فضيحة.. بيانات صحية سرية بيعت على الإنترنت

نشر في: آخر تحديث:

كشفت مراجعة علمية دامغة أن بيانات الصحة العقلية الحساسة لملايين الأميركيين تُباع عبر الإنترنت مقابل مبلغ مالي ضئيل.

وتوصل تقرير أعده باحثون من جامعة ديوك إلى أن بعض شركات العلاج الطبي عن بُعد والتطبيقات الإلكترونية للرعاية الصحية تجمع وتبيع بيانات تشمل أسماء المرضى وعناوينهم وتشخيصات الصحة العقلية والوصفات الطبية الخاصة بهم مقابل أقل من ست سنتات، بحسب ما نشرته “ديلي ميل” البريطانية.

مفاوضات مع السماسرة

بدورها، قامت جوان كيم، وهي باحثة في جامعة ديوك، بالبحث عبر محركات غوغل عن مصطلحات مثل “بيع بيانات الصحة العقلية” و”معلومات طبية وصحية للبيع”.

كما أجرت اتصالات بـ 37 وسيط بيع بيانات، وسألتهم عن “أي بيانات صحية و / أو صحة عقلية يمكن أن تكون متاحة للشراء أو الاستخدام”. بل دخلت الباحثة في مفاوضات مع عشر شركات راغبة وقادرة على بيع البيانات المطلوبة.

وأعلن السماسرة عن توافر بيانات حساسة للغاية عن الصحة العقلية لمواطنين أميركيين، بما يشمل معلومات عن المرضى الذين يعانون من الأرق واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، بالإضافة إلى بيانات عن العمر والجنس والرمز البريدي والدين والأطفال في المنزل والحالة الاجتماعية وصافي الدخل السنوي ودرجة الائتمان وتاريخ الولادة.

فيما تباينت أسعار البيانات، وتم تقديم بعضها في شكل إجمالي من شأنه أن يُظهر للمشتري، على سبيل المثال، عدد الأشخاص المقيمين في نطاق رمز بريدي ما، الذين يمكن أن يكونوا مرضى نفسيين.

بيانات حساسة للغاية

وعرض أحد سماسرة البيانات بيانات عن الأفراد المصابين بالاكتئاب والقلق في حدود الميزانية، التي حددتها الباحثة كيم والتي زعمت أنها تبلغ 2500 دولار، ولم يحدد السمسار أي قيود موضوعة على كيفية استخدامها.

في حين قدم السمسار الوسيط بيانات حساسة للغاية عن الصحة العقلية، شملت الأسماء والعناوين البريدية للأفراد المصابين بالاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب ومشكلات القلق واضطراب الهلع والسرطان واضطراب ما بعد الصدمة والوسواس القهري واضطراب الشخصية.

بالإضافة إلى الأفراد الذين أصيبوا بسكتات دماغية وبيانات عن أعراق هؤلاء المرضى. كما كان متاحًا لدى الشركة نفسها قوائم بيانات تسمى “معاناة القلق” و”المستهلكون المصابون بالاكتئاب السريري في الولايات المتحدة”.

حد أدنى 2000 دولار

وحددت شركة أخرى سعر 0.20 دولار أميركي لكل سجل صحي وبحد أدنى يبلغ 2000 دولار. وأوضح التقرير العلمي أنه كلما تم شراء المزيد من السجلات، كان السعر أرخص – مما يعني أنه بالنسبة إلى 435780 سجلًا، كانت التكلفة لكل سجل 0.06 دولار فقط.

وذكر التقرير أن وسيط بيانات آخر قام بتحصيل أكثر من 100000 دولار سنويًا على أساس الاشتراك للوصول إلى البيانات التي تضمنت معلومات عن حالات الصحة العقلية للأفراد.

من جهته، قال أحد سماسرة البيانات إن البيانات المطلوبة عن حالات الصحة العقلية للأفراد كانت “مقيدة للغاية”، لكنه تنازل لاحقًا قائلًا إنه طالما لم تتصل الباحثة كيم بالأفراد الموجودين في مجموعة البيانات، يمكنها استخدام البيانات بحرية.

وفي الوقت نفسه، لم يكشف جميع مندوبي المبيعات، الذين استخدموا منصات الفيديو مثل زووم أو ميكروسوفت تيمز، عن وجوههم للباحثة كيم طوال الوقت أثناء الاتصالات والمفاوضات.

غير ملزمة بضوابط السرية

وقال جاستن شيرمان، الزميل البارز في جامعة ديوك الذي تولى الإشراف على فريق البحث، لصحيفة “واشنطن بوست” إن الأمر يشبه “قائمة التذوق لشراء البيانات الصحية للأشخاص”.

وأضاف أن معظم التطبيقات غير مشمولة بقانون نقل التأمين الصحي والمساءلة HIPAA لأنه ينطبق فقط على بعض الكيانات الصحية المشمولة.

ولهذا السبب، فإن العديد من الشركات الخاصة التي تقوم بتشغيل تطبيقات إلكترونية للرعاية الصحية والعلاج ليست ملزمة قانونًا بالحفاظ على سرية بيانات المستخدمين ويمكنها بيعها ومشاركتها كما يحلو لهم.

حاجة ماسة للحظر

ولم يذكر سماسرة البيانات في أغلب الحالات مصادر بياناتهم، مما يعني أن العديد من الأشخاص ربما لم يدركوا أنه تم جمع بياناتهم في المقام الأول.

كذلك ليس من الواضح ما إذا كانت التطبيقات الإلكترونية قد سمحت للأشخاص بخيارات أخرى، حيث تنص العديد من الشركات في سياسة الخصوصية الخاصة بهم على أنه يمكنهم مشاركة البيانات مع المعلنين أو الأطراف الثالثة.

وناشد الباحثون في ختام تقرير المراجعة العلمية أن تصدر الحكومات حظرًا على بيع بيانات الصحة العقلية في السوق المفتوحة.

آثار سلبية لجائحة كورونا

وأدت زيادة حالات القلق والاكتئاب كأحد الآثار السلبية لجائحة كورونا إلى جانب عمليات الإغلاق والقيود المفروضة على المستشفيات إلى تحول أعداد كبيرة إلى الاعتماد على التطبيقات الإلكترونية للخدمات الصحية.

لكن الثغرات في قوانين البيانات تعني أن المستخدمين ربما لا يدركون حتى إن التطبيقات الإلكترونية قد أخذت معلومات الصحة العقلية الحساسة الخاصة بهم أو تبيعها لشركات أخرى، بحيث يمكن استخدامها لاستهدافهم بعروض وإعلانات للعقاقير الدوائية.

اقرأ أيضاً: