عالم إجتماع لـ”تليكسبريس”: الإحتفال بذكرى المولد النبوي يدعم الروح الجماعية ويقوي الهوية الدينية

يرتبط المغاربة بسيد الخلق عليه الصلاة والسلام ارتباطا نفسيا وروحيا، منذ دخول الإسلام إلى المغرب، وتعتبر المملكة المغربية الشريفة من الدول الإسلامية القليلة التي تولي اهتماما خاصا لعيد المولد النبوي، وتحيطه بكل مظاهر الحفاوة والاحتفال.

وفي هذا الصدد، قال الدكتور عبد الجبار شكري، عالم الاجتماع وعالم النفس، إن “احتفال المغاربة بطقوس ذكرى المولد النبوي له دلالة سيكولوجية ودلالة سوسيولوجية، فبالنسبة للدلالة السيكولوجية: فإن احتفال المغاربة بطقوس ذكرى عيد المولد النبوي في إطار السيكولوجيا الدينية هو استرجاع الثراث السيكولوجي عند  المغاربة في التشبت بالمرجعية الإسلامية، المتمثلة في رسول الاسلام، وهذا الثراث السيكولوجي هو الاطمئنان وسكينة النفس وانتقال الروح من الايمان الى الاحسان”.

وأوضح شكري في تصريح لتليكسبريس، أن “هذا الثراث السكولوجي يتم داخل احتفال جماعي وطقوس الذكر وقراءة القرآن والأمداح النبوية، في  الزوايا والمنازل “.

ويضيف شكري: “أما الدلالة السوسيولوجية لاحتفال المغاربة بطقوس ذكرى المولد النبوي فتتمثل في دعم الروح الجماعية وتقوية الوعي الديني الاسلامي وربط أواصر الرحم بين الاقرباء، وتقوية الهوية الدينية المالكية بين المغاربة في السيرورة التاريخية”.

والأعياد عموما في حياة الشعوب فرصة للاحتفال وإدخال السرور إلى النفوس التي أعيتها تعقيدات ومشاكل الحياة، فهي مناسبة للخروج من كدر المعيش اليومي بروتينيته وأسلوبه المعهود وإطلاق العنان لأشكال احتفالية متحررة.

وتتجلى أيضا الدلالات العميقة لإحياء هذه الذكرى، من خلال استدعاء البعد المقاصدي في التشريع الإسلامي والدرس الاجتماعي والأنثروبولوجي، وخصوصيات الثقافة الشعبية، حيث ينطوي الاحتفال بذكرى المولد النبوي على دلالات تربوية عميقة، فهو ليس احتفاء بشخص النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه ليس إلا بشرا يوحى إليه، يأكل ويشرب ويمشي في الأسواق، فكان بذلك الإسلام متوازنا في النظرة إلى شخصية الرسول الكريم.

غير أن الأجواء الاحتفالية في المجتمع المغربي يختلط فيها المقدس بالمدنس، حيث تتلبس الطقوس الدينية بلباس المرجعيات الأسطورية والوثنية احيانا، ويتعكر نقاؤها و صفاؤها ببعض مماراسات الجهل والخرافة والشعوذة، لكن ذلك لا يمكن أن يحجب ما تزخر به هذه الذكرى من دلالات روحية وإنسانية عميقة.

ويذكر أن مصر سبقت المغرب في الاحتفال بهذا العيد، نظر لأن الفاطميين بعدما استولوا على حكم البلاد، عملوا على الاحتفال بعيد المولد النبوي، لما يختزنه من رمزية دينية تكرس شرعيتهم السياسية من خلال انتمائهم إلى البيت النبوي، غير ان الاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف في المغرب له طابعه الخاص ومميزاته ودلالة اجتماعية ونفسية عميقة تختلف كليا عما يمثله بالنسبة للمصريين.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar