“إكودار” في الجنوب الشرقي..ذاكرة الأجداد ومخازن الحبوب التاريخية

تشكل إكودار، أو المخازن الجماعية، عنصرا معماريا مميزا في قرى المغرب، خاصة في المناطق الجنوبية، هذه الصوامع الضخمة، التي تعود أصولها إلى قرون خلت، كانت شاهدة على حضارة عريقة ونظام اجتماعي متين، وظلت صامدة في وجه التحديات عبر العصور.

يُرجح أن تاريخ إكودار يعود إلى القرن الخامس عشر، حيث كانت تُبنى في مواقع استراتيجية محصنة لحماية المحاصيل والممتلكات من اللصوص والغزاة، ولعبت هذه المخازن دورًا هامًا في توفير الأمن الغذائي للسكان، خاصة في فترات الجفاف أو المجاعة.

وتتميز إكودار بتصميمها الفريد، حيث تُبنى عادةً على شكل مربع أو مستطيل، مع أبراج مراقبة في الزوايا، وتتكون من عدة طوابق، وتُقسم كلّ طبقة إلى غرف تُوزّع على العائلات حسب احتياجاتها، وتُبنى إكودار من مواد محلية مثل الحجارة والطين، مع استخدام الأخشاب في الأبواب والأسقف.

لم تكن إكودار مجرد مخازن للحبوب، بل كانت أيضًا مراكز اجتماعية واقتصادية هامة، ففيها كان يجتمع أعيان القبيلة لمناقشة الأمور العامة، كما كانت تُستخدم كمكان لتبادل السلع والمنتجات.

وتتنوع إكودار حسب المناطق والتضاريس، فنجدها في جبال الأطلس، وفي الواحات، وفي السهول، ولكل نوع من هذه المخازن خصائصه المعمارية ووظائفه الخاصة، ومع مرور الوقت، واجهت إكودار العديد من التحديات، منها التغيرات المناخية، والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، والإهمال الذي أدى إلى هجران بعض هذه المخازن، وتحولها إلى أطلال.

وتُبذل حاليًا جهود للحفاظ على إكودار كجزء من التراث الثقافي المغربي، فقد تم إدراج بعض هذه المخازن على قائمة التراث العالمي لليونسكو، كما تعمل السلطات المحلية على ترميمها وإعادة تأهيلها، لتضل رمزًا لصمود الإنسان المغربي وتكيفه مع ظروفه البيئية، فهي ذاكرة الأجداد وصوامع الحبوب التي ساهمت في بناء الحضارة المغربية.

 

 

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar