صحيفة إيطالية: الأوربيون يتعاملون مع النظام الاستبدادي الجزائري بسبب الغاز

تحت عنوان “متاعب الجزائر الغامضة، جارة مهمة وإشكالية”، نشرت صحيفة “دوماني” الإيطالية، اليوم الثلاثاء، مقالا قالت فيه إن الخبراء والصحافيين يتساءلون “من المسؤول في الجزائر؟”، وهو تساؤل أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى بعد لقاء ميلوني بتبون، فالأمر يتعلق ببلد يعد شريكا رئيسا في مجال الطاقة بالنسبة لأوروبا، لكنه منافس حقيقي لحليف آخر هو المغرب.

المقال جاء على إثر الزيارة التي قامت بها رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، أمس الاثنين، إلى الجزائر حيث التقت بالرئيس المعين عبد المجيد تبون، لتوقيع شراكات في المجال الاقتصادي وخصوصا الطاقي، وهي زيارة كانت فرصة لوسائل الإعلام الإيطالية لطرح العديد من التساؤلات حول محاولات نظام العسكر الجزائري “مقايضة” الغاز بالمواقف، خاصة في ما يتعلق بقضية الصحراء المغربية التي تهم شريكا رئيسا آخر لإيطاليا وهو المملكة المغربية.

ووفق مقال الصحيفة، الذي وقعه الصحافي المتخصص في الشأن السياسي والاقتصادي، دافيد ماريا دي لوكا، فإن الجزائر بالنسبة لحكومات الدول الأوروبية المتوسطية تعتبر “لغزا يصعب حله”.

وحول سؤال “من يحكم الجزائر؟”، قال دافيد ماريا دي لوكا إن الجزائريون قدموا بخصوصه جوابا بسيطا للغاية وهو “البّوفوار” أو السلطة، وهي مجموعة غامضة من العسكريين وكبار المسؤولين والسياسيين، المرتبطين بفترة حرب التحرير ضد فرنسا وستينيات القرن المنصرم.

وأشار المقال إلى أن مكمن السلطة الحقيقة منقسم بين الجيش ودوائر المسؤولين غير المنتخبين، وتبون الذي كان رئيسا للوزراء في حقبة ما قبل حراك 2019، والذي وعد بالإصلاحات ودعم الحراك، بما أوصله بشكل غير مباشر للسلطة، أثبت الزمن أن وعوده “فارغة”، حيث استغل النظام ذريعة وباء كورونا لمنع الاحتجاجات، ثم أصبح الصحافيون والمعارضون مضطهَدين.

وأحال الكاتب على مقال السفير الفرنسي الأسبق في الجزائر، كزافيي دريينكور، المنشور مؤخرا في صحيفة “لوفيغارو” بعنوان “الجزائر تنهار.. فهل تجر معها فرنسا؟”، للقول بأن الوجه الحقيقي للجزائر هو أنه “نظام عسكري وحشي يُخفي نفسه وراء سلطة مدنية”، مبرزا أن الطبيعة الاستبدادية للنظام الجزائري لم تمنع الأوروبيين من التعامل معه تجاريا، لأن لديه حقول النفط والغاز، وإيطاليا كانت من أوائل الدول التي عززت علاقاتها بالجزائر في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، رغم رفض الجزائر إدانة الغزو الروسي.

أما بالنسبة للمغرب، فأشار المقال إلى أن المشكلة الأساسية بينه وبين الجزائر، والتي تشي باحتمال وقوع حرب بينهما، هي قضية الصحراء، ورئيسة الوزراء الحالية ميلوني تعرف هذه القضية جيدا، حيث سبق لها أن زارت مخيمات تندوف، ودعمُ مرتزقة “البوليساريو” حاليا “لا يبدو أنه يتعارض مع المصالح السياسية المباشرة لإيطاليا”، لكنه يسير عكس التيار أوروبيا.

وأورد الكاتب أنه على أرض الواقع هناك العديد من البلدان الأوروبية التي انتقلت تدريجيا وبشكل متزايد، إلى تبني المواقف المؤيدة للمغرب، ففي أبريل الماضي دعمت إسبانيا مقترح الحكم الذاتي المغربي الذي وصفه المقال بـ”خطة السلام المغربية”…

وإلى جانب ذلك، نجحت الدبلوماسية المغربي بأسلوب ماهر، حسب الصحيفة الإيطالية، في ضمان الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء سنة 2020، حين وقع الرئيس الأسبق دونالد ترامب، مرسوما رئاسيا يعترف بسيادتها على المنطقة، مبرزة أيضا أن المغرب اتخذ موقفا واضحا من الحرب الروسية الأوكرانية وانحاز علنا إلى حلفائه الغربيين، لدرجة أنه أصبح جزءا من مجموعة الاتصال التي ينسق معها حلف “الناتو”.

وبلهجة المضطر، خلص الكاتب إلى أنه أمام أزمة الطاقة المستمرة حاليا، لم يعد أمام أوروبا وإيطاليا خيار سوى تعزيز العلاقات مع الجزائر، لكنه أضاف أن التنبؤ بـ”إلى أين سيقودنا ذلك، وإلى أين سيقود الجزائر، يظل تحديده أمرا أكثر صعوبة”.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar