صناعة السيارات بالمغرب.. قطاع رائد وقاطرة رئيسية للتنمية الاقتصادية

يشهد قطاع صناعة السيارات بالمغرب تطورا متسارعا منذ مطلع الألفية الجديدة، حيث ارتقت صناعة السيارات المغربية إلى مستويات نمو مستدامة بنسبة 20% سنويا، وأضحى قطاع صناعة السيارات قطاعا إستراتيجيا في السياسة الصناعية للمملكة المغربية، ويحقق نموا سنويا مهما على مستوى إحداث فرص العمل والتصدير..

وتحول المغرب في السنين الأخيرة، إلى قبلة هامة لشركات السيارات الأوروبية والآسيوية، عبر إقامة نقاط لتصنيع وتجميع المركبات في سوق واعدة، شهدت تطورا متسارعا منذ مطلع الألفية الجديدة.

وتتصدر المملكة مجال صناعة السيارات على المستوى الافريقي متقدمة على منافستها جنوب إفريقيا، وذلك وفق المنظمة الدولية لمصنعي السيارات.

وبخصوص العوامل التي جعلت المغرب يحقق إنجازات مهمة في صناعة السيارات، يقول ياسين النيصر، عضو منتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية، إن الأمر ليس بمحض الصدفة، وإنما هو ثمرة سنوات من العمل الدؤوب والجاد من أجل جعل المغرب بلد صناعي بامتياز والارتقاء به إلى مصاف الدول الصاعدة، بداية بمخطط الإقلاع الصناعي لسنة 2005، مرورا بالميثاق الوطني للانبثاق الصناعي لسنة 2008، وختاما بالمخطط الوطني للتسريع الصناعي (2014_2020) المستمر إلى الآن .

ويضيف ياسين النيصر، في حوار مع موقع القناة الثانية الذي أورد مضامينه اليوم الثلاثاء، أن قطاع صناعة السيارات يعتبر من بين المرتكزات الأساسية بمخطط التسريع الصناعي، والذي يهدف إلى إرساء صناعة، قوية، وتنافسية، تساهم في تحقيق تنمية مستدامة، عبر تعزيز ورفع نسبة القطاع الصناعي في الناتج الداخلي الخام، وخلق فرص شغل كفيلة بتخفيض نسبة معدل البطالة، الشيء الذي جعل من صناعة السيارات بالمغرب قاطرة رئيسية للتنمية الاقتصادية خلال السنوات الماضية، من خلال تربعها على حجم الصادرات بالمملكة، متجاوزة صادرات الفوسفات لأول مرة.

وهذا ما جعل المغرب، يقول الباحث، يتبوأ المرتبة الأولى إفريقيا متجاوزا بذلك منافسه الأول جنوب افريقيا، كما يأتي وراء دولتي الهند والصين في ما يخص التنافسية الاقتصادية، بتوفره على ما يزيد عن 10 منظومات صناعية خاصة بصناعه سيارات مغربيه 100 بالمائة، وتصنيع وتصدير قطع الغيار.

ويعزى هذا التطور الإيجابي أيضا، يضيف ياسين النيصر، إلى كون المغرب عمل جاهدا على توفير كل الظروف المواتية لجذب وجلب شركات صناعية عالمية عن طريق التحسين من مناخ الأعمال، وتوفير كل الشروط المطلوبة من بنيات تحتية متطورة؛ أهمها ميناء طنجة المتوسط، الذي يلعب دورا هاما في ربط القارتين الإفريقية والأوروبية، وكذا الموارد البشرية المؤهلة…

ولخص ياسين النيصر عائدات قطاع صناعة السيارات وأثرها على اقتصاد المملكة، في نقطتين أساسيين، الأولى على المستوى الاقتصادي، “إذ يعد قطاع تصنيع السيارات، القطاع الأول على مستوى الصادرات، متجاوزا بذلك صادرات الفوسفات؛ أي ما يناهز 83.7 مليار درهم حسب آخر الإحصائيات الرسمية، ما يساهم في تعزيز رصيد العملات الأجنبية، ونحن نعلم الدور التي تلعبه فيما يخص الواردات، كما تساهم نسبة الصادرات في تقليص نسبة عجز الميزان التجاري”.

أما المستوى الاجتماعي، يضيف الباحث، “فإن نسب البطالة في المغرب تشير إلى معدلات لا تبشر بالخير، لذا تشكل الاستثمارات الأجنبية في قطاع صناعة السيارات، من بين الحلول المناسبة، بحيث يتوفر المغرب على ما يزيد عن 250 مصنعا، توظف ما يزيد عن 160 ألف عامل منذ سنة 2014، حسب ما صرح به السيد وزير الصناعة السابق حفيظ العلمي”.

وعن سؤال حول ما يتطلبه أكثر مجال صناعة السيارات في المغرب لكي يزيد من تنافسيته على الصعيد الدولي، ردّ ياسين النيصر بالقول إن المغرب ورغم ما حققه من نجاحات كبيرة على مستوى صناعة السيارات من أبرزها العلامة التجارية (داسيا)، فإن هذا القطاع وكغيره يحتاج إلى عدة متطلبات وتدابير من أجل ضمان الاستمرارية والجودة، عبر أساليب التطوير والابتكار في مجالات صناعات التكنولوجيات الحديثة.

إضافة إلى ذلك، يقول الباحث، هناك أهمية تنمية الموارد البشرية وتطوير القدرات الذاتية للأشخاص ودورها الرئيسي في منظومة التسريع الصناعي، فلا يمكن اليوم ضمان إقلاع صناعي اقتصادي دون موارد بشرية مؤهلة، ولها الخبرات والتقنيات في مجال صناعات التكنولوجيات الحديثة .

وأشار ياسين النيصر في هذا الصدد، إلى دور التكوين المهني كما أكد عليه جلالة الملك، من خلال إقرار إصلاح منظومة التكوين المهني من أجل تكوين مهني يستجيب لمتطلبات التنمية وقادر على مواكبة حاجيات قطاع الإنتاج، بالإضافة إلى ضمان تكوين عالٍ للمهندسين قصد الرفع من قدرتهم على الإبداع والابتكار، وإعطاء الأولوية للبحث العلمي.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar