خبير مالي: خرجة الحليمي غير موفقة والمواطن يشعر فقط بفقدان قدرته الشرائية

قال عبد اللطيف بروحو، المختص في المالية العامة، إن التضخم في المغرب لم يصل بعد إلى مرحلة خطيرة، وليس بنيويا، مؤكدا بأن الوضعية الحالية لا تحتاج إلى قانون مالية تعديلي.

وانتقد بروحو في حوار مطول مع إحدى المواقع الالكترونية، التصريحات الأخيرة للمندوب السامي للتخطيط أحمد الحليمي،  حيث اعتبرها “خارج السياق”، استعملت فيها مفاهيم ومصطلحات اقتصادية كبرى لا يملك المواطن البسيط مفاتيح فهمها أو استيعاب آثارها، باستثناء ما يحس به هذا المواطن من فقدان تدريجي لقدرته الشرائية منذ أزيد من سنتين وليس فقط خلال الأسابيع الأخيرة التي تزامنت مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل خاص.

وأضاف بروحو: “ولحد الساعة لا زلت أتساءل، ومنذ سنة 2013، عن الوظيفة الرئيسية لهاته المندوبية التي لا علاقة لها بالتخطيط، ويقتصر دورها المفترض على ما تمارسه مؤسسات الإحصاء بشكل مستقل وموضوعي في معظم المنظومات الاقتصادية الغربية. وأعتقد أن الوقت حان لمراجعة شكل ووظائف هاته المندوبية وتحويلها لوكالة مستقلة للإحصاء، وهذا الطرح لا ينقص من قيمة العمل الذي تقوم به كمؤسسة ولا من جودة أطرها وعملها والوثائق التي تصدرها”.

وأوضح بروحو بأن “التضخم الحالي مرتبط في الجزء الغالب منه بالعوالم الخارجية بالدرجة الأولى، لكن يمكن القول إن جزء منه يعود لعوامل داخلية في ظل الاقتصاد المفتوح الذي يجعل من الدولة تمتلك أدوات الضبط والتقنين القانونية وليس آليات تحديد الأسعار”.

وأضاف: “وإذا كان التضخم يعبر في مدلوله عن الارتفاع المستمر والعام لأسعار السلع والخدمات، فإنه يؤدي بشكل تدريجي إلى انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين”

 في حين أن مصطلح التضخم الهيكلي الذي استخدمه المندوب السامي للتخطيط فيعبر عن وضع أخطر بكثير من هذا التطور الطبيعي لميكانيزمات العرض والطلب، فهو مقياس يستخدم لقياس مدى خسارة العملة الوطنية لقيمتها النقدية، وهو الوضع الذي لا يعرفه المغرب ولا يفترض الوصول إليه في ظل الوضع الحالي للاقتصاد الوطني، يؤكد بروحو.

وأضاف بروحو: ” عشنا في حالات كثيرة في السابق خروج المندوب السامي للتخطيط بتصريحات منتقدة للحكومة منذ سنة 2013 في عهد حكومة عبد الإله بنكيران، وكتبتُ حينها مقالات انتقدتُ فيها هذا السلوك غير المنطقي الذي أصبح بموجبه المندوب السامي معارِضا للحكومة خاصة مع الطبيعة السياسية لتصريحاته آنذاك، والتي تسير إما في اتجاه تكذيب الحكومة أو تسليط الضوء على إحصائيات مجتزأة من سياقها”، و”نعيش في الوقت الراهن نفس الأمر بخصوص موضوع أكثر خطورة، ويتعلق الأمر بالتضخم البنيوي الذي كان موضوع الخرجة الأخيرة للمندوب السامي للتخطيط، في الوقت الذي يفهم من مضمون خرجاته الأخيرة أنه ينتقد بشدة الإجراءات النقدية التي اعتمدها بنك المغرب، وهو ما وصلت شظاياه للحكومة التي أصبحت في الواجهة نتيجة تراجع القدرة الشرائية للمواطنين بشكل متواتر منذ حوالي ثلاث سنوات”.

وأوضح بروحو: “يجب أن نكون جميعا واضحين مع الرأي العام ونفسر له ماذا يعني هذا النقاش بالضبط، وما هو مدلول وآثار هاته المصطلحات المستعملة على معيشته اليومية، مع أخذ الحيطة بشكل كبير من أي استعمال خاطئ لهاته المفاهيم والمصطلحات، خاصة وأن المؤسسات الاستثمارية والمالية الوطنية والدولية تتابع بشكل دقيق ما تتم مناقشته أو ترويجه بين مؤسسات الدولة، لذا يتعين الاحتياط بشكل كبير عند استعمال المصطلحات التي قد تفهم على غير مدلولاتها الحقيقية، وقد تمثل مخاطر سياسية على مجهودات الدولة (وليس فقط الحكومة كما يتخيل البعض) من أجل امتصاص آثار التضخم على المواطنين وعلى القطاعات الإنتاجية، وتجاوز الوضعية الصعبة التي تعاني منها معظم دول العالم في هذا السياق”.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar