الجوار الطبيعي بين المغرب واسبانيا.. تقارب قوي لحسم معارك التحولات الجيوسياسية بالمنطقة

أكد المشاركون في الندوة الدولية حول الجوار الطبيعي وأفاق العلاقات  المغربية الاسبانية، أن مدريد والرباط فهمتا أخيرا أن المستقبل ينبغي أن يبنى بالتعاون بين المملكتين في جميع المجالات ومن أجل تحقيق جوار طبيعي وغير مشوب بالحذر والتوجس.

وأعرب ضيوف الندوة الدولية المنعقدة بالعيون اليوم السبت 25 فبراير 2023، في اطار ملتقى الاعلام الجهوي والمجتمع الذي تعقده الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بجهة العيون الساقية الحمراء، أن المغرب واسبانيا تجمعهما علاقات تاريخية وتقرب بينهما الجغرافية، لم يكن مسموحا لهما ان تظل علاقاتهما الديبلوماسية رهينة ملفات موروثة عن حقبة تاريخيى، تتعلق بالصراع المفتعل في الصحراء المغربية، مطالبين في الوقت نفسه بخط بحري مباشر بين لاس بالماس والعيون، كبرى مدن الصحراء المغربية لتسهيل التنقل وحركة التجارة والبتادل باعتبار لاسا بالماس بوابة نحو اسبانيا والعيون بوابة المغرب نحو افريقيا.

وأقر صحافيون اسبان من لاس بالماس حضروا اشغال الندوة، ان الاعلام الاسباني لم يكن يعرف جيدا حجم التنمية الموجودة حاليا في الاقاليم الجنوبية المغربية، نتيجة التشويش والتضليل الذي تمارسه الالة الاعلامية الجزائرية ومقربين ومناصرين لجبهة الابوليساريو في اسبانيا.

لذلك، تكونت قناعات عند بعض الصحافيين الاسبان والمجتمع المدني الاسباني وتحيزهم لصالح الاطروحة الانفصالية، لكن يضيف هؤلاء الصحافييون، أنه منذ اعلان مدريد عن تاييد المبادرة المغربية المتعلقة بالحكم الذاتي في الصحراء المغربية، بدأت الرؤية تتضح في مدريد، وبدأ الاقتناع التام ان المقترح المغربي بناء، لانهاء الملف ولا يمكن لاسبانيا ان تبقى رهينة الماضي.

وفي هذا الصدد، أكد اغناسيو بيريرا، صحافي اسباني، أن وسائل اعلام اسبانية كثيرة كانت مع البولياسريو، وكانت تغذي مواقفها انطلاقا من مغالطات ومواقف تصنعها الجزائر وتروجها. ويضيف الصحافي الاسباني في مداخلته بمناسبة مشاركته اشغال الندوة الدولية حول الجوار الطبيعي وافق العلاقات  بين المغرب واسبانيا، ان مدريد تعي جيدا مدى اهمية الرؤية الملكية التي اطلقها في 2007 والمتعلقة بالحكم الذاتي في الصحراء المغربية، بعيدة كل البعد عن تلك الرؤية الخاطئة التي كانت سائدة قبل القرار الاسباني في بداية 2022، الذي اعتبرت فيه اسبانيا مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء حل اساسي وواقيعي وذو مصداقية.

وكشف الصحافي الاسباني ،أن الجزائر كانت دائما تحرك المواقف العدائية ضد للمغرب ونشر ثقافة المظلومية بالنسبة لجبهة البوليساريو، لكن المجتمع الاسباني، بدأ يعي جيدا ما يجري ويدور في الاقاليم الجنوبية المغربية، التي تعرف تنمية شاملة، عكس ما يقع في مخيمات تندوف، حيث الاوضاع كارثية، متسائلا في الوقت نفسه عن مستقبل هؤلاء المحتجزين هناك في ظروف لاانسانية مقابل رخاء في العيون والداخلة وباقي اقاليم الصحراء المغربية.

وكشف الصحافي الاسباني، أن المراسلين والصحافيين الاسبان الذي زاروا الصحراء المغربية باتوا مقتنعين تماما بمظاهر التنمية في هذه المنطقة وغيروا من وجهات نظرهم السابقة، مقابل ظروف صعبة تعيشها مخيمات تندوف، واصبحوا يرون ان الحل الممكن للملف هو الحكم الذاتي.

من جهته، قال الصديق معنينو، مؤرخ واعلامي ومهتم بالشؤون المغربية الاسبانية، أن مدريد والرباط مطالبتين بنهج تعاون جديد يعتمد على ادوات فعالة، مع التركيز على المنظور الجيوسياسي الجديد في المنطقة ثم التدبير المحكم لهذا التعاون الثاني بين المملكتين.

واضاف معنينو، الذي شارك الى جانب ضيوف الفيدالية من اسبانيا والمغرب، في اشغال الندوة الدولية حول الجوار الطبيعي وافاق العلاقات المغربية الاسبانية، أن تدبير المرحلة المقبلة ينبغي فيه الاخذ بعين الاعتبار الوضع الراهن للمغرب، كقوة صاعدة في المنطقة و معيار الواقعية وليس من منظور التعالي، كما تفعل فرنسا مع  دول القارة الافريقية.

واوضح معنينو، ان المغرب واسبانيا عليهما الاخذ بعين الاعتبار مواضيع راهنية ومستقبلية، على رأسها الهجرة السرية والتحولات الجيوسياسية التي تجري في المنطقة والانهيار الوشيك للسلطة في تونس، كما ان الوضع في الجزائر لا يبشر بخير، لان اسبتداد العسكر لن يدوم، وبالتالي على اسبانيا والمغرب ان يكونا في مستدى الاحداث التي قد تعصف بالمنطقة، أضف الى ذلك، ملف الجرائم المنظمة والاتجار في المخدرات وكذى التحولات المناخية، فكلا البلدين مهددين بالعطش، لذلك عليهما التفكير في بدائل وحلول مشتركة بالإضافة الى ملفات الطاقات المتجددة.

وتوقف معنينو كثيرا عند ملف الهجرة وتدهور الاوضاع في القارة الافريقة، ذلك ان الشباب الافريقي لم يعد يتحمل هذا الفشل، الذي ابدته دول عديدة، لذلك فالمغرب لن يستطيع وقف كل الشباب الراغب في الهجرة نحو اسباني، لذك فالملف يحتاج الى رؤية شمولية تؤطر التعاون المغربي الاسباني في الوقت الراهن والمستقبل.

من جهته، توقف نور الدين مفتاح، رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، عن النهضة والتنمية التي تعرفها مدينة العيون، عاصمة الصحراء المغربية، على جميع المستويات، خاصة فيما يتعلق بالاعلام وهيكلة التنظيمات الجهوية وعقد الشراكات مع اطراف مختلفة.

 مؤكدا في كلمته الافتتاحية لاشغال الملتقى الجهوي الاعلامي الاول المغربي الاسباني، بالعيون، أن الفيدرالية المغربية لناشري الصحف تولي اهمية للحوار بين الزملاء الاسبان والمغاربة لترسيخ الجوار الطبيعي بين البلدين، ودعا الى مأسسة الحوار بين المملكتين في مختلف المجالات.

ويضيف مفتاح، أن عقد ندوة دولية على هامش اجتماع “العيون”، ياتي في اطار الزخم الذي تعرفه العلاقات الثنائية بين المغرب واسبانيا هذه الايام، وهو ما يفتح افاقا للتعاون اكثر فأكثر بهدف تحقيق مغزى الجوار الطبيعي بين مملكتين يجمع ايضا بينهما التاريخ العريق الممتد لقرون.

وشارك في الندوة 57 من أعضاء الفيدرالية وضيوفهم من 12 جهة حجوا جميعا الى مدينة العيون من أجل القضية الوطنية في إطار حوار إعلامي مغربي اسباني.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar