جنوب إفريقيا والجزائر..نظامان فاسدان يوظفان ذاكرة الماضي لتأبيد سطوتهما
على الرغم من اختلافاتهما التاريخية والثقافية، تشترك جنوب أفريقيا والجزائر في العديد من الأشياء وخاصة في طريقة استغلال نظاميهما لذاكرة الماضي لتأبيد سيطرتهما على السلطة. وسنحاول في هذا المقال أن نتطرق لجوانب من هذه الاستراتيجيات المتشابهة التي يستخدمها كل من حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم (ANC) في جنوب أفريقيا منذ سقوط نظام الأبارتايد، والنظام العسكري الفاسد في الجزائر منذ ستينيات القرن المنصرم، ليواصلا هيمنتهما السياسية في كلا البلدين وإخفاء مظاهر الفساد وسوء الإدارة والأزمة الاقتصادية المستشرية بسبب السياسات الفاشلة التي ينهجها النظامان.
استغلال الإرث النضالي
سواء تعلق الأمر بحزب المؤتمر الوطني الإفريقي ببريتوريا أو نظام العسكر الجزائري، فإن الإرث النضالي والكفاح من أجل التحرير يتم توظيفهما واستغلالهما بفظاعة للحفاظ على شرعيتهما السياسية المفتقدة. ففي الجزائر، يتم استخدام ارث ثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي وذاكرة الشهداء بشكل مبالغ فيه لتلميع صورة المؤسسة العسكرية المتحكمة في زمام الأمور، وتبرير السلطة الحالية. بالمثل، يستفيد المؤتمر الوطني الإفريقي في جنوب أفريقيا من الإرث النضالي والكفاحي ضد التمييز العنصري والتاريخ الرمزي لنيلسون مانديلا ليظهر نفسه كضامن للحرية والعدالة ويؤبد سلطة الحزب الواحد الذي يتحكم في دواليب الحكم منذ 1994 رغم وجود أحزاب وتيارات سياسية عديدة في البلاد…
إعادة صياغة التاريخ
في كلا البلدين، حاولت الأنظمة الحاكمة إعادة صياغة التاريخ لتضليل الشعبين وازدراء الأدوار التي اضطلعت بها باقي الفصائل في مسيرة الانعتاق من شرنقة نظام الميز العنصري “الابارتايد”. وفي الجزائر، همش النظام العسكري دور فصائل أخرى في حركة التحرير، وركز على الدور المحوري لجيش التحرير الوطني مع الادعاء بأن الجيش الوطني الشعبي هو سليل جيش التحريرALN. وفي جنوب أفريقيا، يغفل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي عن مساهمات جهات ومنظمات أخرى في مكافحة التمييز العنصري، مما يعزز ويلمع صورة الحزب كبطل وحيد ضد نظام الأبارتايد وصانع للانتصار ضده.
استغلال ذاكرة الشهداء
استغلت الأنظمة في الجزائر وجنوب أفريقيا ذكرى الشهداء لتعزيز سيطرتها على الشعب. حيث يتم استغلال وتوظيف التضحيات التي قدمها المجاهدون والثوار من أجل التحرير لتدعيم وتعزيز الولاءٍ اللا مشروط للحزب الحاكم وعدم معارضته او انتقاده، وهو ما يساهم في خلق ثقافة الإذعان للسلطة وتبجيلها واستغلال ذلك لكبح أي انتقاد أو معارضة لنظام الحكم الفاسد.
القفز على المشاكل الداخلية وتضليل الرأي العام
سواء في الجزائر أو جنوب أفريقيا، تواجه الأنظمة مشاكل في مجال الفساد وسوء الإدارة والأزمات الاقتصادية والاجتماعية. وقد استخدمت الأنظمة الحاكمة الحنين إلى الماضي وتقديس مرحلة للتحرر لتحويل الانتباه عن المشاكل الحالية التي يتخبط فيها البلدان. ومن خلال التركيز على الانتصارات السابقة إبان فترة الاستعمار الفرنسي بالنسبة للجزائر أو سيادة نظام الأبارتايد بالنسبة لجنوب افريقيا، يحاول النظامان القفز على فشلها الحالي والهروب إلى الأمام وتجنب المحاسبة والإشارة إلى أن المشاكل والتحديات الحالية هي مجرد عوائق مؤقتة، وأن المسؤول عنها هي جهات خارجية وأطراف تكن العداء للبلاد، وهو ما يتقنه بالأخص نظام العسكر الجزائري حيث يحاول توهيم الشعب بأن المغرب هو العدو التاريخي للجزائر وأن كل الشرور تأتي منه…
الأزمة الاقتصادية والاجتماعية
تواجه الجزائر وجنوب أفريقيا أزمات اقتصادية واجتماعية كبيرة، نتيجة الفساد وسوء التدبير وانعدام سياسات عقلانية ومخططات إستراتيجية حيث حافظ النظامين على سيطرتهما على الاقتصاد، مما ساهم في تراكم الثروة بين أيادي أقلية من الأشخاص وعائلاتهم والمقربين منهم، وترك اغلبية الشعب تعيش في ظروف قاسية.
فنظام العسكر الجزائري يعيش على ريع النفط والغاز ولم يطور منذ الستينيات قطاعات اقتصادية متنوعة لتنمية البلاد والرفع من مداخلها التي تعتمد على الهيدروكاربيرات بنسبة أكثر من 39 في المائة، فيما يواصل نظام بريتوريا بقيادة حزب الراحل مانديلا، العيش على أمجاد الماضي وما خلفه نظام الميز العنصري من اقتصاد قوي ومتنوع، وبسبب الفساد المستشري داخل الحزب الحاكم فإن البلاد تعيش اليوم انحدارا وأزمات قد تأتي على الأخضر واليابس إذا لم تتغير النخب وطرق تدبير الشأن العام في جنوب افريقيا.
إن الاستغلال السياسي للإرث النضالي وذاكرة الشهداء سواء في الجزائر أو جنوب أفريقيا هو استراتيجية مشتركة تهدف إلى الحفاظ على الوضع الحالي وتأبيد مصالح الحاكمين رغم ما تعرفه البلدان من مشاكل وأزمات على جميع المستويات. ولم يعد أمام المواطنين بكلا البلدين إلا الوعي بهذه التكتيكات البئيسة والدفع نحو تغيير النظامين ومحاسبة المسؤولين، والسعي نحو بناء أنظمة ديمقراطية حقيقية وسلطة مدنية فعلية تكون بداية للتغيير في هاتين الدولتين.
-
البعد الاستراتيجي العالمي والتنموي والاستباقي حاضر في الاتفاق الموقع بين المغرب والإمارات
أكد عدد من الوزراء والمسؤولين، أن مذكرات التفاهم الموقعة، اليوم الاثنين، في إطار زيارة العمل والأخوة التي يقوم بها صاحب... أنشطة ملكية -
خمس سنوات سجنا للرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز في قضية فساد
قضت محكمة في نواكشوط الإثنين بحبس الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز خمس سنوات في قضية استغلال منصبه بهدف... قضايا ومحاكم -
الفيفا: أكاديمية محمد السادس لكرة القدم منجم ذهب للمواهب في المغرب
في استعراضه لظروف تطور كرة القدم المغربية على الصعيد العالمي في السنتين الأخيرتين، أشار تقرير للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"،... على مدار الساعة -
المشاريع المتعثرة في الدار البيضاء.. مساعي لحل الإشكاليات والتسريع في الانجاز
كشفت فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، أنها ستفتح ملف المشاريع واتفاقيات المشاريع المتعثرة في... وطني -
تفاصيل مذكرات التفاهم الموقعة اليوم بين المغرب والإمارات
في إطار زيارة العمل والأخوة التي يقوم بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، إلى الإمارات العربية المتحدة،... أنشطة ملكية -
الرباط: توقيع مذكرة تفاهم بين رئاسة النيابة العامة والادعاء العام في سلطنة عمان
أجرى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة الحسن الداكي، صباح اليوم الإثنين 04دجنبر2023 بمقر رئاسة النيابة العامة... قضايا ومحاكم