امازيغ ليبيا ينددون بتدخل نظام العسكر الجزائري في شؤون بلادهم

يعكس الطلب الذي تقدمت به الجزائر إلى حكومة الوحدة الليبية المنتهية ولايتها والقاضي بحل المجلس الأعلى للأمازيغ في ليبيا حجم هواجس الطغمة العسكرية الجزائرية من تنامي حضور هذا المكون في المشهد الليبي، والذي تعتبره تهديدا لأمنها القومي وجب الالتفات إليه، في ظل الممانعة التي يبديها أمازيغ الجزائر خاصة في منطقة القبائل ضد نظام العسكر وسياسته الإجرامية.

ويواصل نظام العسكر تدخلاته السافرة في شؤون الدول المغاربية، في ظل الحصار الذي يعرفه سواء على المستوى الداخلي او الخارجي. فبعد أن اطمأن على دخول الديكتاتور الصغير قيس السعيد تحت طاعته، انتقل إلى ليبيا، حيث تقدم الكابرانات عن طريق سفيرهم بطرابلس بطلب لحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في ليبيا، يقضي بحل المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا، وهو ما أغضب هذا الأخيثر الذي اعتبر الأمر “تدخلا سافرا” للبلد الجار في الشأن الداخلي لليبيا.

وقال المجلس في بيان له إن سفير الجزائر في ليبيا دعا خلال لقاء جمعه بوزيرة الخارجية في حكومة الوحدة نجلاء منقوش إلى إلغاء وإنهاء أعمال ونشاط المجلس الأعلى للأمازيغ ليبيا.

وتدعم السلطة الجزائرية حكومة الوحدة الليبية التي يقودها عبدالحميد الدبيبة، وتحاول في مقابل هذا الدعم تحقيق مكاسب من بينها ضرب المكون الأمازيغي، الذي تنظر إلى تنامي نفوذه في السنوات الأخيرة داخل ليبيا على أنه يشكل تهديدا على المدى المتوسط، وجب الالتفات إليه، خاصة ان منطقة القبائل هي المعقل الأخير ضد الطغمة العسكرية المتحكمة في رقاب الجزائريين.

وقال المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا في بيانه “نؤكد نحن أبناء الحركة الأمازيغية الليبية رفضنا لأي تدخل في شؤوننا الداخلية، وإن المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا هو جسم شرعي منتخب ويعتبر ممثلنا الشرعي داخل وخارج ليبيا ولا يحق لكائن من كان (داخلي أو خارجي) إنهاء وجوده”.

وأضاف البيان “كما نؤكد ونعلن أن نشطاء أمازيغ ليبيا ليست لديهم أي تدخلات في الشأن الداخلي لأي دولة من دول شمال أفريقيا، وخاصة في الشؤون السياسية لتلك الدول، ويعتبر التبادل الثقافي بين أمازيغ هذه الدول هو أمر مشروع ولا يحق لأحد منعنا من ذلك، فالمشاركة في المهرجانات الثقافية (أدب ولغة وفن وتراث ومناسبات أمازيغية مشتركة) لا تؤثر في سياسات تلك الدول وهو أمر مشروع”.

وجاء في رسالة المجلس إلى الجزائر: “ليكن في علم الحكومة الجزائرية بأن مشاكلهم السياسية مع المملكة المغربية ليست من اهتماماتنا ولا نتدخل فيها، وعلاقتنا بأمازيغ المغرب هي علاقات ثقافية وتبادل الخبرات في مجال اللغة والثقافة ولا تتعدى ذلك”.

وطالب الخارجية الليبية بـ”الرد السريع والقوي برفض هذا التدخل السافر للحكومة الجزائرية في شؤون أمازيغ ليبيا”.

وتأسس المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا في الثالث عشر من يناير 2013 بناء على مخرجات ملتقى الاستحقاق الدستوري آنذاك. ويضم المجلس البلديات الناطقة باللغة الأمازيغية في جبل نفوسة، إضافة إلى بلدية زوارة على الساحل الغربي.

ويمثل كل بلدية من تلك البلديات عضوان أحدهما ممثل للنساء وآخر للرجال، ويجري انتخابهم عن طريق مفوضية الانتخابات التابعة للمجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا، إضافة إلى عضوية عمداء تلك البلديات في المجلس. ويتكون المجلس من 24 عضوا ينتخبون فيما بينهم الرئيس ونائبه ومقرر المجلس.

وتجرى انتخابات لأعضاء ورئيس المجلس كل ثلاث سنوات، ما لم تكن هناك ظروف استثنائية.

وقال رئيس المجلس الهادي بورقيق في وقت سابق إن المجلس يمثل كل الأمازيغ لأنه منتخب بكامله من القاعدة الشعبية الأمازيغية، إضافة إلى تمثيله لوحدات الحكم المحلي (البلديات) الناطقة بالأمازيغية، ومن هنا يستمد المجلس شرعيته، وهو مدعوم من القاعدة الشعبية في كل المواقف السياسية التي يتخذها.

وأضاف بورقيق في تصريحات سابقة أن هناك منظمات أخرى معنية بالأمازيغ غير الناطقين باللغة الأمازيغية، سواء الساكنين على الساحل أو في الصحراء أو في الشرق، لكنها أيضا تعمل وتتواصل مع المجلس ومواقفها موحدة معه.

ويرى مراقبون أن التحرك الجزائري ضد المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا، قد يكون في علاقة بتوسع قاعدة الاعتراف الدولي بهذا المجلس كطرف ممثل للمكون الأمازيغي، وآخرها اللقاء الذي جمع نائب المبعوث الأممي لدى ليبيا مع ممثلين عن المجلس لبحث موقفهم من الانتخابات المنتظرة.

ويشير المراقبون إلى أن السلطة الجزائرية تخشى من أن يكون المكون الأمازيغي جزءا من السلطة المقبلة في ليبيا، وهي تضغط اليوم على حكومة الدبيبة من أجل إنهاء وجوده.

ويلفت هؤلاء إلى أن أي خطوة من حكومة الدبيبة في هذا الصدد ستكون لها تداعيات خطيرة، حيث إن هذا سيعني استهداف مكون أصيل ضمن النسيج المجتمعي الليبي.

وليست هناك إحصائيات دقيقة بشأن عدد الأمازيغ في ليبيا، لكنهم يتوزعون بكثافة في ثماني بلديات رئيسية ناطقة باللغة الأمازيغية، هي وازن ونالوت وكاباو الرحيبات وجادو ويفرن والقلعة، الواقعة في جبل نفوسة (جنوب غرب طرابلس)، وبلدية زوارة على الساحل الغربي (قرب الحدود التونسية)، إضافة إلى مناطق مختلطة بين أمازيغ وعرب مثل بلدية الحرابة.

وتصنف منظمة “الأصالة والانتماء” المدافعة عن الهوية الأمازيغية سكان مناطق عديدة في ليبيا على أنهم أمازيغ وإن لم يتحدثوا اللغة الأمازيغية.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar