الأمازيغية التي نريد…

نحن أمازيغ، أفارقة، عرب، متوسطيين، مسلمين….وقبل هذا وذاك وبعد هذا وذاك نحن مغاربة ننتمي لشعب واحد ذي عمق تاريخي انصهرت مكوناته المتعددة وساهمت جميعها في ترسيخ هوية وطنية واحدة (تامغربييت) تستوعب الروافد الثقافية المتعددة ولا تفرط في أي منها ولا تنغلق، لأن التثاقف والتلاقح مع الثقافات العالمية الأخرى والانفتاح على التجدد والتطور والرقي، من سمات الثقافات المؤسسة للهويات الحية والقوية والقابلة للعيش والاستمرار كيفما كان حجم ونوع التحولات التي تعرفها الأوطان والشعوب المنتجة لتلك الثقافات.

 

نحن استطعنا، وهذا ليس بالأمر الهيّن، أن نتجاوز على نطاق واسع الانقسامات القبلية والإثنية التي نرى مفعولها في بعض البلدان “العربية” وغير العربية اليوم، وما تبقى من القبلية يظل خفيفا ولا يتنازع مع الشعور بالانتماء الوطني ولا أثر فعلي له، إلا في رؤوس قلة قليلة تغريها ممارسة “كوبيي كولي” أو يحركها توتر داخلي ما. واستطعنا كذلك أن نتوحد مذهبيا وعقديا فيما يتعلق بالتدين، وأضفيْنا على اختياراتنا هذه طابعا صوفيا مستمد من الإرث الثقافي المحلي ذي الجذور الإفريقية، وبذلك أمكننا تجاوز الانقسام الطائفي الذي نرى أثره المدمِّر حيثما تأتّى له أن ينخر المجتمعات.

لذلك، فإننا اليوم قادرين على القيام بتثمين كل مكونات هويتنا وكل روافدها الثقافية وعلى الاشتغال على تراثنا المشترك، أمازيغيا كان آو عربيا أو إسلاميا أو إفريقيا أو أندلسيا أو يهوديا أو نصرانيا أو أنيميا، باعتباره ثروة وطنية لامادية في ملك المغاربة جميعا بدون تمييز بين مواطن وأخر، إذ المواطنة اليوم هي المحدد وهي التي يجب العمل على جعل الوعي بها يسبق الإحساس بأي انتماء آخر، لأن وعي المواطنة هو مفتاح المساواة والديمقراطية الحقيقية والعيش المشترك في إطار من السلم والإخاء.

الدستور الجديد تضمن تحديدا جديدا للهُوية الوطنية بروافدها المتعددة والمندمجة، ونص على أن اللغة الأمازيغية لغة رسمية، شانها في ذلك شأن اللغة العربية، لذلك لا يوجد اليوم أي مانع يمنع من ترسيم رأس السنة الامازيغية، شرط تأسيس هذا الترسيم وإقامته على أسس صلبة بعيدا عن الغوغائية والميول التي تبتغي خلق أي تفرقة بين من صهرتهم قرون من التاريخ ومن الدفاع المشترك في وجه مختلف الغزاة الذين تم ردهم أو طردهم كي نرث مغربنا الذي مازلنا نتوق جميعا إلى تحرير الأجزاء المحتلة من أراضيه ونعمل على تأكيد عودة أقاليمه الصحراوية بالتصدي لفلول الانفصال المستعملة من طرف جنرالات الجزائر وبالسعي إلى نيل اعتراف دولي شامل بوحدتنا الترابية.

سنة امازيغية سعيدة وأملنا كبير في أن نخرج في القريب من المحنة التي فرضتها جائحة كوفيد-19 وجعلت الإنسانية جمعاء، إلا من أعماه الجهل، تشعر أنها في مركب واحد وتتشارك في الكثير ويجب أن تعمل بشكل مشترك لمواجهة التحديات الكبرى التي تفرض عليها نفسها والتي لا تقتصر على كورونا. نحن كلنا “هومو سابيانس” حسب المعطيات المتوفرة لحد الآن، والتي أضافت ألف عام أخرى لعمر “الإنسان العاقل” بعدما جرى اكتشاف بقايا خمسة من البشر من هذا النوع عاشوا في المغرب قبل 300 ألف سنة على الأقل من الآن، وبالضبط بجبل إغود قرب آسفي..

أسكّاس أماينو 2971 إغودان…

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar