بعد ثلاث سنوات من الإغلاق.. الصين تسعى للخروج من أزمة كوفيد

بعد وقوعها في دوامة انتشار العدوى بكوفيد -19، كثفت الصين في الأيام الأخيرة من إعلاناتها حول تخفيف إجراءات مكافحة الوباء، مما أثار تساؤلات حول الثمن الذي يمكن أن يدفعه البلد في طريقه للخروج من أزمة صحية خانقة.

وعاد مصطلح “تعبئة” لخطاب المسؤولين الصينيين، الذين أكدوا أنه لن يتم ترك أي شيء للصدفة في مواجهة فيروس في تغير دائم، وذلك على الرغم من تخفيف إجراءات السيطرة.

وبدأت البلاد، منذ الأسبوع الماضي، في الإعلان عن إجراءات لتخفيف القيود الصحية المعتمدة منذ أكثر من ثلاث سنوات، في إطار الاستراتيجية الصارمة “عدم التسامح”.

وتضمنت هذه الاستراتيجية فترات صارمة للحجر الصحي، واختبارات يومية مضادة لكوفيد-19، والاغلاق الشامل للمدن، عند اكتشاف أدنى حالة إصابة.

وتم اعتبار هذه المقاربة الذي تضمنت أيضا الإغلاق شبه الكامل لحدود البلد، من بين العوامل الرئيسية التي ساهمت في تباطؤ الاقتصاد الصيني سنة 2022.

وخلال سنة اتسمت بموجات متتالية من الإصابات، لم ينمو ثاني أكبر اقتصاد في العالم سوى بنسبة 0,4 في المائة في الفصل الثاني من العام، وهو أسوأ أداء منذ سنة 2020، قبل أن ينتعش إلى 3,9 في المائة في الفصل الثالث، وهي أرقام بعيدة عن معدل نمو 5,5 في المائة الذي حددته الحكومة لسنة 2022.

وفي تحول مفاجئ، قامت السلطات الصينية بالتخلي كليا عن استراتيجية “صفر كوفيد”، مما مهد الطريق للبلد للعودة للوضع الطبيعي.

غير أن هذا الانفتاح قد يكون مكلفا بالنسبة لهذا البلد الأكثر سكانا في العالم، لأن تخفيف إجراءات السيطرة على الوباء يأتي في سياق ارتفاع مقلق جدا للإصابات بكوفيد-19.

وحذر خبراء الصحة التابعين للحكومة من أن البلد يعرف حاليا بداية ثلاث موجات متتالية من العدوى، والتي من المتوقع أن تستمر إلى غاية مارس المقبل.

واعتبر محللون أنه مع ساكنة مسنة، ونظام صحي يتسم بالتفاوتات التي تعكس عدم المساواة بين مناطق مختلفة من البلد من حيث التنمية، تخاطر الصين بتسجيل خسائر كبيرة من ارتفاع الإصابات.

ودعا الرئيس الصيني شي جين بينغ أول أمس الاثنين في احدى مداخلاته النادرة حول كوفيد-19، إلى بذل جهود مستهدفة وإجراءات ملموسة لحماية صحة وسلامة السكان.

وقال الرئيس الصيني بمناسبة الذكرى السبعين لحملات الصحة الوطنية، إنه يتعين القيام بالمزيد من الحملات “الوطنية” في الوقت الذي تواجه فيه البلاد وضعية جديدة في مكافحة وباء كوفيد -19.

وشدد على ضرورة بذل مزيد من الجهود لتوجيه المواطنين لاكتساب المعارف والكفاءات في مجال الصحة، والحفاظ على النظافة الشخصية الجيدة، واعتماد أسلوب حياة صحي لبناء خط دفاع ضد الوباء في المجتمع.

من جهة أخرى أكدت السلطات الصينية أن تخفيف إجراءات السيطرة لا يعني بأي حال من الأحوال التخلي عن الجهود لمكافحة الفيروس.

وفي هذا السياق قال لي بين، نائب مدير اللجنة الوطنية للصحة، إن التدابير الجديدة “معللة وتستند إلى مقاربة علمية”، مسجلا أن العديد من العوامل قد اجتمعت لتهيئة الظروف اللازمة لإجراء التعديل الأخير في تدبير الوباء.

وبحسب للمسؤول، تراقب الصين عن كثب تحور الفيروس، مشيرا إلى أن التتبع جعل من الضروري تسريع التلقيح وتعزيز إنتاج الأدوية.

وأضاف لي “الآن، مع تحور الفيروس، وتغير وضع الوباء، وتقدم التلقيح، وتراكم التجارب في مجال الوقاية والسيطرة، دخلت الصين مرحلة جديدة من التدبير الوبائي”.

وشدد على أن “التغيير في السياسة لا يعني بأي شكل من الأشكال الاستسلام أو التخلي التام عن تدابير الوقاية والسيطرة” مشيرا إلى أن البلد سيواصل تحسين تدبير الوباء.

ويظل الحذر والتزام السكان من خلال احترام تدابير النظافة الأساسية المضمون الرئيسي في خطابات المسؤولين الصينيين، الذين يبدو أنهم مصممون على وضع الصين على طريق ثابت للخروج من الوباء

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar