الأمازيغية والدستور المرتقب

محمد بوداري*

     في خضم النقاش الدائر في المغرب حول الإصلاحات  الدستورية التي تمخضت عن خطاب الملك بتاريخ 9 مارس 2011، تباينت المواقف والآراء حول وضعية الأمازيغية بالدستور المقبل. ولئن بقيت بعض الأحزاب وفية لنهجها المتمثل في تجاهل المطالب المشروعة للحركة الامازيغية وتبخيس حق اللغة والثقافة الامازيغيتين ومحاولة الالتفاف على هذه المطالب فإن بعض الجهات لم تجد أي حرج في إعلان الحرب على الامازيغية وذلك بخلق معارك ونقاشات تم تجاوزها من طرف الحركة الامازيغية والمهتمين بشأنها منذ زمن بعيد، كإشكالية الحرف المعتمد و ثنائية اللغة/اللهجة، وكذا خلق جمعيات للدفاع عن اللغة العربية، والمطالبة بإخراج أكاديمية محمد السادس للغة العربية إلى الوجود، متحججين بأن خطرا يتهدد اللغة العربية، والحال أن لا أحد طالب بإقصائها وهضم حقوقها.


       بل إن الحركة الأمازيغية مافتئت تطالب بإدراج الامازيغية كلغة رسمية في الدستور إلى جانب العربية. ولم نسمع يوما أن أحدا طالب بإقصائها أو التنقيص من قيمتها. فالعربية من هذا المنطلق ليست في حاجة لمن يدافع عنها لأنها بكل بساطة ليست في خطر فهي حاضرة في أكثر من مستوى، داخل المجتمع وإن كان المغاربة في حياتهم اليومية يتداولون فيما بينهم باللسان الدارج، أو بالامازيغية بمختلف تعابيرها أو حتى بالفرنسية فإن اللغة العربية محصنة دستوريا ودينيا. وإن كانت هناك لغة في حاجة إلى الحماية القانونية والرعاية الرسمية، فإنها الامازيغية التي عانت منذ عقود من التهميش والإقصاء والغربة في عقر دارها.


     وبغض النظر عن كون الأمازيغية مسؤولية كل المغاربة فإن جانبا كبيرٍا منها يقع على عاتق الحركة الأمازيغية، وكل القوى الديمقراطية بالبلاد إذ أن مطالب الحركة الثقافية الامازيغية كانت ولا تزال تتوخى بناء مغرب ديمقراطي حداثي، يقطع مع كل الممارسات التي تنفلت من المراقبة المؤسساتية، مغرب يتعايش فيه المواطنون بكل حرية وكرامة في ظل قوانين تساوي بينهم بغض النظر عن اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين.


     إن حركة بهذه المواصفات، لا يمكنها إلا أن تساير حركية المجتمع وتنخرط في الدينامكية الاجتماعية التي فجرتها حركة 20 فبراير وذلك للمطالبة بتغيير دستوري ينسجم مع تطلعات الشعب، ومع متطلبات العصر التي تحتكم إلى المواثيق الدولية في مجالات حقوق الإنسان والحريات الفردية و الجماعية.


     إن حجم المسؤولية الملقاة على عاتق الحركة الأمازيغية، تستدعي منها رص الصفوف والتنسيق بين مكوناتها وذلك لرفع التحدي وفرض مطالبها المشروعة وقد حان الأوان للاستعداد لما بعد التعديل الدستوري، ومن أجل ذلك يجب اختيار الحلفاء والتعامل مع الخصوم بكل حزم لأن زمن التوافقات قد ولى.


       كما أن النقاش يجب أن يشمل طبيعة واختصاصات المعهد الملكي للثقافة الامازيغية، لأن توسيع اختصاصات وتغيير طبيعة بعض المؤسسات (ونعني هنا المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط ومجلس المنافسة ومحاربة الغش وكذا مجلس محاربة الرشوة) يجب أن ينسحب كذلك على المعهد الملكي، مادامت هناك مطالب في هذا الاتجاه قد تم التعبير عنها في أكثر من مناسبة من طرف الحركة الامازيغية. وسنحاول في ألأعداد القادمة أن نفتح النقاش بهذا الشأن و حول كل المواضيع التي تهم الأمازيغية بكل أبعادها.في انتظار ذلك نرحب بمساهماتكم وآراءكم القيمة.

 

*كاتب متخصص في القضية الأمازيغية

 

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar