ما رأي السيد بنكيران في الاعتداءات على رجال الأمن بطنجة؟

 

 

 

عزيز الدادسي

 

قد لا نكون في حاجة إلى القول أن ما حصل من اعتداء على رجال شرطة في مدينة طنجة من طرف عناصر تنتمي ل "السلفية الجهادية "، هو اعتداء بَيِّن على أفراد من قوات الأمن كانوا يقومون بمهامهم، وخلَّف هذا الاعتداء إصابة عدد كبير منهم بجروح خطيرة.

 

وقد أوضح بيان الوكيل العام للملك أن حوالي مائة من عناصر السلفية الجهادية خرجوا – ضدا على القانون – في مسيرة لـ"المطالبة بالإفراج عن فرد اعتُقِلَ في وقت سابق في قضية إرهابية وجرائم أخرى"، كما تعرض شرطيان آخران لاعتداء من قِبَل متظاهرين ينتمون لنفس التنظيم .

 

هكذا، أَوَ كلما اعتُقِلَ أو حُوكِمَ شخص من هذه الجماعة في قضية لها علاقة بالإرهاب أو الجريمة، يخرج أصحابه في مسيرة أو ما شابهها للمطالبة بالإفراج عنه ؟

 

إنها "السِّيبَة " بعينها، حيث يسمح البعض لنفسه بالتصرف خارج أي إطار شرعي أو قانوني، ويفرض ما يريد على المجتمع غير آبِهٍ بسوءات عمله .

 

مثل هذا العمل يحدث في بلدان ليس فيها مؤسسات ولا أجهزة مختصة، ولا تنظيمات أو هيآت، أو في مجتمعات لم تبلغ بعد الحد الأدنى من التنظيم والتحضر والتمدن، أو في أوساط تعيش في الدرك الأسفل من الانغلاق والانحطاط … وهو ما لا ينطبق على الدولة ولا على المجتمع في المغرب الذي قطع أشواطا كبيرة في مجال التأطير القانون، ويتطلع إلى المزيد من إِعْمال وسائل الحكامة والتدبير الجيد والمسؤول في سائر الميادين والمرافق.

 

لكن هذا كله لن يتم إلا بتضافر جهود جميع أبناء الوطن من أجل الرقي به.. خاصة أن المغرب منخرط ومنهمك في تنفيذ أوراش كبرى تتطلب المزيد من التعبئة والالتزام واليقظة..

 

إن ما قام به هؤلاء الناس عمل مرفوض في الأساس، لا يقبله دين ولا شرع ولا عُرْف ولا عقل سليم، ويتطلب الأمر مواجهته بالجِدِّيَة المطلوبة. ونظن أننا في دولة وليس في غَابٍ يمكن لأي كان أن يفرض قانونه ومشيئته على الآخرين .

 

في هذا الصدد، لا بد من التذكير بأن اختبار القوة أو استعراض العضلات بدأ بسلسلسة تمردات قام بها منتمون ل "السلفية الجهادية " في بعض السجون، وكذا باستغلال أية مناسبة للخروج من أجل" الإحراج". وما حدث في طنجة مثال لهذا الوضع الذي يريد البعض أن يركب عليه ..

 

نعم للتظاهر والاحتجاج المعقول في إطاره المعقول، ونعم للتعبير عن المطالب والرغبات بشكل حضاري وسلمي في إطار القانون، لكن أن يتم تحويل الشوارع والفضاءات إلى ميدان للاشتباك والمواجهة أو المعارك لإعطاء صورة مغلوطة أو توجيه رسالة ما لجهة ما عن حقيقة الوضع ببلادنا، فلا بد لهؤلاء الناس أن يفهموا أنهم أخطأوا الطريق، وأنهم في غَيٍّهم يعمهون .

 

في نفس الوقت، نظن أن الحكومة أخطأت في تعاملها مع هذه العناصر، تارة بغض الطرف عن الضغوط التي مارسوها ويمارسونها ضدها وضد المجتمع وضد الدولة، وذلك من خلال تجاوزاتهم المتكررة، ومن خلال إعلان تمرد بعض أفراد هذه الجماعة؛ وتارة بتساهل الحكومة الكبير حين تترك الحابل على الغارب لأناس لا يترددون في الخروج على أي شيء، فقط لأن جماعتهم لا تقبل بذلك .

 

لابد من إعادة النظر في إجراءات العفو وإطلاق السراح التي لا تنفع مع البعض أو قد يعتبرها جبنا وخوفا من الدولة.

 

إن بناء المجتمعات، والعمل على تطويرها وتنميتها وتقدمها، لا يمكن أن يكون بالعنف أو التشدد، بل بالحوار والنقد والنقد الذاتي، والانخراط في مسلسل البناء الذي يتطلب مشاركة الجميع، وبالتزام الذود عن مصالح وقضايا الوطن .

 

شيء واحد ينبغي أن يعرفه القاصي والداني هو أن المغاربة يرفضون الإرهاب، وقد عبروا عنه بكل قوة ووضوح في أكثر من مناسبة، كما أنهم ضد التشدد والتطرف الذي ليس له مكان في المغرب الذي لا يريد الرجوع إلى الوراء .

 

فما رأي السيد بنكيران في الاعتداءات على رجال الأمن بطنجة؟

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar