العالم رشيد يزمي يعدد شروط نجاح تصنيع بطاريات الليثيوم بالمغرب

أعلن وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، عن مفاوضات جارية من أجل تشييد مصنع ضخم لصناعة بطاريات الليثيوم الخاصة بالسيارات الكهربائية، وكان العالم والمهندس المغربي رشيد يزمي من الأوائل الداعين في المغرب إلى تشييد مصنع لبطاريات لليثيوم.

ويقول يزمي أن دخول سوق صناعة بطاريات الليثيوم بالنسبة للمغرب يطرح العديد من التحديات، ومنها ضرورة الحرص على اختيار شريك مصنّع مشهود له بمراعاة الجودة ومعايير السلامة، والتفكير في سلسلة إنتاج مترابطة، تبدأ من التعدين وتنتهي عند الإنتاج والابتكار، لأن سوق الطاقة هو المستقبل.

وفي هذا الإطار، عبّر يزمي، في حوار أجراه معه موقع “إس إن إر تي نويز”، عن سروره عند سماعه خبر عزم المغرب تشييد مصنع ضخم لصناعة بطاريات الليثيوم الخاصة بالسيارات الكهربائية، مضيفا “كنت أعلم بوجود اتصالات مغربية بعدة مُصنعين عالميين، لكنني لا أتوفر على التفاصيل. وقد اطلعت على ما نقلته وسائل الإعلان عن وزير الصناعة والتجارة، السيد رياض مزور. وهي سابقة بأن يتحدث مسؤول حكومي علانية عن الأمر، لكن تصريحه لم يشف غليلي المعرفي، وولد لدي أسئلة كثيرة.”

وأضاف العالم المغربي :”شخصيا رأيت في إعلان الوزير نصف خبر بالكاد، في هذه المرحلة لا يجري الحديث عادة عن المفاوضات وتفاصيل المشروع، حيث يتم الكشف عن ذلك يوم التوقيع النهائي مع هذا المستثمر.”

وبخصوص هوية المستثمر الراغب في تشييد مصنع لبطاريات الليثيوم في المغرب، قال يزمي  إن “لا شيء رسمي حتى اللحظة، وعلينا أن ننتظر الإعلان أو التوقيع الرسمي، لكن أرجح بشكل قوي أن يكون المستثمر صينيا.”

أما المواصفات التي يفترض توفرها في مستثمر في بطاريات الليثيوم بالنسبة لبلد كالمغرب ينتظر أن يخوض أول تجربة في هذا المجال، فأوضح يزمي  أنه “يتوجب، أولا، التأكد من أن هذه الشركة تتوفر على تاريخ في هذه الصناعة وتوفر بطاريات تتوفر فيها شروط السلامة الواجبة، لأن هذا هو العامل الوحيد الذي يجب التشديد عليه.”

واستطرد بالقول إن “السلامة تعني حماية الأرواح، والمشكل في بطارية السيارة، على عكس بطارية الهاتف، يمكن إذا لم تكن سليمة، أن تخلف ضحايا أكثر، في حالة انفجار أو احتراق، وكخبير، أشدد على أن السلامة في البطارية هي حجر الزاوية في أي بطارية ليثيوم.”

“فإذا كنت تريد أن تصنع بطاريات كهربائية لسيارات “رونو” أو “ستلانتيس” فهؤلاء لن يقبلوا أي بطارية كانت. وأعرف أن “رونو” و”ستلانتيس” لديهما معامل في بلدان مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا لصناعة البطاريات.” يقول يزمي مضيفا أن “بطارية ليثيوم يمكنها السير 200 ألف كيلومتر، وثمنها يعادل الثلث من السعر الإجمالي للسيارة، إذ من المستحيل تغييرها كل عام أو عامين، وإلا لن تكون بطارية ذات جودة. البطارية جيدة الصنع يزيد عمرها على العشر سنوات.”

“إن التحقق من جودة البطارية أمر حيوي وضروري، ولهذا بادرنا في جامعة فاس إلى إطلاق مركز الامتياز، الذي هو قيد التشييد، وسيجري تدشينه في آخر السنة. هذا المركز يمكنه أن يتحول إلى مركز خبرة للبطاريات، ويجيب عن أسئلة من قبيل: هل عمرها طويل في ظروف مناخية مغربية مثل الحرارة؟” يقول يزمي مشيرا إلى أن “أي تفكير استثماري يجب أن يراعي الإبداع والسبق، فإذا أردنا صناعة بطارية مغربية، فعليها أيضا أن تكون منتوجا يراعي الميزات المغربية، فبطارية ستجول في مدن كفاس أو مراكش صيفا، عليها أن تكون قادرة على تحمل حرارة الخمسين درجة.”

وبخصوص العلاقة بين البطارية ومحيطها البيئي أو الجغرافي، قال العالم المغربي: “يجب على البطارية أن تتضمن مواد مندمجة مع المناخ، لأن البطاريات المستعملة اليوم مصممة على درجات حرارة تتراوح ما بين ناقص 20 إلى زائد 50 درجة، لكن في المغرب لا نصل إلى ناقص 20، بينما هناك بحوث علمية تسابق الزمن من أجل توفير بطارية أكثر مقاومة لدرجة الحرارة. وهذا ما أشتغل عليه رفقة وكالة الفضاء “ناسا”، من أجل تصنيع بطاريات ليثيوم، قادرة على تحمل درجات حرارة تتراوح ما بين زائد 10 إلى زائد 80 درجة مائوية، وهو مشروع يستهدف أسواق البلدان التي تشهد درجات حرارة مرتفعة.”

“لنستحضر سيارة كهربائية تجوب في عز فصل الصيف مدينة مراكش، حيث الحرارة تصل إلى 45 درجة مائوية. فدرجة حرارة البطارية هنا، ستكون ما بين 50 و65 درجة. صحيح أنه من أجل الوصول إلى مشكل الاحتراق، فإن درجة حرارة البطارية يجب أن تصل إلى 800 درجة. لا أتمنى أن أرى حافلة تحترق وعلى متنها مسافرون.” يقول يزمي.

وحول أهمية اختيار الشريك الذي سيتولى تشييد مصنع بطاريات الليثيوم، قال يزمي  إننها “في مرحلة أولى من تجارب السيارة الكهربائية، عكس السيارة التقليدية؛ أي التي تعمل بالوقود وهي خبرة تفوق القرن. من هذا المنطلق، أدعو إلى الحذر، فمثلا لا يجب على مصنع مغربي لبطاريات الليثيوم أن يقتصر عمله على بطاريات السيارة الكهربائية. علينا أن نستثمر أيضا في تخزين الطاقة عبر البطاريات. كما يجب التفريق بين إنتاج جيغاواط وجيغاواط/الساعة GW وGWh، ويمكننا صناعة البطاريات التي نريد من بطارية الهاتف النقال إلى بطارية الباخرة.”

وبخصوص سؤال حول إمكانية تصدير مصنع مغربي لبطاريات الليثيوم نحو أوروبا، أجاب يزمي بالقول إن “الطريقة الوحيدة للبيع هي الجودة. إذا توفرت بطاريات المغرب على الجودة، يمكننا أن نغزو أوروبا وأمريكا. لكن ما يخيفني أكثر، وبما أنني أعيش في آسيا ولدي علاقات مع مصنعين في الصين واليابان والهند وكوريا، أعرف من هي الشركات التي تتوفر على سمعة جيدة، بالتالي فخوفي أن يتم التعامل في هذا المجال مع شركة لا تتوفر على سمعة جيدة.”

وقال يزمي إن الآسيويون يحتكرون سوق صناعة بطاريات الليثيوم في العالم، و”تسيطر دول الصين واليابان وكوريا وتايوان على 80 في المائة من السوق العالمي، بينما يعاني الأوربيون تخلفا في هذا المجال، لأنهم لا يتوفرون على أي خبرة حول الليثيوم، وبالكاد تصل حصة أوروبا إلى 3 في المائة من السوق العالمية، ويطمحون إلى الوصول إلى 20 في المائة بحلول 2030، إذ هناك اليوم 25 شركة “جيغافاكتوري” في أوروبا.”

وبما أن الأوربيين، يضيف يزمي، لا يتوفرون “على خبرة في هذا المجال، فقد لجأوا إلى الصين، التي تتوفر على 4 أو 5 مصنعين كبار مشهود لهم بالجودة في صناعة بطاريات الليثيوم، وبالتالي فإن الكبار في الصين تسابقوا إلى أوروبا، ولا أتمنى أن يدخل المغرب مصنعا أخر خارج قائمة هؤلاء الأربعة أو الخمسة.”

وختم يزمي بالقول إننا نتوفر في المغرب على “الكفاءات المعرفية اللازمة، وهذا أمر مهم، صحيح أنه لا يجب علينا التسرع، لأن مصنعا ضخما للبطاريات مشروع مهم، هناك من يرى أننا نتوفر على الكوبالت، صحيح، لكن علينا تحويله، لاستخراج مادة NMC والأمر نفسه ينطبق على الفوسفاط، علينا البدء في تحويله لاستخراج مادة LFP، لأن هذه المادة لوحدها يمكننا تصديرها كعنصر إلى مصانع بطاريات الليثيوم في أوروبا والصين. أما في ما يتعلق بالليثيوم، فعلينا ربط صلات وثيقة مع الشيلي، التي تتوفر على أكبر مخزون عالمي، أما الصين فهي الأولى عالميا من حيث مخزون الغرافيت. فالحديث عن مصنع ضخم، يقصد به سلسلة إنتاجية مترابطة ومتناسقة، وعلينا تطوير الشركات المغربية التي ستحول الكوبالت إلى NMC  والفوسفاط إلى LFP.”

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar