فرنسا: ارتفاع جرائم قتل النساء في بلاد الحريات و حقوق الانسان

أضحت جرائم قتل النساء آفة تثير قلق المجتمع الفرنسي، هذا المجتمع الذي أصبح العنف يسود فيه أكثر من السابق. وطفت هذه الظاهرة المجتمعية على سطح النقاش السياسي، حيث يطالب الفرنسيون بإيجاد حل سريع لهذه المعضلة.

وتعكس الأرقام الرسمية مدى خطورة هذه الظاهرة، حيث تموت في فرنسا امرأة كل يومين بسبب العنف الممارس عليها من قبل زوجها أو طليقها.

وبحسب وزارة الداخلية، قفز عدد جرائم قتل النساء في فرنسا بنسبة 20 في مائة خلال 2021 مقارنة بالعام السابق، حيث ق تلت 122 امرأة جراء العنف الممارس عليها من قبل زوجها أو طليقها، مقارنة بـ 102 جريمة في العام 2020.

ويشير تقرير الوزارة إلى أن النساء يمثلن 85 في المائة من إجمالي ضحايا الوفيات العنيفة بين الزوجين في العام 2021، مقابل 82 في المائة سنة 2020، وهي نسبة ثابتة منذ 2006. ومن جانب المجتمع المدني، أحصى (تجمع جرائم قتل النساء من قبل الأزواج أو الشركاء السابقين) وقوع 101 جريمة قتل ضد النساء في فرنسا منذ بداية العام إلى غاية 20 نونبر الجاري.

وتعد جريمة قتل أليكسيا فويو، التي قتلت سنة 2017 على يد زوجها، من أكثر القضايا الجنائية التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة في فرنسا خلال السنوات الأخيرة، والتي تزامنت مع موجة “#مي تو” (أنا أيضا)، ما مكن من تسليط الضوء على هذه الظاهرة.

ومنذ ذلك الحين، ظلت هذه الآفة آخذة في النمو، مما دفع السلطات الفرنسية إلى تكثيف الإعلانات والمبادرات للتصدي لهذه الظاهرة.

وسنة 2019، نظمت الحكومة أول مناظرة حول مناهضة العنف الأسري، والتي توجت بالإعلان عن استراتيجية وطنية لمكافحة العنف الأسري مع 30 إجراء يهدف إلى الوقاية من العنف وحماية الضحايا وأطفالهم بشكل أفضل، وكذا توفير متابعة لمرتكبي أعمال العنف. ونتيجة لذلك، تم تخصيص مليار يورو للمساواة بين المرأة والرجل، بما في ذلك أزيد من 360 مليون يورو لمكافحة العنف ضد المرأة من خلال استثمار بقيمة 220 مليونا من قبل وزارة الداخلية، وتعبئة وزارتي الإسكان والعدل لـ 90 مليون يورو وعشرة ملايين يورو على التوالي.

ومتم شتنبر الماضي، أعلنت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن عن إحداث مهمة برلمانية مسؤولة عن تقديم مقترحات لتجويد المعالجة القضائية للعنف الأسري.

وسيناط بهذه المهمة البرلمانية مهمة تقييم القنوات الـ 123 لمعالجة حالات الطوارئ في 164 محكمة في البلاد، ويجب أن يقدم أعضاء هذه المهمة توصياتهم في غضون ستة أشهر.

قبل ذلك، تم إنشاء خط هاتفي للإنصات إلى النساء ضحايا العنف، وهو ما يجسد أحد التدابير الرئيسية التي اعتمدتها المناظرة حول مناهضة العنف الأسري في فرنسا، حيث تشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 210 ألف امرأة يعانين من العنف الأسري كل عام.

في هذا السياق، اعتبرت نادية الشريف الرغيبي، المستشارة المستقلة وأحد مؤسسي تجمع (WeCare4them)، الذي رأى النور خلال فترة الجائحة لسد الفجوة الرقمية، أن هذه التدابير “غير كافية”.

وشددت المتحدثة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، على ضرورة تعزيز خلايا الاستماع التي تم إحداثها في أقسام الشرطة، مسجلة أهمية تكوين ضباط الشرطة والدرك من أجل التعامل بشكل أفضل مع الشكاوى المقدمة من النساء المعتدى عليهن.

وقالت إن هذه التدابير يجب أن تسير جنبا إلى جنب مع تعزيز نظام وحدات الإيواء الطارئ للنساء ضحايا العنف الأسري وأطفالهن، دون إغفال أهمية مواكبة هؤلاء النساء من قبل مختلف مصالح الدولة المختصة.

وأشارت إلى أنه “يجب أن نتجه نحو المنبع وبسرعة أكبر لتجنب جرائم القتل”، داعية إلى توفير المزيد من الموارد للجمعيات النشطة في مجال الوقاية ودعم النساء ضحايا العنف الأسري. وأكدت أن للمدرسة ووسائل الإعلام دور كبير في توعية المجتمع بخطورة هذه الآفة.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar