مناورات البرلمان الأوروبي..محاولات مكشوفة لإفساد الشراكة المغربية الأوروبية

يتعرض المغرب في الآونة الأخيرة لحملة إعلامية شرسة، من قبل بعض الدوائر السياسية داخل أوروبا في إطار ما يسمى بقضية “قطر غيت”، حيث تحاول جهات معادية الترويج لمزاعم بوجود تدخلات مغربية للتأثير على قرارات البرلمان الأوروبي، بشأن بعض الملفات على رأسها قضية الصحراء المغربية، والاتفاقيات التجارية، وقضايا حقوق الإنسان.
وبينما يعتز الاتحاد الأوروبي بعلاقته بالمغرب معتبرا إياها نموذجًا للنجاح في الجوار الجنوبي لأوروبا، وهو ما أكده نائب رئيس المفوضية الأوروبية “جوزيب بوريل” خلال زيارته للمملكة مطلع الشهر الحالي، إلا انه وللأسف فقد بات من غير المفهوم وجود مناورات تحاول التشويش على هذه العلاقات المتميزة، وتعمد بعض الجهات عرقلة الدينامية الايجابية التي تشهدها الشراكة المغربية الأوروبية بشكل ليس له أي مبرر منطقي غير إضعاف وتشويه سمعة هذه العلاقة المتميزة داخل البرلمان الأوروبي.
وبالرغم من وجود علاقات عريقة وعميقة لعبت جميع المؤسسات والجهات الفاعلة داخل المغرب والاتحاد الأوروبي دورا مهما لترسيخها، وحيث تبلورت إلى اتفاقيات إستراتيجية شملت التبادل التجاري وتصدير المنتجات الفلاحية المغربية، والاتفاقيات الجوية والعلمية واتفاقية الصيد البحري، إلا أن هذه العلاقة المتميزة لم تسلم من بعض الممارسات المريبة التي تقع داخل البرلمان الأوروبي، والتي بات من الواضح أنها تستهدف بشكل مباشر وصريح الشراكة المتميزة وتحاول بشكل مستمر جر أوروبا إلى منزلق خطير يضرب في صميم هذه العلاقة المتينة.
وفي هذا الصدد كان المغرب محط 112 سؤالاً برلمانياً منذ بداية هذا التشريع، و 18 محاولة تعديل خلال سنة 2022 و 4 محاولات قرارات في عام 2022، بما في ذلك قرار واحد تم اعتماده في عام 2021 على خلفية حدث اقتحام المهاجرين لمدينة سبتة المحتلة، علاوة على محاولتين لترشيح أفراد لا علاقة لهم بحقوق الإنسان لجائزة ساخاروف، من بينها المدعو عمر الراضي وحرية الصحافة، كما تم إلغاء 3 قرارات لسنة 2022 وحدها، وهي كلها خطوات استفزازية ومحاولات خطيرة للتدخل في الشؤون الداخلية للمغرب، أقدمت على تمريرها جهات داخل المؤسسة التشريعية الأولى لأوروبا، لجر هذه الأخيرة إلى معترك خطير يهدد سلامة ومتانة العلاقات المغربية الأوروبية، بشكل يمس بمبادئ الثقة والشفافية والاحترام المتبادل وحسن الجوار التي تعتبر القاعدة الأساسية التي مكنت من إقامة هذه الشراكة الإستراتيجية العريقة.
وفي تعارض تام مع ما تقتضيه مبادئ الاحترام المتبادل الذي من المفترض ان يطبع هكذا علاقات دولية، فقد تحول المغرب الى هدف مستمر من قبل دوائر معينة تعمل داخل البرلمان الأوروبي على خدمة أجندة خفية، وهي نفسها التي تقوم اليوم بشن حملة عدائية مبغضة ضد المملكة، مسخرة في ذلك أذرعها الإعلامية في محاولة مفضوحة لإشراك البرلمان الأوروبي في مبادرات معادية للمغرب، والتي من ضمنها تقرير تنفيذ السياسة الخارجية والأمنية المشتركة 2022 للاتحاد اعتمده البرلمان الأوروبي أمس الأربعاء 18 يناير 2023، والذي جاء بشكل يفضح تحيزا وتحاملا كبيرين لا يمكن تجاهلهما، بل ويعكس مظاهر التجاوزات والانتهاكات الخطيرة لمبادئ الديمقراطية ولسمعة المؤسسات الفاعلة داخل الاتحاد الأوروبي.
ولتجنب هذه الحملات المغرضة لطالما دعا المغرب إلى العمل في إطار مؤسساتي مشترك بما في ذلك داخل البرلمان الأوروبي، وإلى تعزيز دور اللجنة البرلمانية المشتركة “CPM” لتجنب تدخل الأطراف الخبيثة في الأمور المتعلقة بالعلاقات بين المغرب والاتحاد، لكن حقيقة واضحة تأكدت خلال هذا المجلس التشريعي، وهي أن جهات داخل هذه المؤسسة الأوروبية ترفض عمل اللجنة البرلمانية المختلطة، ولعل المماطلة الحاصلة من الجانب الأوروبي لعمل هذه اللجنة دليلا قاطعا على أن هناك من يتعمد إفساد العلاقات المغربية الأوروبية، لاسيما وأن هذه اللجنة البرلمانية المشتركة هي الآن جاهزة للتعامل مع جميع الموضوعات المتعلقة بالمغرب وشراكته مع الاتحاد الأوروبي.
وعلى هذا الأساس فما يجب على الأوروبيين التأكد منه هو ان المغرب يرفض أن يتم ابتزازه عن طريق شن هذه الحملات الإعلامية السياسية البغيضة وغير المبررة، والتي تنضاف إلى اعتماد البرلمان الأوروبي لتدابير وقرارات عدائية سيكون لها الوقع الخطير على العلاقات الإستراتيجية التي استغرق بناؤها عقودا طويلة من الزمن، لأن هذه المناورات، التي يظنون أنها تخيف الدولة المغربية، ستُساهم في تعزيز التلاحم الوطني حول النموذج التنموي والخيارات السياسية للمغرب.
تابع آخبار تليكسبريس على akhbar