مناورات البرلمان الأوروبي.. المغرب يرفض دفع فاتورة تدفئة الفرنسيين من رصيد سمعة مؤسساته

نشر في: آخر تحديث:

تتواصل في المغرب ردود الأفعال الرسمية المنددة والرافضة للخطوة العدائية غير المبررة التي أقدم عليها البرلمان الأوروبي، عقب مصادقته على تقرير “مخدوم” يسيء بشكل خطير إلى الشراكة بين المغرب والإتحاد الأوروبي، ويهدد بنسف الثقة التي تقوم عليها العلاقات المتينة بين المملكة وأوروبا.

ففي رده على التدخل السافر في الشؤون الداخلية للمغرب من قبل البرلمان الأوروبي، قرر البرلمان المغربي بغرفتيه إعادة توجيه دفة العلاقات مع نظيره الأوروبي، وإجراء تقييم شامل لها تمهيدا للإعلان عن قرارات جديدة وصفها المغرب بالمناسبة والحازمة.

وفي هذا الإطار، قرر البرلمان المغربي تبليغ نظيره الأوروبي بالمواقف والمداخلات الرافضة والمنددة لمضامين التقرير المسيء للمغرب، والذي يعكس خبث حملة التشهير المغرضة التي تتعرض لها المملكة المغربية من قبل دوائر سياسية فرنسية ناقمة على القوة المتصاعدة للمملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي، والتي دأبت خلال الفترة الأخيرة على تسخير بعض المؤسسات الأوروبية لخدمة أجندة الدولة الفرنسية العميقة، وذلك بتمويل من عائدات الغاز الجزائري.

هذا، وقرر برلمان المغرب تبليغ نظيره الأوروبي بالقرارات التي سيتم اتخاذها للتصدي الحازم للتوصيات غير المقبولة التي أوردها التقرير الأوروبي، الذي أجهز على منسوب الثقة بين المؤسستين التشريعيتين المغربية والأوروبية ومس في الصميم بالتراكمات الإيجابية التي استغرق إنجازها عدة عقود.

وجاء إعلان البرلمان المغربي، الذي يمثل مختلف مكونات الأمة ليؤكد صلابة وإجماع الموقف الوطني الحازم، الذي عبرت عنه جل المؤسسات والهيئات الرسمية والمدنية المغربية التي صرخت بصوت رجل واحد بوجه التزييف الخطير والتحامل الفج، الذي أبان عنه البرلمان الأوروبي بعد أن انخرط بشكل غير مقبول في أجندة معادية للمغرب تغذيها أوساط إعلامية وسياسية فرنسية حاقدة على المغرب، يتم تمويلها بورقة البيترودولار الجزائري، بهدف جر المؤسسة التشريعية الأوروبية لتغطية على التموقع الفرنسي داخل المنطقة الرمادية التي سبق وأنه حذر جلالة الملك محمد السادس نصره الله من مغبة التعاطي مع المغرب إنطلاقا منها.

هذا الانزلاق الخطير الذي ذهب بالبرلمان الأوروبي إلى التحول بشكل مُخَيِّب إلى أداة للبروباغاندا الرخيصة التي تحركها من خلف الكواليس خيوط فرنسية، همها الوحيد تصفية حساباتها الجيواستراتيجية مع المغرب، بدون أي مراعاة لخطورة الإنحراف بالمؤسسة التشريعية الأوروبية لتحيد عن مبادئ إحترام سيادة الدول وتكريس حقوق الإنسان التي إتحدت لإقرارها دول القارة الأوروبية، وهو الأمر الذي لايهدد فقط عمق الشراكة الإستراتيجية بين المغرب و أوروبا، وإنما يطرح بالدرجة الأولى تساؤلات محرجة لجدوى إقامة هذه الشراكة مع إتحاد قاري لا تحترم أكبر مؤسساته الرسمية القيم الإنسانية، والمواثيق الدولية التي تؤطر العلاقات بين الدول.

إن حزم الموقف المغربي ورفضه القاطع وإدانته الشديدة لمحاولة الأذرع الفرنسية داخل البرلمان الأوروبي إقحام هذه الأخيرة في حملة مغرضة تسيء إلى المؤسسات الأمنية والقضائية وإلى واقع حقوق الإنسان في المملكة، هو موقف يجسد دفاع مختلف مكونات الأمة المغربية عن الإنجازات الكبرى والأشواط المهمة التي قطعتها المملكة في سبيل ترسيخ مبادئ حقوق الإنسان والدفاع عن حرية التعبير والرقي بالمعيش اليومي للمجتمع، لكونها تراكمات تم تحصيلها انطلاقا من تضامن وطني شامل لمختلف مكونات الأمة المغربية، خلف توجيهات و مبادرات وأوراش أطلقها جلالة الملك محمد السادس في إطار مسلسل البناء الديمقراطي والمؤسساتي والمجتمعي الذي إختاره المغرب ليكون محور مجهودات الدولة، والذي يبدو أن تخلف جيران المغرب في الشرق عن الإلتحاق بهذا الركب المتفرد إقليميا وقاريا، جعل الدولة الفرنسية العميقة التي تعتبر عراب النظام العسكري الجزائري، تستنفر أذرعها السياسية والإعلامية والحقوقية، لفرملة وثيرة التطور في المغرب، بحثا عن تحقيق توازن جيواستراتيجي إقليمي يضمن استمرار بقاء المصالح الفرنسية بإفريقيا.

وعليه، فإن الأوروبيين اليوم يجب أن يستوعبوا جيدا أن المغرب لن يقبل بأن تكون صورة إنجازاته الحقوقية والديمقراطية والتنموية ثمنا لتقاعس وفساد الطغمة العسكرية الحاكمة في الجزائر، فلا ذنب للمغرب إن كان تخلف جاره الشرقي يضعف نفوذ فرنسا بالمنطقة، وإذا كان البرلمان الأوروبي يبحث حقا عن خدمة مبادئ حقوق الإنسان وحرية الرأي في شمال أفريقيا، فعليه أولا بمخاطبة الأوليغارشية العسكرية التي صنعتها حكومة ڤيشي في شمال أفريقيا والتي حولت مساحة شاسعة مستقطعة من دول الجوار إلى سجن كبير إسمه الجزائر، أما المغرب فلن يقبل بدفع فاتورة تدفئة الفرنسيين من رصيد سمعة مؤسساته.

اقرأ أيضاً: