مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية .. اختيار دولي

أكد الكاتب الصحفي طالع سعود الأطلسي أن مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية هي “اليوم اختيار دولي”.

واعتبر سعود الأطلسي، في مقال بعنوان “الحكم الذاتي، هو اليوم، اختيار دولي…” أن القوى الكبرى، المؤثرة في هذا العالم، في صراعها حول هذا العالم وبهذا العالم، بلغت درجة من الحدة في الصراع حول إعادة رسم خريطة النفوذ بينها، معتبرا أنها “ما عادت +تطيق+ صراعات، محجوزة التطور ولا تقع على خط التماس بينها من نوع النزاع حول الصحراء المغربية”.

وأوضح أن الأمر يأتي لكونه “نزاع مؤطر بالثقافة الاستراتيجية للقرن الماضي، ولأنه نزاع مفتعل، لا أصل له ولا مدى استراتيجي له، يستجيب فقط لحاجيات التدبير الداخلي لحكم الجزائر، نزاع +يشتت+ اهتمامات القوى الكبرى، المتصارعة عن انشغالاتها الملتهبة، ويهددها بإحداث ثقوب في استراتيجياتها أمام ضرورة تدبيرها لتوازناته، في الفضاء المتوسطي أو في القارة الإفريقية”.

وأضاف الأطلسي “لهذا تلقت تلك القوى مبادرة الحكم الذاتي المغربية مرحبة، بالتصريح أو بالتلميح، وجسدته في قرار مجلس الأمن للسنة الماضية، والذي لم تعترض عليه روسيا، واكتفت حياله بالامتناع بما يفيد، عمليا، عدم عرقلته، والمصادقة عليه بمسحة خفيفة من التحفظ”.

وشدد على أن “تلك القوى المؤثرة تريد حلا للنزاع، سلمي، متوافق عليه، عادل ودائم، وهو ما يهدف إليه مقترح الحكم الذاتي، وهو المقترح الذي لن ت نتج طبيعة النزاع أعلى منه، مهما طال واحتد”، مبرزا أن “كل القوى العظمى المتصارعة، ربطتها وتربطها مع المغرب ومنذ عقود، علاقات صداقة، تعاون، احترام وتفاهم.

المغرب قاوم إغراءات الأحلاف والانحشار في اصطفافات الحرب الباردة. أفهم أصدقاءه بأنه صديق، وبموجبات الصداقة، وأهمها الاحترام المتبادل، وليس مواليا وتابعا لهم، وفرض بذلك احترامهم له”.

وسجل أن ممكنات المغرب اليوم الاقتصادية، الديبلوماسية والأمنية، باتت حاجة كل تلك القوى العظمى م نفردة،(..) ومن موقعه هذا اكتسب المغرب مرونة في تدبير علاقاته مع القوى الكبرى، والعبور من فجوات تناقضاتها برشاقة سياسية لا تزعج أحدا ولا تضره، هو، لا معنويا ولا ماديا.

واعتبر أن هذه الميزة “عززت الثقة الدولية في جاهزيته، فقط، للسلم وللتبادل المثمر للمنافع، في علاقاته وفي العالم. وكان ذلك من حوافز الإقناع بمصداقية مبادرة الحكم الذاتي للحل السلمي للنزاع حول الصحراء المغربية، ولفائدة إخماد توتر جانبي، مشوش على “تفرغ” القوى العظمى لصراعها المركزي والرئيسي بين طرفيها الكبيرين. الغرب، الاقتصادي والسياسي بقيادة الولايات المتحدة. والشرق، بزعامة روسيا”.

وأكد سعود الأطلسي أن “مسرح هذا الصراع المركزي اليوم، هو أوكرانيا، وبماله من تداعيات ملموسة على العالم اقتصادية، تجارية، بترولية وعسكرية. وهو يمتد إلى كل أطراف العالم ويتجه، إذا لم يؤد إلى نهاية العالم، إلى إعادة النظر في قواعد تركيبة النظام العالمي. بدءا من الدولار في التجارة العالمية بكل ما لذلك من دلالات، وتحولات اقتصادية وسياسية، وصولا إلى إعادة تجديد النفوذ السياسي والاقتصادي للقوى في النظام العالمي”.

وقال إنه “تحول تاريخي في الوضع العالمي. المغرب جاهز له، بتاريخه، بمؤهلاته وبطبيعة دولته. بينما القيادة الجزائرية مصابة بعسر هضم التطورات العالمية، لأنها لا تتصرف باستراتيجية دولة. ولا تعبر عن حساسية شعبها، تقودها مصلحة مكوناتها، الفئوية والمحدودة. وهي بهذا تشكل عائقا لتحول مطلوب، دوليا، في نزاع هو اليوم عبئ على العالم.

وأكد أن القيادة الجزائرية تتصرف، في أفق اجتماعات مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، خلال شهر أكتوبر، بمنطق استعراض القوى وتظاهرات العلاقات العامة، بأمل التأثير على أعضاء المجلس.

 من نوع الإعلان على امتلاك البوليساريو للطائرات المسيرة واستعدادها لاستخدامها ضد المغرب. وهو مزيج من الترهيب باحتمال التصعيد العسكري، وأيضا الإيهام باكتمال عناصر “الدولة” لدى البوليساريو.

وأبرز أن “القوى المؤثرة في ذلك المجلس، هي عميقة “الاطلاع” على الحقائق في المنطقة، حقيقة الاستعمال الجزائري للبوليساريو وحقيقة الضعف البنيوي للبوليساريو، وبخاصة مع تزايد النزيف السياسي داخلها، مع النضج الذي اكتسبته عناصر قيادية فيها عبر تفاعلها مع مقترح الحكم الذاتي بواقعيته وجديته وموضوعيته. لا أحد في مجلس الأمن تؤثر فيه شطحات البوليساريو ولا معزوفات القيادة الجزائرية”.

وذكر أن “المبعوث الأممي ديميستورا سيكون، يوم 17 أكتوبر أمام مجلس الأمن، مضطرا لالتماس تمديد مهمته ونفس الملتمس سيدلي به رئيس المينورسو لسنة أخرى.

لأن القيادة الجزائرية، خلال هذه السنة عرقلت الشروع في تنفيذ القرار الأممي، عبر رفضها لمضمونه واعتراضها على الحوار، في مائدة مستديرة، بين الأطراف الأربعة للنزاع”، معتبرا أنه “سيحتاج إلى سنة إضافية، وإلى المزيد من الضغط الدولي لإفهام القيادة الجزائرية بأن هوامش المناورة لديها ضاقت، وأن المجتمع الدولي أقر مقترح الحكم الذاتي، سبيلا فعالا لهذا النزاع الشاذ عن مجريات الأوضاع الدولية”.

وأشار إلى أن ناطقة باسم الخارجية الروسية أوضحت، قبل أيام، أن المناورات الروسية الجزائرية ليست ضد المغرب، ولعلها ضمنيا تقصد كل أنواع المناورات، لأن روسيا تقدر مكانة المغرب وتراعي حضوره الايجابي في الأزمة الليبية ومنطقة الساحل والصحراء وتتوخى فتح آفاق جديدة في علاقاتها الاقتصادية معه، ويفترض، على هذا المنحى، أن تدعم روسيا، أكثر القرار الأممي، لمساعدة القيادة الجزائرية على استيعاب مصلحتها في التجاوب مع الاختيار الدولي.

واعتبر أن “بقية دول الفيتو في مجلس الأمن، يفترض فيها أن تواصل دعمها للقرار الذي أنتجته في السنة الماضية. لم يحدث، خلال هذه السنة، ما يبرر تراجع دولة ما عن تعاطيها مع هذا النزاع، الع ناد الجزائري ليس جديدا، وذلك ما يفرض التأكيد على نفس مضمون القرار السابق، وصلاحية مقترح الحكم الذاتي متواصلة، بل والحاجة إليه باتت أكثر وضوحا وأشد إلحاحا”.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar