عمالة المضيق الفنيدق: مقبرة الأطر العليا وأزمة تدبير الكفاءات

إن أول خطوة في مسيرة تحديث الإدارة العمومية المغربية هي الاستثمار في رأسمالها الأول المتمثل في الموارد البشرية، وذلك عبر توفير جو عمل ملائم يشجع الموظفين على خدمة مصالح المواطنين على أتم وجه. إلا أن عمالة المضيق الفنيدق تشذ عن هذا، وتنتهج سياسة إقصائية وتخويفية، في الآن نفسه، ضد الأطر والكفاءات التي تتوفر عليها والتي عيّنت بمباريات توظيف وطنية من طرف السيد وزير الداخلية لإعطاء الإضافة اللازمة لهذه العمالة قصد تجويد الخدمات والرفع من مردودية الإدارة.

فمنذ قدوم السيد ياسين جاري عاملا لعمالة المضيق الفنيدق وتعيين السيد خالد الصغموتي كاتبا عاما بنفس العمالة، ازدادت بشكل مفاجئ حدة المواجهة بين الإدارة، ممثلة في السابق ذكرهما، وبين الأطر العليا الموظفة بنفس العمالة سواء لأسباب شخصية أو للشكايات التي قد يرفعها الموظفون حول الانتهاكات الممارسة ضدهم من طرف بعض رؤساء الأقسام أو لأسباب أخرى.

غير أن هذه المواجهة غير العادلة تنتهي غالبا بضغوطات تمارسها الإدارة على الموظفين وبقرارات تعسفية لم تسلم منها الأطر الحاملة للشهادات العليا، والتي دخلت العمالة بهدف جعل كفاءتها في خدمة الوطن. فعوض أن تدرس الإدارة الشكايات وتنظر في الطلبات المشروعة للموظفين، نجد أن عامل عمالة المضيق والكاتب العام للعمالة يتخذون قرارات تعسفية بشكل غير مباشر، حيث يقومون بنفي هذه الأطر إلى القيادات والمقاطعات دون مراعاة لحالاتهم الاجتماعية والعائلية ودون الأخذ بعين الاعتبار محل سكناهم، وذلك تحت ذريعة: دعم الوحدات الإدارية التابع للعمالة بالموارد البشرية اللازمة، أو ما يسمونه: ضرورة المصلحة.

وأين المصلحة في إهانة دكاترة ومهندسين وخريجي المدارس العليا للتجارة والتسيير وإلحاقهم بالقيادات والمقاطعات وعزلهم في غرف الأرشيف دون أن تتوفر لهم لا المكاتب ولا الكراسي ولا الحواسيب ليقوموا بالمهام المنوطة بهم وترك أماكنهم فارغة في مقر العمالة؟ وأين المصلحة في جعل شابين من أصحاب الماستر في القانون يعملان تحت إمرة الكاتب العام عمل الكاتب الشخصي للإجابة على الهاتف وتوزيع البريد على الأقسام بدل تعيينهما داخل أقسام معينة ليقوما بتوظيف وتطوير مكتسباتهما خلال مسيرتهما الأكاديمية؟

إن هذه الممارسات التي يقوم بها المسؤولون بعمالة المضيق الفنيدق بخصوص الموارد البشرية، تتنافى والتوجيهات السامية التي جاءت في الخطابات الملكية حول تحسين وتجويد الخدمات بالإدارة العمومية وتقدير الأطر والكفاءات التي تنتجها الجامعات والمدارس العليا المغربية، وتخالف ماجاء في المادة الثالثة من المرسوم الصادر بشأن النظام الأساسي الخاص بهيئة المتصرفين المشتركة بين الوزارات والمتعلقة بالمهام المسندة للأطر المكونة لهيئة المتصرفين.

وعليه، فمن الواجب فتح تحقيق في هذه الأزمة التي تعرفها عمالة المضيق الفنيدق في تدبير مواردها البشرية، والوقوف على هذه القرارات المجحفة وغير المبررة التي لم يسلم منها لا الدكاترة ولا المهندسون ولا حاملو الشواهد العليا في المعلوميات والقانون والتدبير المالي.

ليبقى السؤال مطروحا: إذا عجز مسؤولو عمالة المضيق الفنيدق عن إيجاد حلول لثلة من الموظفين بكفاءة ومهنية، فهل هم قادرون على تسيير الشأن العام وحل مشاكل الألوف المألفة من المواطنين؟

 

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar