نوسطالجيا الصورة..نساء ورجال التعليم بين الأمس واليوم

محمد نجيب كومينة

 

تعود هذه الصورة إلى سنة 1967 وتجمع رجال ونساء التعليم بالمدرسة الابتدائية لسان الدين بن الخطيب بمكناس. ولو بحثنا عن صور لرجال ونساء التعليم في مختلف مدارس المغرب وقتئذ لوجدناها شبيهة لها في كل شيء. هكذا كان معلمونا ومعلماتنا نحن الذين كنا في المدرسة في ذلك الوقت.

 

الصورة تعكس مرحلة بكاملها كان خلالها أطر التربية والتعليم نخبة تطلب الحداثة وتسعى إلى التقدم وتعمل على نشر المعارف والقيم التي تخدمه وترسخ حب الحياة والاستمتاع  بمباهجها ومتعها كي يتحرر المغرب من أسر التأخر التاريخي. وكانت هذه النخبة تتميز كما يظهر من الصورة حريصة على هندامها وعلى الظهور بمظهر لائق وأنيق أمام التلميذ وأمام المجتمع بشكل عام. وكانت المعلمة والأستاذة سباقتين إلى التحرر من الإرث العتيق والسعي إلى الرقي والأخذ بمعطيات الحياة العصرية المتاحة آنذاك.

 

لو أخدنا صورا لعدد من رجال ونساء التعليم في مجموعة من مدارسنا اليوم لصدمنا بحجم التراجع مقارنة مع تلك الفترة، لأن  نسبة مهمة من رجال ونساء التعليم اليوم، الذين يشكلون العمود الفقري للجماعات الإسلامية التي توسعت بعد سبعينات القرن الماضي، صاروا منشغلين بهدم التراكم الذي تعب من أجله الأولون، بناة الاستقلال، وصاروا دعاة ردة وتراجع وانكفاء وحملة أفكار ظلامية يشحنون بها تلاميذهم ويهيئونهم من خلالها لمناصبة التقدم والحياة العداء وللسعي للموت والفناء.

 

المدرسة المغربية اليوم، وليسمح لي رجال ونساء التعليم المتنورين الذين باتوا مطوقين من كل جانب بقولها، صارت محتلة من طرف فلول الظلام وأعداء النور والتقدم ودعاة الموت والخراب، وهؤلاء يزدادون تمكنا ويرتفع ضغطهم على غيرهم، وهذا ما من شأنه أن يجعل الأجيال الصاعدة المشحونة من طرفهم بأفكار مغرقة في الرجعية والتخلف خطرا على نفسها وعلى البلاد وعلى البشرية. من ذهبوا لسوريا أو ليبيا أو غيرها للالتحاق بداعش والنصرة وغيرهما من التنظيمات الإرهابية ومن قتلوا ودمروا بالطرق الهمجية التي نعرفها هم خريجو مدرسة اليوم وتلاميذ أساتذة اليوم بتوجههم الماضوي الرافض للحاضر والمستقبل وللحياة.

 

المدرسة المغربية اليوم خطيرة جدا، لأنها البوابة الأساسية لانتشار وتوسع الإسلام السياسي بتلاوينه التي لا تخفي توحده حول نفس الهدف في النهاية، مع اختلاف في النظر إلى الوسائل والطرق ذو أثر محدود، وخطرها يزداد باضطراد وبشكل يتطلب التصرف قبل فوات الأوان. فلنحذر أن يختلط علينا البقر. ولنحذر الانسياق وراء كليشيهات يتم ترويجها من طرف من يعتبرون الحريات وحقوق الانسان طواغيت وماسونية وما إلى ذلك.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar