إنزال كبير لقيادات البيجيدي بزعامة بنكيران تضامنا مع حامي الدين وضربا لاستقلالية القضاء

عرفت رحاب محكمة الاستئناف صباح اليوم الثلاثاء ومنذ الفجر حركة غير عادية وإنزالا كثيفا لعناصر العدالة والتنمية، قبل أن يتبين أن الأمر يتعلق بحضور مؤطر من قبل عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق للعدالة والتنمية ورئيس الحكومة المعزول، الذي حضر إلى المحكمة رفقة عبد العالي حامي الدين، القيادي في الحزب والمستشار البرلماني المتهم بالقتل مع سبق الإصرار والترصد، وكان في المؤازرة والتضامن أغلب قيادات الحزب المحسوبة على تيار الولاية الثالثة من قبيل عبد الله بوانو وإدريس الإدريسي الأزمي وأمينة ماء العينين وخالد بوقرعي وكلهم من أصحاب الريع البرلماني.

الحركة التي قام بها بنكيران وأتباعه خطيرة في مسار القضاء المغربي، إذ لأول مرة ينزل حزب هو الأول من حيث الانتخابات ويقود الحكومة، في مواجهة عائلة، تطالب بالتحقيق في مقتل ابنها أيت الجيد بنعيسى، الذي ذهب ضحية العنف الدموي الذي مارسه الإسلاميون سنوات التسعينات في الجامعة، وهو إرهاب كامل الأركان لأنه مرتبط بالهوية.

فخطورة هذا الفعل نابعة من كون حزب يستغل وجوده في الحكومة للوقوف تضامنا مع متهم بالقتل العمد، فلو كان حامي الدين متابع بجريمة سياسية لكان هذا الحضور مبررا ومستساغا، لكنه اليوم محاولة للتأثير على القضاء، تكمل ما قام به مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، الذي اتهم القضاء بالانحياز، وما قام به سعد الدين العثماني، الذي ترأس بشكل طارئ اجتماعا للأمانة العامة لحزبه للتضامن مع المتهم.

وللأسف الشديد فبنكيران كان رئيسا للحكومة عندما كان رفيقه في الحزب وزير العدل آنذاك يدافع عن استقلالية القضاء عن السلطة التنفيذية، فعاد اليوم لينقلب على مواقفه السابقة ويقود حملة غير طبيعية ضد قضاة ليس لهم من سلاح سوى قوة الموقف الدستوري، الذي يعاقب كل من حاول التأثير على القاضي بأي وسيلة كانت، ومن هذا المنطلق جاءت الشكاية التي رفعها بعض المحامين ضد الرميد كما هددوا برفع شكاية مماثلة ضد بنكيران.

إن نزول قادة الحزب محاولة سيئة للغاية لأنها تجعل المحاكمة غير متكافئة باعتبار أن القضاة سيكونون أمام عائلة الضحية وهي الطرف المشتكي وأمام متهم بالتقل وراءه حزب كامل يتوفر على كافة الإمكانيات للتشويش على روح المحاكمة العادلة.