هكذا أنقذ جلالة الملك المغفور له محمد الخامس رعاياه اليهود من النازية

رغم مرور ما يزيد عن سبعة عقود على المحرقة اليهودية (الهولوكوست) ومآسي  معسكرات “أوشفيتز”، لا يزال اليهود في كل بقاع العالم يتذكرون ما قام به جلالة المغفور له الملك محمد الخامس حيال اليهود.

وفي أحدث إشارة لما قام به جلالة المغفور له الملك محمد الخامس، وجه الرئيس الإسرائيلي، إسحق هرتزوغ، في أواخر ديسمبر الماضي، كلمة شكر إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس على “الملجأ الآمن” الذي قدمته المملكة لليهود خلال الحرب العالمية الثانية.

وفي كل يوم عالمي لإحياء ذكرى محرقة اليهود “الهولوكوست” (27 يناير) من كل سنة، يتذكر اليهود في بقاع العالم وخاصة اليهود المغاربة هذه القصة.

فخلال الحرب العالمية الثانية، احتلت ألمانيا النازية فرنسا وأسست هناك ما سمي بـ”حكومة فيشي” تحت رئاسة الماريشال الفرنسي، فيليب بيتان.

ورغم أن معاهدة الهدنة الألمانية – الفرنسية نصّت صراحة على تقسيم فرنسا إلى منطقة خاضعة للألمان وأخرى تحت سيادة وحكم الفرنسيين، إلا أن الواقع هو أن البلاد برمتها كانت خاضعة لقوانين وأعراف ألمانيا النازية.

بدأت معالم النازية تظهر سريعا على فرنسا الفيشية. فحسب الموقع الحكومي الأميركي “موسوعة الهولوكوست”، بدأ العمل بـ”تشريع فيشي القاضي بمعاداة السامية من قبل الحكومة الفرنسية بإيحاء من ألمانيا النازية”.

 وفي عام 1941، “أُنشئت لجنة عامة بخصوص المسألة اليهودية تحت قيادة كسافيير فالات لتنفيذ وتطبيق قوانين معادية لنظام اليهود”.

تم بموجب هذه القوانين حرمان الطائفة اليهودية بفرنسا من مزاولة المهن العمومية، كالمناصب الحكومية أو مزاولة مهنة التدريس أو الخدمة العسكرية أو المعاملات المالية كالقروض والتجارة، كما تم حرمانهم من كل ما يؤثر في الرأي العام كالتلفزيون والراديو والصحافة المكتوبة.

سعى نظام فيشي بعد نجاحه في ترسيم القوانين المعادية لليهود بنشرها على بلدان أخرى من بينها المغرب، حيث أرسل الممثل الرسمي للحكومة الفرنسية، المقيم العام، موريس نوغيس، رسالة إلى السلطان محمد الخامس يطلب منه فيها أن يسير على نهجهم ويطبق تلك القوانين داخل المغرب.

يذكر المؤرخ والكاتب اليهودي المغربي، روبرت الصراف أن جلالة المغفور له الملك محمد الخامس أجاب على الرسالة بعد أشهر قليلة، قائلا إن “اليهود المغاربة جزء من رعاياي، ومن واجبي أن أحميهم ضد كل اعتداء”، ويضيف الصراف أن ذلك “لم يكن ذلك بالأمر الهين”، لأن الملك كان “يسبح ضد تيار جارف”.

كما أن بعض المصادر التاريخية تذكر واقعة رفض جلالة المغفور له الملك محمد الخامس تهميش اليهود أو تسليمهم للنازيين. وحسب هذه المصادر فقد اجتمع ممثلون من حكومة فيشي وألمانيا النازية بالملك لمناقشة “المسألة اليهودية”، لكنه رد عليهم قائلا “لا يوجد مواطنون يهود، ولا مواطنون مسلمون، كلهم مغاربة”.

وفي قصاصة لوكالة الأنباء الفرنسية يعود تاريخها 26 ماي 1941، فإن جلالة المغفور له الملك محمد الخامس كان دائما يستقبل في عيد العرش شخصيات يهودية مغربية ويشركها في الحفلات والمناسبات الوطنية.

وخلال احتفال المغرب بـ”عيد العرش” خلال فترة حكومة فيشي، أعلن جلالة المغفور له الملك محمد الخامس موقفه للجميع بحضور شخصيات فرنسية وأميركية، إذ خاطب الحضور قائلا “لا أوافق أبدا على القوانين الجديدة المعادية لليهود، وأرفض الاشتراك في إجراء أشجٌبه، وأريد أن أخبركم أن أفراد الطائفة اليهودية، سيظلون كما كانوا في الماضي، تحت حمايتي، وأرفض أن يكون هناك أي تمييز بين رعاياي”.

وفي مقال لجريدة “ذا تايمز” الإسرائيلية تحت عنوان “القصة غير المعروفة للمغاربة  الناجين من الهولوكوست”، أكد صاحب المقال أن “يهود المغرب نجوا (من الهولوكوست) على الرغم من أن المغرب كان محمية فرنسية وأن نظام فيشي الفرنسي كان متواطئًا في قتل اليهود الفرنسيين”.

وأضاف: “لم يتم إرسال أي يهودي يعيش في المغرب إلى معسكر اعتقال، كما أن يهود المغرب لم يرتدوا النجمة الصفراء، ولم تتم مصادرة ممتلكاتهم، ولم يتم تجريدهم من جنسيتهم”.

ويعكس ذلك الموقف مدى تحسن ظروف الطائفة اليهودية بالمغرب في ظل حكم السلاطين العلويين للمغرب، ففي كتابه “محمد الخامس واليهود المغاربة”، يذكر المؤرخ روبرت الصراف، أنه “لم تعتز أسرة حاكمة بعلاقاتها الممتازة مع اليهود كما فعلت الأسرة العلوية”، مضيفا أن علاقة المولى الرشيد كانت جيدة “إلى درجة أسطورية، (فقد) أصبح يُطلق عليه صديق اليهود”.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar