الجزائر: هل تغطي المحاكمات “الصورية” على الفساد الأعظم لنظام العسكر؟

يحاول نظام العسكر التغطية على فشله من خلال تقديم العديد من المسؤولين السابقين امام المحاكم والحكم عليهم بعقوبات سجنية لعدة سنوات، لكن يرى المتتبعون للشان الجزائري، ان هذه المحاكمات الصورية هي مجرد تغطية على الفساد الاعظم الذي ضرب الجزائر بسبب نظام العسكر الجاثم على انفاس الجزائريين.

وعلاقة بموضوع المحاكمات، فقد التمس النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر، امس، تأييد الأحكام الصادرة عن المحكمة الابتدائية للقطب الجزائي الاقتصادي والمالي بسيدي امحمد ضد السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق ورجل الأعمال محيي الدين طحكوت والرئيس السابق لمنتدى رجال الأعمال “الأفسيو” علي حداد، والإخوة “كونيناف طارق نوا ورضا وعبد القادر كريم” وأحمد معزوز ومحمد بعيري والبرلماني السابق الطاهر ميسوم “سبيسفيك” وجميع المتهمين المدانين في ملف الحال مع مصادرة جميع الأملاك العقارية والأرصدة البنكية.

وبالمقابل، طالب ممثل الحق العام بإدانة المتهمين الذين استفادوا من البراءة بنفس طلبات المحكمة الابتدائية، مع تأييد العقوبات التكميلية منها مصادرة المحجوزات، فيما طالبت الخزينة العمومية، تعويضا قدره 500 مليار دج، يدفعه المتهمون محل المتابعة بالتضامن.

وقال النائب العام في مرافعة قوية إن قضية الحال انطلقت بناء على فتح تحقيق ضد السعيد بوتفليقة من أجل قيامه بحماية مشبوهة لرجال الأعمال والتي على أساسها كون هؤلاء ثروة، حيث إنه عند تفتيش منزله وجدوا أوراقا ووثائق لها علاقة مباشرة مع رجال الأعمال منها استدعاء خاص من الوكالة الوطنية للسدود، موجهة إلى شركة “تراكس” لصاحبها كونيناف طارق، وكذاك تم العثور على الوثائق الخاصة بمشروع بناء السكة الحديدية الذي استفادت منه شركة حداد، كما تم العثور على وثائق خاصة بممولي الحملة الانتخابية على غرار طحكوت ومعزوز، كما كشفت التحريات عن مكالمات هاتفية بين السعيد بوتفليقة وباقي رجال الأعمال المتابعين في الملف.

وتابع النائب العام “بناء على هذه المكالمات تم ضبط جميع الملفات، أما فيما يخص باقي المتهمين لاسيما محيي الدين طحكوت واستيراده للعتاد الطبي، فقد اتضح وجود فارق معتبر بين المبلغ المصرح به والقيمة الحقيقية، وكذا استفادته من قروض بطريقة غير مشروعة، كما قام بشراء أملاك بالخارج، أما بالنسبة للإخوة كونيناف، فقد كشفت التحريات عن حيازتهم حسابات بنكية في سويسرا رغم أن نشاطهم في الجزائر، كما قاموا بتحويلات بنكية غير مبررة وشرائهم لأملاك في إسبانيا”.

وعادت النيابة إلى فضيحة حداد، صاحب ثاني أكبر ثروة في الجزائر سابقا، حسب مجلة “فوربس الأمريكية”، والمعروفة بـ”الصفقة” مع “جماعات الضغط الأميركية”، بقيمة 10 ملايين دولار من أجل تحريك قضيته والضغط على العدالة الجزائرية للإفراج عنه.

بالمقابل، شدد ممثل الحق العام على أن معزوز قام بمخالفة قوانين الصرف وضخم الفواتير من خلال عملية استيراد واحدة تقدر بـ16 مليون دولار وهو ما أثبتته محاضر الجمارك، أما رجل الأعمال بعيري، فقال عنه النائب العام إنه دخل في شراكة مع شركة “إيفال” وهو من استورد بضائع باسم هذه الأخيرة بقيمة 16 مليون دولار، واعتبر ذلك تبييضا للأموال.

وفي الأخير طالبت النيابة بتأييد الأحكام الصادرة عن القطب الاقتصادي والمالي والقاضية بإدانة السعيد بوتفليقة بـ12 سنة حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 8 مليون دينار ومثلها لعلي حداد .

كما أدانت المحكمة محيي الدين طحكوت بـ15 سنة حبسا نافذا و12 سنة لرجل الأعمال أحمد معزوز مع غرامة مالية نافذة قدرها 8 ملايين دينار جزائري، كما تقرر تسليط عقوبة 10 سنوات حبسا نافذا في حق الإخوة كونيناف “طارق نوا ورضا وعبد القادر كريم” و15 سنة لكونياف سعاد مع الأمر بالقبض الدولي عليها وتوقيع غرامة مالية قدرها 8 ملايين دينار لكل واحد منهم، مقابل 8 سنوات حبسا نافذا في حق رجل الأعمال محمد بعيري.

وإلى ذلك، أدانت المحكمة ابراهيم طحكوت بـ10 سنوات حبسا نافذا و5 سنوات حبسا نافذا لكل من ناصر وحميد ورشيد مع غرامة مالية قدرها 8 ملايين دينار جزائري، فيما تراوحت العقوبات التي سلطتها على بقية المتهمين بين 6 أشهر حبسا نافذا و5 سنوات حبسا نافذا مع استفادة البعض من البراءة، مع مصادرة جميع الأملاك العقارية والأرصدة البنكية والأموال غير المشروعة للمدانين ولو انتقلت إلى أصول الفروع أقاربهم وأزواجهم وأولادهم.

لكن تبقى حقيقة هذه المسرحيات التي تجري داخل المحاك باوامر من العسكر مجرد أساليب ابتكرها نظام العسكر للاستهلاك الداخلي والخارجي والتغطية على القضايا الرئيسية التي تعاني منها الجزائر.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar