قراءة في حوار المهداوي والنقيب بنعمر

في إطار مسلسل استغلال الشيوخ وكبار السن والتغرير بهم الذي دأب عليه مجموعة من مناضلي اليوتوب والتيكتوك خدمة لأجندات وحسابات سياسية وانتقامية مفضوحة، أبى حميد المهداوي إلا ان يستضيف النقيب عبد الرحمان بنعمر الذي قارب أن يشارف التسعين عاما، على أمل توريطه في قضية محمد زيان، أو استدراجه للتصادم مع الدولة ومؤسساتها، في تعامل أقرب الى الاتجار بالبشر واستغلال هشاشتهم منه إلى العمل الصحفي الرصين والأخلاقي.
ولا شك أن المتابع للحوار لاحظ سعي حميد المهداوي بمكر إلى تقويل النقيب بنعمر ما لم يقله، أو تغليطه بأسئلة ملغومة سعيا لاستدراجه لمواجهة او انتقاد المؤسسات التي تكلفت بتطبيق القانون في قضية محمد زيان، بل كان واضحا كذلك رغبة النقيب في التحفظ عن الجواب أو عدم موافقته لتصرفات ومواقف زيان في مقابل سعي حثيث للمهداوي الى حشر ضيفه الكبير في الزاوية واستخراج تصريح يتاجر به على قنواته وصفحاته طمعا في دولارات الادسنس.
هذا بالاضافة الى أن المتابع لأجوبة النقيب بنعمر سيخرج متأكدا من أن الرجل لم يكن متابعا لقضايا محمد زيان التي اعتقل من اجلها ولا للطريقة التي تم فيها تنفيذ القرار القضائي بإيداع زيان السجن في احترام تام لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية.
فلما يصرح النقيب بنعمر ان اعتقال المحامي أو تفتيش مكتبه لا يكون الا بحضور نقيب المحامين او من ينتدب لذلك، فإنه من الاكيد ان بنعمر لا يعلم ان زيان ليس معتقلا بناء على امر النيابة العامة وإنما صدر في حقه قرار قضائي بالايداع في السجن وشتان بين الوضعيتين قانونا، كما ان هذا القرار القضائي لا علاقة له بممارسة زيان لمهنة المحاماة أو بمكتبه بل بناء على احكام قضائية جنائية قضت بإدانته على الجرائم التي ارتكبها وتوبع من اجلها وهي كلها جرائم خاضعة للقانون الجنائي كالمشاركة في الخيانة الزوجية، والمشاركة في اعطاء القدوة السيئة للأطفال نتيجة سوء السلوك، وتهريب مجرم من البحث ومساعدته على الهروب، والتحرش، بالاضافة الى جرائم اخرى منصوص على عقوباتها الجسدية في القانون الجنائي نظرا لخطورتها على ضحاياها وعلى المجتمع، وكل مرتكب لها فوق التراب الوطني يطبق عليه القانون كيف ما كانت وضعيته أو مهنته أو منصبه الذي يشغله، كما انه وللحقيقة فإن تنفيذ المقرر بإيداع محمد زيان السجن لم يكن داخل مكتبه للمحاماة لأنه متوقف عن ممارسة مهنة المحاماة بقرار لنقابة هيئة المحامين، كما لم يخضع مكتبه لأي تفتيش، هذا بالاضافة الى ان قانون المسطرة الجنائية لم ينص تماما الى لزوم اخبار النقيب قبل تنفيذ المقرر القضائي بالايداع بالسجن.
أما فيما يتعلق بقول النقيب بنعمر أن اعتقال المحامي يستوجب احترام مسطرة خاصة كتلك المطبقة على القضاة والوزراء وأعضاء الحكومة فهذا لعمري مجانب للصواب ويسيء لتاريخ الرجل الحقوقي ويشكك في معارفه القانونية، على اعتبار أن المحامون لا يتمتعون بالامتياز القضائي طبقا لما هو منصوص عليه في المواد 265 و266 و267 و268 ذلك أن هذه النصوص مخصصة فقط لأعضاء الحكومة وكتاب الدولة والقضاة والعمال والبشوات عند ارتكابهم لجرائم أثناء مزاولتهم لمهامهم أو خارجها.
أما فيما يتعلق بالرد على ادعاءات الصحفي كون الاعتقال كان تعسفيا، فهذا كذلك وصف أقل ما يقال عنه أنه غير دقيق وغير صادق على اعتبار أن إيقاف محمد زيان جاء تنفيذا لمقرر قضائي صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط وفي إطار المادة 392 من قانون المسطرة الجنائية التي تنص صراحة على أنه يمكن للمحكمة بناء على ملتمس النيابة العامة اذا كانت العقوبة المحكوم بها تعادل سنة حبسا أو تفوقها ان تصدر مقررا خاصا معللا تأمر فيه بإيداع المتهم في السجن او بإلقاء القبض عليه، وهو رد كذلك لكل دعاة كون الاعتقال لم يكن بناء على مقرر قضائي والحال أنه صادر عن هيئة قضائية مستقلة قامت بتمتيع محمد زيان بحقه في المتابعة في حالة سراح خلال كافة اطوار المحاكمة، ثم ارتأت لاعتبارات تدخل في صميم قناعاتها وسلطتها التقديرية أن تستجيب لطلب النيابة العامة لإيداع محمد زيان السجن من أجل تنفيذ العقوبة المحكوم بها والمحددة في ثلاث سنوات.
وخلاصة القول انه أصبح من الواضح كون خطة المهداوي لاصطياد ضحية آخر وتكرار سيناريو زيان لأكل الثوم بفمه، قد باءت بالفشل الذريع بعد أن صرح النقيب بنعمر في ختام حلقته بأن العدالة يجب ان تطبق على الجميع مهما علت صفته ومهما كانت مسؤولياته السابقة أو الحالية، لأن أساس القاعدة القانونية أنها عامة ومجردة.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar