جلالة الملك: إنشاء منطقة للتبادل الحر القارية سيوفر إطارا متميزا لتنشيط المبادلات

وجه جلالة الملك محمد السادس، خطابا إلى القمة ال 31 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي التي انطلقت يوم الأحد فاتح يوليوز 2018 في نواكشوط، ركز خلالها على مجموعة من النقط أبرزها إحداث منطقة التبادل الحر القارية التي ستوفر إطاراً متميزاً لتنشيط المبادلات، و تمهِّد السبيل لإرساء تنمية اقتصادية على أسس راسخة، ضمن فضاء مندمج، يمكِّن من تعزيز القدرة التنافسية لإفريقيا، بفضل ما يزخر به هذا الفضاء من إمكانات واعدة، تتمثل في أزيد من مليار مستهلك.

وقال جلالته في هذا الصدد: “من المعاني التي ينطوي عليها الانتماء إلى إفريقيا اليوم، العيشُ على أرض تشكل فضاء خصبا للكفاءات والمواهب، في أكثر من مجال، بما يؤهلها لاختصار بعض المراحل على درب التقدم، وتسريع وتيرة التنمية بالاستغلال الرشيد لمواردنا”، “ويجسد هذا المشروع الطموح وعياً حقيقياً، يدعونا للإسراع ببناء مؤسسات فعّالة، تعتمد آليات الحكامة المثلى، وتكفل الشروط اللازمة للقطع مع دوامة الفقر، ولتمتين الأسس الضامنة لانبثاق إفريقيا كقوة صاعدة، في كل خطوة تخطوها.

وأوضح جلالته في الرسالة التي تلاها ناصر بوريطة وزير الخارجية والتعاون نيابة عن جلالته: أنه “لا يخفى علينا جميعاً أن هذه الدينامية المتواصلة، لا تستطيع أن تحجب واقع الحال، الذي يظل دون ما نطمح إليه. فكم من العراقيل والصعوبات لا تزال تقوِّض الجهود المبذولة، من أجل الارتقاء بقارتنا إلى مصاف القوى الصاعدة”.

وأوضح جلالته أن آفة الفساد، التي ما فتئت تنخر كيان مجتمعاتنا، تشكل إحدى العقبات الرئيسية التي تنتصب في طريقنا، وقد أحسنت قمتنا باختيارها لهذه المعضلة موضوعاً رئيسياً لأشغاله، وأن مشكلة الفساد لا يمكن اختزالها فقط في بعدها المعنوي أو الأخلاقي.

وذكر جلالة الملك أن الفساد ينطوي أيضاً على عبء اقتصادي، يُلقي بثقله على قدرة المواطنين الشرائية، لا سيما الأكثر فقراً منهم. فهو يمثل 10 بالمائة من كلفة الإنتاج في بعض القطاعات الاقتصادية. وعلاوة على ذلك، يساهم الفساد في الانحراف بقواعد الممارسة الديمقراطية، وفي تقويض سيادة الحق والقانون؛ كما يؤدي إلى تردي جودة العيش، وتفشي الجريمة المنظَّمة، وانعدام الأمن والإرهاب.

وفي المقابل، يضيف جلالة الملك، “لا يمكن أن نغفل ما نلاحظه في شتى الميادين، من مؤشرات إيجابية، وجهود حثيثة في مجال التصدي لهذه الآفة. فالتدابير المتخذة في هذا الشأن، ما فتئت تعطي ثمارها، وتحقق مكاسب مهمة على أرض الواقع، ففي خضم المعركة المتواصلة، دون هوادة، في مواجهة الفساد، تحرز بعض بلدان قارتنا، وهي كثيرة، نتائج تضاهي أحياناً ما تحققه بعض الدول الأكثر تقدماً، وبالتالي، فهي نماذج تحفِّزنا جميعاً على أن نحذو حذوها في هذا المضمار.

وقال جلالة الملك: “إن من شأن الإصلاحات المؤسساتية الجارية، داخل الاتحاد الإفريقي، أن تساهم بنصيبها في انبثاق ثقافة للتصدي لهذه الآفة. لقد أدركت المملكة المغربية بدورها ما للفساد من آثار مدمِّرة، فآلت على نفسها ألا تدخر جهداً في سبيل القضاء عليه”.

وأضاف جلالة الملك في الرسالة نفسها، أن المملكة المغربية، منذ سنة 2015، اعتمدت استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، وأحدثت لجنة وطنية أُسنِدت إليها مهمة السهر على تنزيل أهداف هذه الاستراتيجية. وتهدف هذه الاستراتيجية، التي يمتد تنفيذها على مدى عشر سنوات، إلى تغيير الوضع بشكل ملموس ولا رجعة فيه، في أفق 2025، وتعزيز ثقة المواطنين، وتوطيد ثقافة النزاهة في عالم الأعمال وتحسين مناخه، مع ترسيخ موقع المملكة على الصعيد الدولي.

وخلص جلالة الملك إلى أن الزمن الذي كانت فيه إفريقيا عبارة عن ثغور ومحميات تجارية لنهب خيراتها قد ولى، فالفساد معضلة لا تنفرد بها إفريقيا وحدها دون غيرها، فهو ظاهرة عالمية تشمل بلدان الشمال وبلدان الجنوب، على حد سواء، وقد تقوض الجهود الرامية إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، التي أقرتها المجموعة الدولية.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar