غسيل حزب ” سيدي علال “

 

 

 

 


 

كثيرة هي المقالات التي تناسلت علينا حول ما آل اليه حزب كبير بثقل حزب الإستقلال، وكثيرة هي التحليلات والكتابات البكائية على حزب قدر له الله تعالى أن يعيش مآسي. وهذا مقال هام للأستاذ عبد الله ساورة…


 بقلم عبدالله ساورة


دفعة واحدة وبدون مقدمات انهار صرح الزعامات التاريخية، وبدأ سعار التهجمات على قيادات حزب الاستقلال ولم يعد للزعيم التاريخي أي قيمة تذكر بعدما أصبح الزعيم  عاجزا عن حل الخلافات  ومتراجعا إلى الوراء كمشاهد للاحداث المتتالية، وأصبح موضع نكت وسخرية تضحك البعيد قبل القريب.


الحزب التاريخي، والحزب الوطني والزعامات التاريخية، مقولات انتهت في حزب الاستقلال، ووجد عباس الفاسي  نفسه مستهلكا بحضور طائفة من  الخصوم الأشداء وصف البعض منهم أنهم " خريجو سوابق ".

 

ولم يتوان الخصوم بوصفه الرجل الذي يتقن لعبة " أنا ومن بعدي الطوفان"، والرجل " الذي يحسن التأمر".

والرجل "  الذي همه العائلة فقط "، والرجل " الذي لايكف لسانه عن ترديد لازمته (أنا ومن بعدي الطوفان)، وأوصاف من قبيل " الحقود " و" المريض " و" غير النزيه"  ترددها طوائف الاستقلاليين شيعا بعدما أصبحت عشائرا ومللا ونحلا وقبائل تتناحر على  من يقود الحزب ومن يبتغي  الاستوزار بالقوة، ومن يهدد بالفضح وبالثبور في حق كل من  يقف أمام مستقبله السياسي في قيادة وزاراة من الوزارات،  أو ديوان من الدواوين بدون وجه حق وبدون حس نضالي  ولا كفاءة مشهود بها.


هذه كانت النتائج الكبرى التي أفضى إليها المؤتمر السادس عشر لحزب "الاستقلال"، وألقت بغسيل حزب " سيدي علال" أمام الجميع، وعما  يعيشه البيت الداخلي للحزب من تصدعات، وحجم الصراعات الداخلية وعنفها، وعن قيادات بدت  واهنة ومستعصية على الفهم، تتكشف في ألوانها، وتنزع عنها أقنعة القيادي المنصاع والمؤمن بقدره في الحزب  وعن تفسخ التعادلية كأسلوب لإدارة الأزمات.


فجأة لم تعد تغريدة الحزب الوطني، والحزب التاريخي كافية، ولم يعد للولاء طعما ولم تعد لطاعة الزعيم  والخنوع وتقبيل الايادي سوى الكثير من الاستهتار الذي ينتشر بين ثنايا الخطابات باللمز والغمز تارة و بالوضوح بطريقة مباشرة تارة اخرى.


هل هوت هذه الأقنعة دفعة واحدة في مؤتمر تأجل انتخاب أمينه العام إلى أجل غير مسمى وأصبح خاضعا للكثير من الحسابات وللتحكيم الملكي بدوره؟ !!!!!


 غابت " الديمقراطية  " وحلت محلها لغة العائلة والعشيرة، والجهة وأصبح الولاء والوعود هي القاعدة في لعبة  التحالفات ودرجة التصريحات النارية التي تأتي تباعا لمجرد غمز أو إشارة لمسار شخص أصبح منافسا قويا ومعادلة صعبة في السباق نحو الأمانة العامة، ورقما صعبا لايمكن غض الطرف عنه أو تجاوزه.


فجأة أصبح  مثلت  اللعب الذي تدار فيه السياسة الاستقلالية ضيقا لايتسع لمحمد الوفا أو عباس الفاسي أو حميد شباط…. واتسعت دائرة الخلافات ليتبعها التراشق الاعلامي  عن العائلة الفاسية والاستحواذ المالي وصناعة القرار داخل البيت الاستقلالي.


فحميد شباط لايتوان لحظة في فضح عباس الفاسي واتهامه مباشرة بأنه هو من ظل يدير مالية الحزب 12 سنة بدون حسيب أو رقيب،  فهذا هو الحزب الذي مر على جميع الوزارات وشهد على أزمات كبرى وفضائح مذوية مثل فضيحة النجاة و… و يتحمل الكثير مما آلت أوضاع المغاربة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.


اليوم تجد طوائف الاستقلاليين بشتى ألوانهم، أن هالة الزعيم لم تعد لغة مقنعة، وأن الزعيم يعني المكاشفة والتدقيق في الأمور بدل الاجتماع في البيوت المغلقة خلسة  حتى ولو كانت من وراء ستار.


مهما كانت " انتفاضة " الطائفة الشباطية، أو عشيرة محمد الوفا، أو ملة عبدالواحد الفاسي، يصعب الاقتناع بجدية فريق دون الأخر، دون النظر بروية إلى تاريخ المدرسة الاستقلالية كيف تعاملت مع أزمات الشعب المغربي، وتاريخ المغرب المعاصر يشهد على الكثير منها ووقائعها الحزينة…


تأجيل انتخاب الأمين العام، وانهيار منظومة التوافقات في البيت الإستقلالي، ونشر غسيل حزب " سيدي علال " مؤشرات أن هناك خللا ما واعوجاجا طال أمده و يتطلب اصلاحه  حكمة سياسية ونخبة تنآى بنفسها عن  الفساد وتطمح إلى تصحيح الأوضاع  والمسارات بدل الجري بخطوات مسرعة تفتقد للتوزان نحو الأمانة العامة وسباق الإستوزار.


أما ما تبقى من تاريخ الرجل عباس الفاسي، فيمكن كتابته  على  شكل إليادة " الرجل المريض "، وهو ينظر لانهيار البلاد دون أن يعي أن الانهيار كان  مذويا وقويا في النفوس ، كما في سفن النجاة التي لم تنتشل غريقا.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar