ما المقصود بخط الائتمان المرن وما فائدته بالنسبة للمغرب

مازالت المملكة تجني ثمار خروجها من اللائحة الرمادية لغسل الأموال وتمويل الإرهاب (GAFI). فبعد إصدار سندات اقتراض في السوق الدولية بقيمة 2,5 مليار دولار في فاتح مارس المنصرم، تمكن المغرب من الحصول على خط ائتمان مرن مصمم لأغراض منع وقوع الأزمات، بقيمة تبلغ نحو 5 مليارات دولار أمريكي.

ووافق صندوق النقد الدولي، أمس الاثنين 03 أبريل 2023، على منح المغرب خط ائتمان مرن تبلغ قيمته نحو 5 مليارات دولار. ويأتي ذلك تجاوبا مع طلب المملكة بالدخول مع الصندوق في اتفاق لمدة عامين للاستفادة من هذا الخط. فماذا نقصد بخط الائتمان المرن؟ ولماذا لجأ إليه المغرب؟

ما المقصود بخط الائتمان المرن ؟

يقول الخبير الجبائي والأستاذ بالمعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات بالدار البيضاء، محمد الرهج، إن خط الائتمان المرن مثل حساب مفتوح لمدة معينة يمكن أن تلجأ إليه المملكة في وقت الحاجة، مشيرا إلى أنه موجه أساسا لمواجهة الأزمات التي يمكن أن يتعرض لها المغرب على مستوى ميزان المدفوعات؛ على غرار توفير العملات الصعبة لتغطية مصاريف الواردات.

وأوضح الرهج، في تصريح لموقع “إس إن إر تي نيوز” الذي أورد الخبر، أن المغرب كان يستفيد من قبل من خط الوقاية والسيولة، الذي كان يستعمل أساسا لمواجهة المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها البلاد على المستوى النقدي، من قبل عدم توفر ما يكفي من العملة الصعبة لتغطية حاجياتها، أو لتسديد الديون المستحقة.

ويقدم “خط الوقاية والسيولة” التمويل لتلبية احتياجات ميزان المدفوعات الفعلية أو المحتملة في البلدان ذات السياسات السليمة، وقد أنشئ ليوفر التأمين اللازم ضد الأزمات أو المساعدة في حلها في مجموعة من المواقف المختلفة.

وأشار الرهج إلى أن المغرب استعمل آنذاك هذا الخط لتغطية مصاريف الزيادة في المواد البترولية، وقام بعدها بإرجاع المال غير المستعمل إلى صندوق النقد الدولي.

أما الآن، يوضح أستاذ الاقتصاد، “فقد مررنا إلى مرحلة أخرى، باعتبار هذا الخط الجديد أكثر ليونة في الشروط في سعر الفائدة، وقيمته المالية مرتفعة”، لافتا إلى أن 6 بلدان فقط، من حصلت على هذا النوع من الخط، وهي بولونيا والبيرو والشيلي والمكسيك وكولومبيا والمغرب.

وحظيت المملكة بثقة صندوق النقد الدولي بالنظر إلى الطريقة التي واجهت بها الأزمات المتعلقة بجائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، بحيث أظهر الاقتصاد الوطني، وفق الخبير الرهج، قدرته على الصمود ومواجهة الأخطار.

ويساعد خط الائتمان هذا على الوقاية من الصدمات الخارجية من خلال توفير قدر كبير من موارد الصندوق مسبقا، دون شرطية لاحقة للبلدان التي تمتلك أطر سياسات وسجل أداء اقتصادي على درجة كبيرة من القوة.

وسبق لوالي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، التأكيد على أن خروج المغرب من اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي (GAFI) سيمكن من الاستفادة من خط السيولة والوقاية المرن في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

وأشار والي بنك المغرب إلى أن آلية التمويل هذه تعرف بمرونتها وتوفر للبلدان المؤهلة إمكانية الوصول الفوري إلى كمية كبيرة من موارد صندوق النقد الدولي دون شروط مستمرة، كما تأخذ وكالات التصنيف هذا الشرط بعين الاعتبار في تقييمها.

ضمان ضد المخاطر

وقال صندوق النقد الدولي إن “الأساسيات الاقتصادية وأطر السياسات المؤسسية القوية للغاية في المغرب، ومحافظته على سجل أداء من تنفيذ سياسات قوية للغاية، واستمرار التزامه بالحفاظ على هذه السياسات في المستقبل، كلها عوامل تبرر التحول إلى الاتفاق في ظل خط الائتمان المرن، مشيرا إلى أن الاتفاق المبرم بين الطرفين في ظل خط الائتمان المرن يساعد المغرب على مواجهة التحديات في إعادة بناء حيز الحركة من خلال السياسات، مع التعجيل بتنفيذ جدول أعماله بشأن الإصلاحات الهيكلية في بيئة تتسم بتزايد المخاطر الخارجية.

وقالت أنطوانيت ساييه، نائب المدير العام ورئيس المجلس التنفيذي للصندوق بالنيابة “إن السياسات الاقتصادية الكلية والأطر المؤسسية القوية للغاية في المغرب سمحت لاقتصاده بالحفاظ على صلابته في مواجهة الصدمات السلبية المتعددة التي وقعت على مدار الثلاث سنوات الماضية، ومنها الجائحة، وموجتي جفاف وتداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا. وفي المرحلة القادمة، سوف تظل السلطات المغربية ملتزمة بإعادة بناء هوامش السياسات والتحرك بصورة شاملة على صعيد السياسات في مواجهة أي صدمات جديدة، ومواصلة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية الشاملة اللازمة لجعل النمو الاقتصادي أقوى وأشد صلابة وأكثر احتواء”.

غير أنها شددت على أنه “رغم هذه الصلابة، لا يزال اقتصاد المغرب معرضا لمخاطر تدهور البيئة الاقتصادية والمالية العالمية، وزيادة تقلب أسعار السلع الأولية، وتكرار موجات الجفاف. وعلى هذه الخلفية، فإن الاتفاق في ظل خط الائتمان المرن سيعزز الاحتياطيات الوقائية الخارجية للمغرب ويزود البلاد بمزيد من الضمانات في مواجهة المخاطر بعيدة الاحتمال”.

وأضافت أن “السلطات تعتزم معاملة الاتفاق في ظل خط الائتمان المرن كأداة وقائية، والخروج منه متى انقضت فترة الأربعة وعشرين شهرا، وذلك رهنا بتطور المخاطر”.

ما هي تكلفته؟

وفي ما يتعلق بتكلفة خط الائتمان، فيؤكد صندوق النقد الدولي أن الحصول على موارد من الصندوق على أساس وقائي، يتطلب دفع رسم التزام يتم رده على أساس تناسبي إذا اختارت البلدان المستفيدة منه استخدام هذه الموارد خلال الفترة المحددة.

وتزداد رسوم الالتزام مع مستوى الاستفادة المتاح على مدار 12 شهرا (15 نقطة أساس للمبالغ الملتزم بها بحد أقصى 115 في المائة من الحصة، و30 نقطة أساس على المبالغ التي تتراوح بين 115 في المائة و575 في المائة من الحصة، و60 نقطة أساس على المبالغ التي تتجاوز 575 في المائة من الحصة).

أما سعر الإقراض، فيتألف، على غرار المسحوبات الأخرى في ظل اتفاقات الصندوق، من سعر الفائدة الذي يحدده السوق على حقوق السحب الخاصة (SDR) بالإضافة إلى هامش (يبلغ الآن 100 نقطة أساس)، وهو ما يعرف معا باسم “معدل الرسم الأساسي”، ورسوم إضافية تعتمد على حجم الائتمان القائم ومدته.

ويُطبَّق رسم إضافي قدره 200 نقطة أساس على الائتمان القائم الذي يتجاوز 187,5 في المائة من حصة البلد العضو. وإذا ظل الائتمان متجاوزا 187,5 في المائة من الحصة بعد مرور ثلاث سنوات، يرتفع الرسم الإضافي إلى 300 نقطة أساس. وتهدف الرسوم الإضافية القائمة على المستوى والفترة الزمنية إلى الحد من استخدام موارد الصندوق بأحجام كبيرة ولفترات مطولة.

أربعة اتفاقات متتالية

وكان المغرب قد استفاد منذ عام 2012 من أربعة اتفاقات متتالية في ظل خط الوقاية والسيولة، بلغ قيمة كل منها نحو 3 ملايير دولار أمريكي.

وجاءت أول موافقة على خط الوقاية والسيولة في 3 غشت 2012، والموافقات على الاتفاقات الثلاثة الإضافية في 28 يوليوز 2014، و22 يوليوز 2016، و17 دجنبر 2018.

وأبرز صندوق النقد الدولي، في بلاغ له، على أن مدة الاتفاق الرابع انتهت في ظل خط الوقاية والسيولة في 7 أبريل 2020، عندما اشترت السلطات كل الموارد المتوافرة في ظل خط الوقاية والسيولة للحد من التأثير الاجتماعي والاقتصادي لجائحة كوفيد-19 والسماح للمغرب بالحفاظ على مستوى كافٍ من الاحتياطيات الرسمية لتخفيف الضغوط على ميزان المدفوعات.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar