كومينة: “المغرب – فرنسا” مباراة تحضر فيها النظرة الاستعلائية تجاه إفريقيا

أتمنى ان يخوض الفريق الوطني المغربي مباراة النصف مع فرنسا بكثير من الذكاء والدهاء التاكتيكي والشجاعة و الاقدام، لانها مباراة مختلفة عن باقي المباراة التي خاضها لحد الآن في مونديال قطر على أكثر من صعيد واثر تحقيق نتيجة ايجابية فيها سيكون اكبر من اثر كل المباريات الاخرى.

ذلك أننا سنواجه خلال هذه المباراة أسوأ نظرة استعلائية و عنجهية (arrogance ) تجاه إفريقيا لا مثيل لها في أوروبا كما تعكس ذلك بعض التصريحات، بما فيها تلك التي تتخفى وراء لطف مصطنع أحيانا، وهي نظرة لا تقتصر على كرة القدم، بل هي شاملة و تعكس لاوعيا موروثا عن زمن الاستعمار الممتد إلى اليوم بالميثاق الاستعماري الذي وضعه الجنيرال دوغول عندما قايض استقلال المستعمرات الفرنسية السابقة باستقلال في اطار التبعية كتحايل على قرار الأمم المتحدة المتعلق بإنهاء الاستعمار.

الانتصار على الفريق الفرنسي، المكون في أغلبيته من أبناء مهاجرين أفارقة مرغوب فيهم فقط لانهم رياضيين من مستوى عال، سيكون ردا على ذلك التعالي وتلك العنجهية وسيكون له اكبر الأثر على المواطنين الأفارقة والنخب الإفريقية غير المستلبة وأيضا على المواطنين العرب والنخب العربية والإسلامية، لأنه سيولد شعورا أوليا برد الاعتبار و بالقدرة على الرد على هذا الاستكبار الفرنسي، المتعاظم بعد صعود نجم يمين متطرف عنصري و معادي للأجنبي ومتوجس من نهوض المستعمرات السابقة التي يستمر استغلالها ببشاعة، و سيشجع على ميل انعتاقي يستنهض القدرات الكامنة لدى الشعوب والبلدان الإفريقية.

الفوز على الفريق الفرنسي يوم الأربعاء والمرور إلى النهاية، بعد الانتصار على بلجيكا واسبانيا والبرتغال، سيكون كذلك إشارة لأوروبا القارية التي غزتها عدوى العنجهية والاستكبار وجعلت ممثل الاتحاد الاوروبي المكلف بالسياسة الخارجية والدفاع جوزيب بوريل يطلق تصريحات خرقاء تافهة تدعو الأوروبيين الى حماية حديقتهم الغناء من الوحوش التي تسكن الغابات المحيطة بها، إشارة تؤكد إن العرب والأفارقة قادمين أيضا، وليس الصينيين والهنود فقط، في الكرة وغير الكرة وان لامناص من إعادة توزيع الأوراق على النحو الذي يتناسب ووحدة الجنس البشري والذكاء البشري التي لا يلغيها التنوع الثقافي و تعدد الألوان والأجناس والقوميات و يمكن من بناء عالم جديد متوازن و عادل ومتحرر من الاستعلاء والاستكبار والعنجهية والنزعة المركزية الأوروبية والغربية عامة التي تغدي الميول العنصرية الخبيثة و تشكل خطرا ليس فقط على السلم العالمي، بل وأيضا على تساكن وتعايش مكونات المجتمعات الأوروبية التي تشير التطورات الجارية، ومن بينها اكتشاف حجم الرايخ الثالث النازي والعنصري في ألمانيا مؤخرا، إنهما مهددان بالانهيار في اي لحظة.

سيكون للفوز على الفريق الفرنسي طعم خاص لدى جمهور واسع جدا وليس لدى الجمهور المغربي، لان الاستكبار الظاهر من تصريحات بعض الفرنسيين يجعل أبعاد المقابلة تتجاوز حدود مباراة عادية يمكن أن يفوز فيها او يخسرها اي من الفريقين دون أن يتجاوز الأمر نطاق الرياضة.

أتمنى ان يكون مدافعونا، وكل لاعبينا، في حالة صحية جيدة وفي حالة ذهنية جيدة ولا تؤثر فيهم أي اشاعة، من قبيل تلك التي تفيد ان الشركات الممولة للفيفا تريد نهاية فرنسية أرجنتينية، او توقعات العرافين والذكاء الصناعي، وان يخوضوا المباراة بتركيز و تاكتيك مناسب، مع إيصال اكبر عدد من الكرات الى النصيري في المربع والمستطيل، فهم قادرون على الاستمرار في الإبهار والانجاز و إسعاد المغاربة والأفارقة والعرب والمسلمين، وعلى فتح صفحة جديدة في تاريخ كرة القدم وتحرير مئات الملايين من الشعور بالدونية والعجز والفشل. سير…سير…سير

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar