وذكّر..عندما عاقبت “الفيفا” المغرب بسبب تضامنه مع منتخب جبهة التحرير الجزائرية

كثيرة هي المواقف الشجاعة التي وقف فيها الشعب المغربي إلى جانب الأشقاء في الجزائر في عز محنهم وأزماتهم، لكن جنرالات الجزائر بعد أن تسلموا من فرنسا مقاليد تسيير مقاطعتها الإفريقية نيابة عنها، حاولوا تغيير التاريخ وتجييش الشعب الجزائري ضد المغرب وإخفاء العديد من الحقائق التي لا يمكن القفز عليها من خلال الترويج للادعاءات والأكاذيب والأباطيل كما يفعل اليوم نظام العسكر المنبوذ  داخليا وخارجيا.

ومن بين هذه المواقف النبيلة، التي تناساها الجزائريون تحت تأثير العقيدة العدائية للطغمة العسكرية ضد المغرب، ما تعرض له المنتخب المغربي من عقوبات سنة 1958 حيث قررت الفيفا آنذاك إيقافه لمدة سنة عن خوض أي مباراة دولية، بحجة أنه لعب ضد فريق غير معترف به من طرف الفيفا أو الكاف(ويتعلق الأمر بفريق جبهة التحرير الوطني الجزائرية).

 وتعود تفاصيل الأحداث إلى سنة 1957 عندما قررت جبهة التحرير الوطني الجزائرية، إنشاء تنظيمات تابعة لها، ومن بينها “فريق وطني جزائري” لكرة القدم يساهم في التعريف بالثورة الجزائرية، وكانت جبهة التحرير ترى أنه يمكن استغلال الرياضة كأداة نضال نظرا لما تتمتع به من شعبية على المستوى العالمي.

وأسندت مهمة اختيار اللاعبين لمحمد بومزراق، الذي كان مدير الرابطة الجهوية الجزائرية التابعة للاتحاد الفرنسي لكرة القدم، وبدأ يعمل في سرية تامة، وفي 13 و14 أبريل من نفس السنة، تفاجأ الفرنسيون بفرار لاعبين جزائريين بارزين ينشطون في الأندية الفرنسية إلى تونس حيث يوجد مقر الحكومة الجزائرية المؤقتة.

ولم تتقبل الحكومة الفرنسية الوضع، وحاول الاتحاد الفرنسي لكرة القدم استعادة اللاعبين الفارين، خصوصا أنه كان من بينهم رشيد مخلوفي ومصطفى زيتوني، اللذان كانا من أبرز نجوم المنتخب الفرنسي المقبل على المشاركة في كأس العالم 1958 بالسويد.

وبعد ضغوط كبيرة أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا أن أي فريق سيواجه الفريق الجزائري غير المعترف به سيطرد من نهائيات كأس العالم.

وبعد تجمع اللاعبين الجزائريين في تونس، تقرر تنظيم دوري أطلق عليه اسم المناضلة الجزائرية “جميلة بوحيرد”، واستدعي المغرب والجمهورية العربية المتحدة (سوريا ومصر) بالإضافة إلى تونس ومنتخب جبهة التحرير، للمشاركة في الدوري.

لكن، منتخب الجمهورية العربية المتحدة تخوف من تهديدات الفيفا، وقرر عدم الحضور إلى تونس، وعدم خوض أي مباراة ضد منتخب جبهة التحرير.

عقوبات الفيفا

وبعد المباراة الافتتاحية التي جمعت منتخب جبهة التحرير بالمنتخب التونسي، والتي انتهت بتفوق الجزائريين بخمسة أهداف لواحد، كان المنتخب المغربي ثاني منتخب يواجه الفريق الجزائري في تاريخه يوم 9 ماي 1968، وانتهت المباراة بتفوق الجزائريين بهدفين مقابل هدف واحد.

وتدخل الاتحاد الفرنسي، وضغط على الفيفا، لتقرر معاقبة المنتخب المغربي بالإيقاف لمدة سنة عن خوض أي مباراة دولية، بحجة أنه لعب ضد فريق غير معترف به من طرف الفيفا أو الكاف.

وتقبل الجانب المغربي هذه العقوبات بارتياح، ويشير منصف اليازغي، عضو المركز المغربي للدراسات والأبحاث في المجال الرياضي، في شريط فيديو إلى أن بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس عند إخباره باحتمال فرض عقوبة التوقيف على المغرب قال “إذا لم تكتف الفيفا بسنتين بإمكانها أن تفرض أربع سنوات إذا كان ذلك من أجل الجزائر”.

وبسبب هذا الإيقاف لم يتمكن المنتخب المغربي من المشاركة للمرة الأولى في تاريخه في كأس إفريقيا لكرة القدم في مصر سنة 1959، وكان المغاربة يملكون حظوظا كبيرة للتتويج باللقب على اعتبار مشاركة ثلاثة منتخبات فقط هي مصر وإثيوبيا والسودان.

دعم متواصل

ولم يتراجع المغرب عن دعم المنتخب الجزائري، رغم عقوبات الفيفا، ووجه له الدعوة للحضور إلى البلاد، وإجراء مباريات مع منتخبات العصب، ويوم 13 نونبر 1958 وصل منتخب الثورة الجزائرية إلى الرباط وحظي باستقبال شعبي ورسمي كبير.

وتقابل منتخب الثورة يوم 18 نونبر من سنة 1958 مع منتخب عصبة الدار البيضاء، وحضر المباراة بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس وجمهور واسع وكبير، وفي 21 نونبر تقابل مع منتخب عصبة الرباط وحضر المقابلة الأمير مولاي عبد الله والمطربة الجزائرية وردة. ثم أجرى مباريات أخرى مع منتخبات العصب. وخلال هذه الجولة، تم استغلال المباريات لجمع الأموال لدعم الثورة الجزائرية ومنتخبها.

وبعد سنتين من تأسيس هذا المنتخب، انضم إليه اللاعب عبد الله السطاتي الذي سبق له أن لعب لفريق الراك والوداد وبوردو الفرنسي في الخمسينيات. وهو من مواليد مدينة سطات من أب جزائري وأم مغربية.

وبذلك لعب المغرب دورا مهما في انطلاقة هذا الفريق، الذي لعب مباريات أيضا في أوروبا الشرقية، كان الهدف من ورائها هو التعريف بالثورة الجزائرية وحشد الدعم لها.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar