عبد النبي الشراط يكتب الحلقة الثانية عن: مأساة حزب الاستقلال

 

 

 

 


بقلم: الكاتب والصحافي عبد النبي الشراط

 

 

 

الحلقة الثانية :

وصل صاحب اليد التي كانت تحتضن أسيادها لتقبيل أياديهم إلى كرسي رئاسة جماعة حضرية، وما كان له أن يصل لولا أن هناك مواطنين من داخل حزبه وخارجه ، قادوه إلى رئاسة تلك الجماعة التي منها انطلق ليسيطر على بقية أجزاء المدينة فيما بعد.

 

 

واجه حروبا ، وقاد صراعات متعددة .. كان حينما يجد نفسه قريب من المنحدر يخر راكعا أو ساجدا أمام من يرى أنه قادر على إنقاذه ، لكنه سرعان ماكان يتنكر لمن أنقذه حينما يجد نفسه وقد نجا من التهلكة ..

 

 

أحد أصدقائه طلب منه أن يتقدم للانتخابات البرلمانية ، كانت مفاجأة للرجل .. أجاب في دهشة: لايمكن ذلك ، لعدة أسباب في مقدمتها أنه لايملك المال اللازم وأن حزبه لن يمنحه تزكية للترشح بإسمه للانتخابات البرلمانية .. وبدأ التفكير يتطور .. كان قد فكر وقدر أن يترشح للانتخابات البرلمانية سنة 1997 باسم حزب آخر وكان رأيه قريبا من أن يتقدم باسم حزب التجمع الوطني للأحرار ، صديقه الذي كان يرى فيه ظاهرة إيجابية يجب دعمها وترشيدها وتقديم النصح له، رأى أنه من غير الممكن ذلك ، وألح عليه بأن يحاول الحصول على التزكية من حزب الاستقلال الذي ينتمي إليه تحديدا، ووعده صديقه هذا بأنه سيرسم له خطة نجاح وما عليه إلا يحصل على تزكية حزبه . أما قضية المال فأومأ إليه صديقه بأنه لا محالة سيحصل على ما يريد من أصدقائه .. لأن الكثيرون كانوا يرغبون بدعمه.

 

 

صاحبه لم يكن يملك مالا .. لكنه يملك أفكارا .. وهذه الأفكار هي التي قادت صاحب اليد الناكرة للجميل إلى ما وصل إليه من مجد سياسي وثراء فاحش لم يكن يحلم به يوما بحياته .

 

 

بدأ التمهيد والتخطيط بأول ندوة صحفية عقدها صاحب هذه اليد بناء على رغبة أصدقائه، الذين حشدوا له كافة مراسلي الصحف الوطنية ، وأصحاب الصحف المحلية التي تصدر بفاس بمن فيهم الذين كانوا لاشغل لهم إلا سبه وشتمه وفضح عوراته في صحفهم الدورية .. فوجئ صاحب اليد بأن هؤلاء لبو دعوة الندوة وبدأ يثق في خطط صاحبه..

 

 

صديقه كان قد هيأ كل شيء .. لأن الندوة كانت بمقابل ، وكان صديقه قد أوحى لكل من حضر بأنهم في نهاية المطاف سيقبضون .. فلا داعي لطرح أسئلة مزعجة على "الرئيس. "

 

 

أدخله صاحبه إلى قاعة مجاورة لقاعة الندوة حيث لقنه هناك أصول وأسلوب الرد ، على أي سؤال . كما لقنه القواعد الأساسية للرد على الأسئلة المحرجة إن طرحت عليه .. وما يجب الاعتراف به أن صاحب اليد ذكي جدا فهو يستطيع أن يتذكر كل شيء ، ويضيف إليه شيئا آخر .. وهذا الذكاء الماكر هو الذي ساعده على الاستمرار ..

 

 

انتهت الندوة بسلام .. واستلم ممثلي الصحف حصتهم .. فكانت الندوة مقدمة لبروز نجم صاحب اليد..

 

 

رافقه صديقه هذا في كل التحركات … استطاع أن يحصل على تزكية حزبه بالكاد سنة 1997 وهاهو بعد خمسة عشر سنة يحدث ضجيجا لقيادة حزبه التي ساندته من قبل في أغلب خرجاته .. ولا أعتقد أن الاستقلاليين سيقبلون بتسليم مفاتيح حزبهم إلى شخص كهذا .. إنه رجل مدمر ، لايعترف بمن مد له يد العون ، حتى هؤلاء الذين يتملقون لهم وقد رفعوه على أكتافهم في المؤتمر الأخير مثل النكافات في الأعراس سيحصدون النكران والجحود لاحقا..والأيام بيننا. ..

 

 

قبل أن نصل إلى محطة المؤتمر الأخير التي كان عنوانها : تأجيل انتخاب أو تعيين الأمين العام للحزب إلى أجل غير مسمى تقريبا ، يجدر بنا أن نلقي إطلالة على تاريخ هذا الشخص ، كيف كان وكيف وصل وكيف أصبح؟

 

 

من سانده .. ومن حاربه ، ومن عارضه .. ومن كان يكيد له ، ومن كان ينصحه وماذا كان يدبر هو للآخرين في السر والعلن ؟

 

إذ يبدو أن التاريخ مهما جدا لمعرفة مايحصل في الحاضر ، وماذا سيحدث في المستقبل .

 

 

كانت قلة قليلة من الاستقلاليين الذين يتمتعون بسمعة نظيفة هم الذين يدعمون هذا الشخص ، و الأغلبية المطلقة من الاستقلاليين ، الذين يسبحون الآن بحمده ويذكرونه بكرة وأصيلا . هم الذين كانوا له بالمرصاد ..

 

 

كانوا بالأمس يتبرمون حتى من ذكر إسمه ، بل كانوا يستهزئون به ويسخرون من القلة التي تسانده .

 

 

لكن تغير الوضع بعد أن صعد نجمه للسماء .. انقلب هو على الذين كانوا يدعمونه بالأمس وانقلب أولئك الذين كانوا يسخرون منه فالتفوا حوله .. والتف حولهم ، لأن هؤلاء يؤمنون بالمثل القائل: " من تزوج أمك تناديه عمك" لكن هؤلاء اجتهدوا كثيرا فرأوا أن كلمة "عمي" لا تليق بمقامه فأصبحوا ينادونه" سيدي"وهذه هي قمة المأساة ..

 

 

 

 وللقصة بقايا..نتابعها  ضمن هذا الركن

 

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar