بنلياس لـ”تليكسبريس”: ماكرون لم يحترم قواعد الدبلوماسية و المغرب ليس في حاجة إلى فرنسا

قال عبد العالي بنلياس، أستاذ القانون العام بكلية العلوم الاقتصادية والحقوقية بالسويسي في الرباط، إن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، لم يهضم رفض السلطات المغربية عرض المساعدات التي تقدمت بها للمغرب لإغاثة منكوبي زلزال منطقة الحوز، ولم يتقبل ألا تكون دولته من بين الدول التي تقدم المساعدات الميدانية للمغرب في هذه المحنة الإنسانية وأن تكون راية فرنسا غائبة عن هذا المشهد الدبلوماسي الإنساني.

وأضاف عبد العالي بنلياس، المحلل السياسي والأستاذ الجامعي في تصريح لتليكسبريس تعليقا على خطاب ماكرون الموجه إلى الشعب المغربي، أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، اختار أن “يكون حاضرا بطريقة أخرى بمخاطبته للمغاربة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي بعد الضجيج الذي أحدثته وسائل الإعلام الفرنسية عن عدم فهم فرنسا لأسباب رفض المغرب لعرض المساعدات الفرنسية وقبوله لمساعدات اسبانيا وبريطانيا والإمارات العربية المتحدة وقطر”.

وأكد بنلياس ، أن “رئيس الجمهورية الفرنسية بدا في تلك الخرجة الإعلامية أنه لا يعرف أصول وقواعد التواصل الدبلوماسي، الذي له قنواته وضوابطه، وأن كل دولة هي حرة في تدبير أزماتها والكوارث التي تحل بها، ولم يستوعب أنه لا يمكنه تحقيق منافع سياسية بالدبلوماسية الإنسانية، إذا لم يحترم قواعد الدبلوماسية التقليدية، ولم يفهم أن المغرب والمغاربة في مثل هذه الظروف هم صوت واحد ملكا وشعبا وحكومة، في هبة واحدة لتقديم الدعم والمساعدة والإغاثة لضحايا ومنكوبي زلزال الحوز، ولا يسمعون إلا إلى ملكهم وحكومتهم وبلاغات سلطاتهم العمومية”.

وقال بنلياس إن: “ماكرون اعتقد خاطئا أنه بالتوجه مباشرة للمغاربة أنه يصحح الأخطاء التي سقط فيها الإعلام الفرنسي، دون أن يعرف أو يعرف أنه بذلك التصرف يضع نفسه في الزاوية ويبين بالواضح وبشكل مباشر أن العلاقات المغربية الفرنسية تمر من مرحلة غير مسبوقة من الجمود والتوتر في تاريخ علاقتهما، وأسبابها يعرفها الرئيس الفرنسي نفسه، وهي أولا أسلوب الشخص نفسه الذي يتعامل في علاقاته بالدول الإفريقية بالتعالي والمنطق الاستعماري، وثانيا الخلافات السياسية التي طفت على السطح في العلاقات بين البلدين في الولاية الثانية لماكرون، والتي تتعلق بقضية الوحدة الترابية وقضية التأشيرات وقضية بيكاسيوس وتجنيد أغلبية ماكرون في البرلمان الأوروبي للهجوم على المغرب”.

واسترسل الأستاذ بنلياس في القول: “لا يمكن للمغرب حتى في هذه الظروف التي يمر منها أن يتنازل عن سيادته، وأن يطوي صفحة الخلافات مع فرنسا بمجرد أن تتقدم فرنسا بعرض تقديم المساعدات، بل إن الخلافات تحل بالحوار عبر القنوات الدبلوماسية الرسمية وغير الرسمية والإشارات والرسائل السياسية وليس عن طريق تجاوز هذه القنوات”.

وأبت مجموعة من القنوات التلفزية والمنابر الإعلامية الفرنسية التي تدور في فلك دائرة القرار الفرنسي، إلا أن تثير الضجيج على بلاغات وبيانات ورسائل التضامن التي صدرت عن مختلف دول العالم والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية، والتي عبرت فيها عن استعدادها لتقديم كافة أنواع المساعدة والإغاثة للساكنة التي تضررت من الزلزال المدمر الذي عرفته منطقة الحوز، وأن تشوش على التعبئة الشاملة للسلطات العمومية ومنظمات المجتمع المدني والشعب المغربي لإغاثة منكوبي ضحايا هذه الكارثة الطبيعية.

وقد تم الترويج بطريقة ممنهجة ومدروسة إلى أن المغرب قد رفض طلبها بتقديم المساعدة لضحايا زلزال منطقة الحوز بشكل يوحي بأنها الأولى والأجدر بذلك، كأنها دولة استثنائية، يجب أن تعامل بطريقة متفردة على باقي الطلبات التي انهالت على الدبلوماسية المغربية من كافة الدول الصديقة والشقيقة.

ولا يختلف إثنان أن الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات والأعاصير والبراكين وحالات الجفاف الحادة، تعتبر لحظة إنسانية بكل المقاييس، بحيث تعلق الدول كل خلافاتها السياسية إلى حين لمواجهة الأوضاع الناتجة عن هذه الكوارث التي تتطلب التضامن والتعاون والمساعدة بين الدول والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية، بعيدا عن كل توظيف سياسي.

و تنشط الدبلوماسية الدولية في مثل هذه الظروف لتقديم يد المساعدة للدولة المتضررة، والتي لا يمكن أن تكون في جميع الأحوال إلا بتنسيق مع الدولة المتضررة التي تمتلك حق وسلطة تدبير عروض المساعدات الإنسانية الدولية حسب تقييمها للأوضاع الميدانية وتقديرها للأولويات، بحيث يقع على الدولة المتضررة المسؤولية الأولى عن مباشرة المساعدات الإنسانية في إقليمها وتنظيمها وتنسيقها، حسب ما جاء في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم46/182 المتعلق بتعزيز تنسيق المساعدة الإنسانية التي تقدمها الأمم المتحدة في حالات الطوارئ، بل حتى المساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات الدولية غير حكومية كأطباء بلا حدود والهلال الأحمر الدولي والصليب الأحمر الدولي لا تتم إلا بعد موافقة سلطات الدولة المتضررة.

فالدولة المتضررة لها الحق المطلق في تنسيق عملية المساعدات وضبطها حسب حاجيات السكان ونوعية الإعانات والمساعدات التي يحتاجونها، وهو ما ينسجم تماما مع ديباجة قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 43/131 الذي صدر سنة 1988 المتعلق بالمساعدات الإنسانية إلى ضحايا الكوارث الطبيعية وحالات الطوارئ المماثلة، التي أكدت على أنه يجب مراعاة سيادة الدول و سلامتها الإقليمية ووحدتها الوطنية قبل كل شيء.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar