكل طبيعي.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar