خبير يشرح أثر انهيار أبناك أمريكية على القطاع البنكي بالمغرب

ضربت عاصفة إفلاس ثلاثة بنوك أمريكية كبرى أسواق الأسهم الأوروبية والخليجية والمصرية خلال تعاملات الأسبوع المنصرم، فيما افتتحت مؤشرات الأسهم الرئيسية في وول ستريت جلسة على انخفاض، وسط مخاوف من انهيارات مصرفية جديدة في باقي الأنظمة المصرفية العالمية التي لها ارتباط بهذه البنوك.

وفي ثالث انهيار مصرفي خلال أسبوع، أعلنت السلطات الأمريكية، إفلاس بنك “سيغنتشر”، أكبر مقرض في مدينة نيويورك بموجب الائتمان للإسكان لذوي الدخل المنخفض، ليلحق بكل من “سيلفرغيت كابيتال بنك” الصديق للعملات المشفرة و”سيليكون فالي بنك” التابع لمجموعة “إس في بي فايننشال غروب”، وهي أحداث  أحدثت رجة وسط متابعي الشأن المالي والمصرفي في مختلف دول العالم، ومنها المغرب، متخوفين من امتداد الأزمة إلى القطاعات المصرفية.

وفي هذا الصدد، أكد الخبير الاقتصادي أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، علي بوطيبة، أن “البنك الذي أعلن إفلاسه في أمريكا مختص في مجال واحد هي التكنلوجيا العالية، حيث يعمل على تمويل الشركات الصغرى المكلفة بالتكنلوجيا العالية، مثل الألعاب ومعايير البيئة، حيث إنه بلغ 179 مليار دولار من الودائع و 209 دولار من قيمة أسهم البنك”.

وأشار بوطيبة في تصريح لأحد المواقع الالكترونية، إلى أن “المختصين في مجال التكنلوجيا العالية لا تكلفهم الكثير، إذ نجد مثلا مصنعي تطبيقات الألعاب لا يكلفهم ذلك الكثير، بينما أرباحهم قد تصل إلى ملايين الدولارات، بمعنى أن هناك الكثير من الودائع المالية من وراء ذلك”.

وأشار المتحدث إلى أن “هذه الأزمة ليست مثل أزمة 2008،  حيث أن هذه الأزمة كانت مرتبطة ببنك يقدم الأموال لجميع القطاعات، ما يعني أن المستهلك الأمريكي البسيط وجد نفسه في الشارع، حيث أنه في غشت 2008 خرج مليون أمريكي للاحتجاج بالشارع، لكن هذه المرة ليست الأزمة مرتبطة بجميع القطاعات بل بقطاع واحد متعلق بالتكنولوجيا العالية، ولن يموت المواطنين بالجوع”.

ولفت الانتباه إلى أن “هذا الأمر كانت له ارتدادات في أوروبا، حيث أن شركة سويسرية اشترت فرعا بانجلترا، والقطاع المصرفي بسويسرا كان على وشك الإفلاس لولا تدخل البنك المركزي السويسري الذي ضخ 50 مليار دولار، حيث أن قيمة الأسهم السويسرية ارتفعت إلى غاية الأمس”.

وشدد على أن “الأبناك التي تتعامل مع شركات التكنلوجيا العالية لديها هذا الإشكال، بينما الأبناك العادية لن يكون لديها أي مشكل، علما أن البنك المركزي الأمريكي ضخ سيولة كبيرة في أموال الائتمان كي يتمكن السوق من النهوض ولوقف النزيف، رغم أن البنك المعني تجاوز 25 مليار دولار وهو السقف المحدد للأبناك كي تدعمها الدولة عبر البنك المركزي،  حيث ان الحكومة الأمريكية تحركت بسرعة لضبط الأمور”.

وعلاقة بالمغرب، أوضح المتحدث أن “المغرب لا يتوفر على نوعية الأبناك التي لها ارتباط بتلك التي انهارت في أمريكا، حيث أن جميع الأبناك المغربية تجارية وليست استثمارية، وجميع الأبناك المغربية لديها حساب في بنك المغرب، أي أن العمليات التي تنجزها الأبناك لا تتم إلا بموافقة البنك المركزي بنك المغرب، مثل الديون وغيرها”.

وأضاف أن “المغرب لا يتوفر على بنوك استثمارية، وبالتالي لن تكون هناك ارتدادات، نظرا لأننا لا تربطنا أي صلة مع السليكون فالي، رغم أن الأبناك تعطي قروضا لشركات التكنلوجيا العالية فإنها تقدمها مثلما تقدمها لشخص يريد اقتناء بقعة أرضية أي بدون مخاطر، مع ضرورة إعطاء ضمانات من طرف المطالب بالقرض ليتمكن من الحصول عليه”.

وأبرز أن “بنك المغرب يشدد المراقبة على العمليات، وقد أنقذ المغرب من أزمة 2008، وها هو اليوم ينقذ القطاع المصرفي أيضا، فعلى سبيل المثال فالدرهم خاضع للتعويم والبنك المركزي لا يتدخل إلا في حال كان مشكل، بمعنى أن الأبناك في المغرب وصلت لمستوى من الرزانة الاقتصادية تمكنهم من الاشتغال في السوق كما يريدون”.

وتابع بوطيبة وهو يستعرض أمثلته أن “البنوك الإسلامية التي دخلت المغرب هي في الأصل بنوك استثمارية لكن بعد دخولها للمغرب تمت مغربتها، ما يعني أن الأبناك الإسلامية في المغرب لا تحمل إلا الإسم لأنها تنتمي جميعها إلى الأبناك المغربية”.

وخلص إلى أنه “لا يجب ان نقارن الوضع الحالي بأزمة 2008 لأن المغرب بعيد عنها تماما، والحكومة الأمريكية لأول مرة تستعمل ودائع الائتمان في نفس اليوم الذي وقع فيه انهيار هذه الأبناك، علاوة على أن هناك ثلاث دول تطمع في تكنولوجيا السيليكون فالي الأمريكية، هي روسيا، والصين والسعودية، وهذه الدول تطمع في اقتناء هذا البنك، وبشرائه ستشتري جميع الزبائن وستشتري لهم التكنولوجيا الخاصة بهم، ما يعني أن الأمر له علاقة إستراتيجية أكثر منها مالية صرفة”.

واضاف بوطيبة أن “ما يدل على ذلك هو أن الحكومة الأمريكية وضعت أسهم البنك في السوق الآسيوية وليس الأوربية، ما يعني أن هناك اتفاقيات ظهرت بين هذه الدول المعنية بدأت تظهر مؤخرا، مثل الاتفاق السعودي الإيراني، حيث أن محمد ابن سلمان يطمح لأن تصبح السعودية مركزا للتكنولوجيا، وإيران والصين كلها تتحدث عن التكنولوجيا، ما يعني أن هذا بمثابة تهيئ للرأي العام لأي اتفاق محتمل في المستقبل القريب”.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar