الأوضاع السياسية في فرنسا..حكومة بلا أغلبية وأزمة طاقية متفاقمة

في فرنسا، تميزت سنة 2022 التي تقترب من نهايتها، بالانتخابات الرئاسية، التي أبقت على إيمانويل ماكرون في الإليزيه لولاية ثانية مدتها خمس سنوات، لكن، هذه المرة، من دون أغلبية مطلقة في الجمعية الوطنية، التي مكنته من الحكم بسهولة خلال عهدته الأولى.

وقد أسفرت الجولة الثانية من الاستحقاقات التشريعية لـ 19 يونيو، التي فاز بها الائتلاف الرئاسي بزعامة ماكرون، عن خريطة سياسية مختلفة تماما عن خريطة العام 2017. وقد خسرت الهيئات السياسية المكونة للأغلبية الرئاسية، التي حصلت على ما مجموعه 247 مقعدا، ليس بعيدا عن 289 نائبا الضروريين لتأمين الأغلبية المطلقة في المجلس، أزيد من 100 نائب خلال خمس سنوات.

وبعد فشل المفاوضات مع أحزاب المعارضة في الجمعية الوطنية، اختار رئيس الدولة بعد ذلك فريقا حكوميا على أساس الأغلبية الرئاسية، مع منح مساحة أكبر قليلا للمكونات الأخرى للأغلبية.

وبعد توليها زمام الحكم، وجدت الحكومة الجديدة بقيادة إليزابيث بورن نفسها، على غرار جيرانها الأوروبيين، في مواجهة مجموعة من التحديات المرتبطة على وجه الخصوص بالتضخم وأزمة الطاقة، ولكن قبل كل شيء معارضة متربصة.

ومع وجود الائتلاف اليساري من جهة والتجمع الوطني (أقصى اليمين) من جهة أخرى، كمجموعتين معارضتين احتجاجيتين، يضطر المعسكر الرئاسي بأغلبيته النسبية، في كل مرة، إلى التفاوض بشأن دعم البرلمان للحصول على تصويت على مشاريعه.

السياسة الطاقية، التحول المناخي، إصلاح المعاشات التقاعدية، التأمين ضد البطالة، الهجرة… هي كثير من المشاريع والإصلاحات التي ترغب السلطة التنفيذية بتنزيلها خلال فترة زمنية معقولة. ومع ذلك، بسبب الافتقار إلى هذه الأغلبية المطلقة “الشهيرة”، التي تعد ضرورية لحكم مرن وفعال نسبيا، فإن النقاشات في الجمعية الوطنية تطول.

وإن تم اعتماد النصوص التي تروم دعم القوة الشرائية للفرنسيين في مواجهة التضخم المتصاعد دون وقوع حوادث في يوليوز، وذلك بفضل دعم نواب التجمع الوطني والجمهوريين، فقد كان على السلطة التنفيذية أن تلجأ في عدة مناسبات إلى المادة “49.3” من الدستور لاعتماد نصوص الميزانية دون موافقة النواب، لاسيما في ما يتعلق بمشروع قانون المالية ومشروع قانون تمويل الضمان الاجتماعي.

وتمكن الفقرة 3 من المادة 49 من الدستور، التي تعد “ممرا وازنا” من جانب المعارضة، من اعتماد مشروع قانون بدون تصويت، إذا لم يتم التصويت على أي ملتمس رقابة ضد الحكومة من قبل الجمعية الوطنية.

إنها فقرة صغيرة جدا من الدستور من بين مئات المواد التي يحتوي عليها بالتأكيد، ولكن عندما تلجأ السلطة التنفيذية إليها، غالبا ما يكون لها تأثير مدوي.

وتعد النقاشات القادمة بأن تكون محتدمة بالنسبة للحكومة التي سيتعين عليها الانكباب على معالجة قضايا حساسة للغاية. وبالفعل، فإن النصوص التي ستطرح في الجمعية مثيرة للانقسام لا محالة، وعلى رأسها الهجرة، أو تلك المتعلقة بإصلاح نظام التقاعد الذي ترغب السلطة التنفيذية في تنفيذه على نحو سريع.

وفي مواجهة عراقيل المعارضة، يتفق العديد من المراقبين على أن التهديد بحل الجمعية الوطنية أضحى أكثر إلحاحا. فهذا الأمر سيقود إلى تنظيم انتخابات تشريعية جديدة. وبذلك يمكن لرئيس الجمهورية أن يأمل في استعادة الأغلبية المطلقة.

إلا أن الحكومة تعتبر أن الوضع الحالي لا يستدعي أي حل للجمعية الوطنية، وهو ما يحدث فقط في حال “توقف كامل لعمل البرلمان”.

هكذا، يمكن أن يكون العام 2023 حاسما ويقرر في استمرارية ولاية إيمانويل ماكرون التي تبلغ خمس سنوات.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar