الريسوني والقروض البنكية

ردود الفعل المعارضة لفتوى الدكتور أحمد الريسوني حول القروض البنكية تعكس حالة من العدمية باسم الدين في تقديري الشخصي المتواضع. جزء من الفقه المعاصر يعيش معضلة التجافي مع الواقع. بدعوى الوفاء للشريعة الحرفية يضيق على المواطن المسلم لكنه يسهل الأمر للدولة في العالم الإسلامي. يقول للمواطن: لا للقروض البنكية لأنها ربا، لكنه لا يستطيع أن يقول للدولة شيئا. يضيق على المواطن وهو الحلقة الأضعف ويفسح للدولة وهي الطرف الأقوى. أليس هذا هو الفقه السلطاني الدولاني؟.

القول بأن القروض البنكية ربوية ليس فيه جديد، هو يتكرر كل عام من عشرات السنين، لكن أين الفقه الذي ينظر إلى النظام الاقتصادي العالمي والنموذج الرأسمالي ويحاول أن يجد فسحة للمسلم في طاحونة جهنمية لا يد له فيها؟ فقه اللوم والتحريم والتضييق لا يساعد على أن تعيش الناس بحرية، ومهمة الفتوى ليس تذكير الناس بالحرام بل الفتوى هي كيف يصل الناس إلى الحلال. الفقيه هو من إذا حرم قدم بديلا فيه الحلال لا من يحرم للناس ويذهب لينام غير مبال.

الاقتصاد اليوم لا يصنعه المسلمون، والاقتصاد ليس المال والتجارة والإنتاج بل النموذج أو الباراديغم، والنموذج السائد هو الرأسمالية.

ولا أفهم شخصيا كيف يعارض هؤلاء فتوى الدكتور الريسوني وفيها من التيسير الكثير، ويصفقون لمسمى البنوك التشاركية وفيها من الظلم الكثير. القروض البنكية المقترحة للشباب لا تتجاوز نسبة الفائدة فيها 2%، لكن فوائد قروض البنوك التشاركية تتجاوز أحيانا 6%، ما هو المبرر لتكون الأولى ربوية والثانية شرعية؟ هل التسمية؟ هل فكرة المرابحة؟ وإذا كان الدين يسرا كيف تكون 6% يسرا و2% عسرا؟

هناك عقليات متحجرة، لا نشك في أمانتها على الدين، لكن نشك في أمانتها على الخلق.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar