كابرانات فرنسا يكلفون بوقهم رمطان لعمامرة بالبحث عن أصول لـ”الأمة” الجزائرية

بموازاة تنقلاته البهلوانية لإقناع الرأي الداخلي والخارجي بان دبلوماسية كوريا الشرقية على ما يرام، وأن هذه الأخيرة “قوة ضاربة” يُضرَب لها ألف حساب، كُلّف بوق العسكر الجزائري رمطان لعمامرة بمهمة أخرى تتمثل في البحث والتحري عن هوية وجذور  “الأمة الجزائرية” وإقناع العالم بأنها “أمة ضاربة في أعماق التاريخ”.

وفي هذا الإطار، استغل رمطان لعمامرة تواجده في إيطاليا، يوم الخميس 7 اكتوبر 2021، ليقوم بزيارة زنزانة الملك النوميدي يُوغُرْطَة، حيث غرّد على حسابه في تويتر قائلا: “قطعة من تاريخ الجزائر الممتدة جذورُه في قلب روما. آخر مكان سُجن وقُتل فيه ملك نوميديا يوغرطه ابن سيرتا وحفيد ماسِينيسّا سنة 104 قبل الميلاد، بعد حرب ضَرُوسٍ ضد الرومان دامت 7 سنوات”.

زيارة البولدوغ لعمامرة للسجن الذي أودع فيه الملك يوغُرطة، تندرج في سياق بحث كابرانات فرنسا الدؤوب عن خيط رابط بين “المقاطعة الفرنسية” السابقة و تاريخ منطقة شمال أفريقيا الضارب في القدم، في محاولة فاشلة لسرقة الإرث التاريخي لشعوب المنطقة والإدعاء بان دولة الكابرانات لها امتداد عريق وان الأمة الجزائرية تعود في تكوينها إلى حقبة غابرة من التاريخ.

بهلوانيات لعمامرة وأسياده لن تُقنع أحدا، لأن يوغرطة وماسينيسا وبوكوس ويوبا وتاكفاريناس والكاهنة، وغيرُهم من الرموز والأبطال الامازيغ، هم إرث لجميع الشعوب المغاربية وليسوا حكرا على دولة الجنرالات التي تُكنّ عداء لكل ما هو أمازيغي، وهو ما يؤكده حظر رفع الأعلام الامازيغية في مسيرات الحراك الشعبي في عهد المقبور قايد صالح، والحملة الشرسة التي تقوم بها اليوم مخابرات العسكر ضد أبناء القبائل ومناضلي “الماك”…

وإذا كان لعمامرة، من خلال زيارته لسجن يوغرطة بروما، يحاول الرّد على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي شكّك في وجود “أمة جزائرية” قبل الاستعمار الفرنسي، فإن الحيلة لن تنطلي على أحد لأن الجميع يعرف أن يوغرطة هو أحد أبطال الأمة الأمازيغية وليس الجزائرية، كما يريد أن يُقنعنا بذلك الجنرالات، كما أن “دولة الجزائر” كما نعرفها اليوم هي من صُنْع المستعمر الفرنسي، ولا أدَلّ على ذلك من تشبث الجنرالات بالحدود الموروثة عن الاستعمار والتي يعرف الجميع ان فكرتها التوسعية كانت تروم الاستحواذ على اكبر مساحة على حساب دول الجوار، وخاصة المغرب الذي اقتطعت من صحرائه الشرقية مساحات شاسعة وغنية بالثروات، لأن المستعمر الفرنسي كان آنذاك يعتقد انه لن يخرج يوما من مقاطعته التي شيدها بعد سيطرته على إيّالة الجزائر العثمانية.

كان على الوفد الرسمي الجزائري، بقيادة وزير خارجية العسكر رمطان لعمامرة، عوض زيارة سجن Tullianum المعروف باسم Mamertinum في إيطاليا، أن يقوم بزيارة مئات بل آلاف الـ”يوغرطات” في منطقة القبائل، والذين يقبعون في سجون كابرانات فرنسا بسبب معارضتهم لنظام الكابرانات ومُطالبتهم بإسقاطه ورحيل رموزه الفاسدة وبناء دولة مَدنية مستقلة بعيدا عن قرارات وأوامر مؤسسة الجيش التي تجثُم على صدور الجزائريين منذ الانقلاب العسكري الذي نفذه محمد بوخروبة (الهواري بومدين) في ستينيات القرن المنصرم، والادعاء بان الجيش الوطني الشعبي هو سليل جيش التحرير الوطني…

رمطان لعمامرة، ومَن أوحى له بفكرة زيارة زنزانة يوغرطة، وفي غَمرة بحثهم عن جذور وأصول للأمة الجزائرية، تناسوا ان مقرراتهم الدراسية وإيديولوجيتهم المبنية أساسا على القومية العربية، لا تتحدث عن يوغرطة او ماسنيسا او الإرث الأمازيغي كامتداد تاريخي للجزائر، ولم يبدأ تغيير بعض المواقف والأفكار تجاه الهوية الامازيغية إلا بضغط من الحركة الامازيغية ومناضليها خاصة في منطقة القبائل..

ثُم إن لعمامرة وأسياده يقعون في تناقض مريب من حيث لا يدرون، لأنهم يتحدثون مرة على أن مْصالِي الحاج (وهو بالمناسبة من أصول تركية) هو أب الأمة والوطنية الجزائرية، وفي مرات أخرى يدعون أن الأمير عبد القادر هو المؤسس الحقيقي للدولة الجزائرية الحديثة، وها هم اليوم يستنجدون بالملك يوغرطة للبحث عن شيء يردّون به على الوقائع والحقائق التاريخية التي واجههم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ولا ندري ماذا هم فاعلون غدا، إذا افترضنا بقاءهم في الحكم… وإنَّ غـداً لنـاظِـرِه قـريــبٌ.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar